مروة البشير : مر رجل علي أبي الدرداء الصحابي الزاهد رضي الله عنه فوجده يغرس فسيلة من النخيل, وهو في شيخوخته وهرمه, فقال له: أتغرس هذه الفسيلة وأنت شيخ كبير, وهي لا تثمر إلا بعد أعوام كثيرة؟!, فقال أبو الدرداء: وما علي أن يكون لي أجرها, ويأكل منها غيري. يقول الدكتور محمد محمد داوود استاذ الدراسات اللغوية والإسلامية بجامعة قناة السويس إن هذا الموقف يظهر أهمية إعلاء قيمة العمل حتي آخر العمر, فهذا شيخ هرم يشتغل بغرس الشجر وفلاحة الأرض, فهو يضيف لمجتمعه قوة إنتاجية مدخرة للأجيال القادمة, ولم يرض الشيخ الهرم أن يكون عبئا علي مجتمعه,أو أن يكون بين المستهلكين الذين لا حظ لهم في إنتاج أو عمل, وبمثل هذه الهمم والروح العالية من العمل حتي آخر لحظة من العمر تتقدم وترقي المجتمعات وتتحقق عمارة الأرض, وهذا ما يؤكده قول النبي صلي الله عليه وسلم:( إن كان بيد أحدكم فسيلة فاستطاع أن يغرسها قبل أن تقوم الساعة, فليغرسها, فله بذلك أجر), وهكذا نري الأمر الصريح من الرسول صلي الله عليه وسلم يغرس فسيلة النخيل التي لا تثمر إلا بعد سنين, والقيامة في طريقها أن تقوم. ويوضح الدكتور محمد داوود أن الفسيلة هنا إشارة لكل عمل نافع يشتغل به الإنسان, فينبغي أن لا يدع الإنسان عمله حتي آخر لحظة من حياته, حتي إذا وقع أمر الله وكانت الوفاة كان أجره علي الله عز وجل, وقد أعلي الإسلام من قيمة السعي والعمل من أجل الأبناء والآباء, فقد مر النبي صلي الله عليه وسلم علي رجل فرأي أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم من جلده ونشاطه, فقالوا: يا رسول الله, لو كان هذا في سبيل الله؟, فقال الرسول صلي الله عليه وسلم: إن كان خرج يسعي علي ولده صغارا فهو في سبيل الله, وإن كان خرج يسعي علي أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله, وإن كان خرج يسعي رياء أو مفاخرة فهو في سبيل الشيطان.