يقول الله تعالى في محكم تنزيله في سورة البقرة : (إن الله يحب المحسنين) فمن هم المحسنون وبِمَ نالوا شرف محبة الله تعالى لهم ، يقول المفسرون :إن المحسنين هم الذين أحسنوا العمل مع الله تعالى وأحسنوا العمل مع خلق الله ، أما إحسان العمل مع الله تعالى : فهو القيام بما أمرهم به مع الإخلاص له وصدق التوجه إليه ، وأما إحسان العمل مع المخلوقات فهذا مطلوب في كل شيء ، ومنه البر والعفو والفضل والمعروف إلى العباد، يقول الحق جل شأنه في سورة آل عمران : (الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) يعني : أن من اتصف بتلك الصفات فهو محسن ، والله تعالى يحب المحسنين ،وبذلك يدخل المحسن في دائرة محبة الله تعالى ، ونعم هذا الشرف الأكبر ، فقد أخرج الإمام البيهقي عن الإمام السجَّاد زين العابدين علي بن الحسين أن جارية جعلت تسكب عليه الماء يتهيأ للصلاة ، فسقط الإبريق من يدها على وجهه ، فشجه،فرفع رأسه إليها،فقالت له:إن الله تعالى يقول:(والكاظمين الغيظ) فقال : قد كظمت غيظي، قالت: (والعافين عن الناس) فقال : قد عفا الله عنك ، قالت : (والله يحب المحسنين) فقال : اذهبي فأنت حرة. يقول الشيخ الإمام عبدالله سراج الدين:ومن أعظم الإحسان حسن الخلق مع جميع العباد،فقد أورد الإمام الترمذي في الجامع الصحيح عن أبي ذر قال:قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : اتق الله حيثما كنت،وأتبع السيئة الحسنة تمحها،وخالق الناس بخلق حسن . يقول الحق جل وعلا في سورة النحل:(إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) قال عليٌ رضي الله عنه: العدل: الإنصاف ، والإحسان: التفضل. وقال ابن مسعود رضي الله عنه:أجمع آيات القرآن للخير هذه الآية لأنها جمعت كل الفضائل التي يمكن أن تكون في القرآن الكريم. وقال سفيان بن عيينة:العدل في هذا الموضع:هو استواء السريرة والعلانية من كل عامل لله عملاً ، والإحسان:أن تكون سريرتك أحسن من علانيتك. فالإحسان من أفضل منازل العبودية؛بل هو حقيقتها ولبها وروحها وأساسها، وهو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. فؤاد دقس