بعيدا عن الحرب الطاحنة والصراع الدائر حول من هو النجم الأول في السباق الرمضاني، وأخص بالذكر محمد رمضان، الذي لا يشغل نفسه بجودة مسلسله من عدمه، بقدر ما يشغله اللقب الأول الذي يمنحه هو لنفسه حتى لو كان "بالعافية" أو "بالإكراه". وبعيدا عن كل ذلك وبلا أي ضجيج مسبق من صناع العمل استطاع مسلسل "طايع" ومنذ أول يوم عرض، أن يجذب ملايين المشاهدين لمتابعته والإعجاب به، فالمسلسل بحق وبفضل النص المكتوب بعناية شديدة من جانب كتابه الأشقاء الثلاثة آل "دياب" محمد وشيرين وخالد، الذين أجادوا في صياغة الحلقات بشكل سريع وبعيد عن المط والتطويل، الذي تعاني منه معظم مسلسلات رمضان، كما جاءت الأحداث بشكل مثير وتشويقي جعلت المشاهد يلهث وراء كل حلقة للحاق بأحدث المستجدات عليه. ويتناول المسلسل قصة الشاب طايع خريج الطب دون أن يمارسه بسبب الثأر من قتلة أبيه، والذي تلح أمه بالأخذ به، بينما هو رافض تماما لموضوع الثأر من أساسه، ولكن ودون رغبة منه يجد نفسه ملاحق من عدة جهات أولها أسرة جابر الذين يريدون الثأر منه. ثم وعلى جانب آخر هناك الضابط سراج، الذي يجنده للإيقاع بتاجر الآثار حربي، الذي ينجح كل مرة في الإفلات من أكمنة الشرطة المنصوبة له، بسبب مساندته من بعض كبار المسئولين، وعندما يعلم حربي بعمل طايع مع الشرطة يقوم بقتل شقيقه الأصغر فواز، ومن بعده حبيبته وزوجته مهجة. نجاح المسلسل جاء نتيجة تغلغله في عالم الصعيد كما ينبغي، كما نجح أيضا بسبب تسليط الضوء بشكل كبير على مافيا تجارة الآثار، والذي لولا مساعدة عدد من كبار المسئولين لهم لما استطاعوا أن ينفدوا بأفعالهم الإجرامية، ولعل طرح هذا الموضوع تحديدا قد جاء في وقته لكونه يتماشي ما نعيشه الآن ونعانيه تجريف لآثارنا وتهريبها بهذا الشكل المخيف. التمثيل يأتي دوما علي رأس قائمة أهم عناصر النجاح لأي عمل، وهذا بالضبط ما حدث مع "طايع" الذي كان من أهم أسباب نجاحه، تفوق أبطاله علي أنفسهم في أداء أدوارهم وعلى رأسهم عمرو عبد الجليل، والفنانة الكبيرة سهير المرشدي وباقي الأبطال، أما المفاجأة بحق فكانت في الأداء المبهر للشاب الصغير فواز أو "داش" الذي أبكى الملايين عند وفاته، كما تصدر مشهد موته أعلى "تريند" على تويتر، وصبا مبارك أيضا أجادت هي الأخرى، وأبدعت في دور "مهجة"، لدرجة جعلت الجماهير تتعاطف معها بالدعاء لإنقاذها من براثن حربي، ونسوا أنه مجرد مسلسل وليس حقيقة. ثم أبكتنا بعدها مرة أخرى وبحرقة عندما قام حربي بقتلها، وتصدر هذا المشهد أعلى تريند. كان عمرو يؤسف بحاجة لمثل هذا المسلسل الكبير ليعيد إليه نجاحه الساحق في جراند أوتيل، بعد إخفاقه العام الماضى، ويرجع الفضل في هذا للإخراج الرائع لعمرو سلامة، الذي نجح من خلال هذا المسلسل فى أن يثبت وجوده في أول تجاربه بالدراما التليفزيونية. بالتأكيد كانت هناك بعض الملاحظات السلبية على المسلسل، ومن أهمها مشاهد القتل والدم الذي سال بغزارة بشكل مقزز وعنيف، كما لم تكن موفقة كثرة الأحداث وتلاحقها، والتي بدلا من أن تفيد المسلسل أضرته، لأنها كانت على حساب البناء الدرامي، فجاءت بدون منطق وبلا أي مبرر درامي مقنع، لكن ومثلما تعودنا دائما أن نتغاضى عن أي سلبيات طالما كان العمل متميزا بصفة عامة، وطايع ينطبق عليه هذا، لذا يمكن أن نعتبره هو وحده وليس هناك غيره ونضع تحته عدة خطوط، من عبر بحق عن عالم الصعيد، ويكفى أيضا أنه نجح في إعطاء البريق والجاذبية لدراما الصعيد، ليعيد إليها أمجادها السابقة. [email protected] لمزيد من مقالات علا السعدنى;