التوكل على الله، إحدى القضايا الإسلامية ويحدث خلط عند البعض بين التوكل والتواكل، فالبعض يأخذ بالمعنى الظاهر والعمل عندهم لا يأخذ جديته ومقاييسه الدنيوية ويتركون كل شيء لقدر الله. ولقد تحدث الشيخ الشعراوى - رحمه الله - عن هذا قائلاً: إن الله يوفر لنا أسباب الرزق فى الأرض ، والإنسان عنده أمران الأول أن يعمل لكى يصل إلى الرزق وهذا أمر صريح، والآخر ألا يتجاهل قدرة الله وقدره والذى يعطيه رزقه من حيث لا يحتسب أو يدرى. ويضرب لنا مثلاً قصة السيدة هاجر رضى الله عنها عندما تركها نبى الله إبراهيم عليه السلام فى صحراء جرداء، وعندما علمت أن هذا أمر الله قالت:”إذن لن يضيعنا”، وآمنت أن هذا أمر الله وامتثلت له، إلا أن هذا لم يمنعها من السعى بين الصفا والمروة حين عطش وليدها لتبحث عن الماء، وكان يكفيها مرة واحدة لكى تثبت لنفسها أنها عملت وأخذت بالأسباب لتهتدى للماء ولكنها اجتهدت فى سبعة أشواط وربما واصلت السعى إذا لم يدركها التعب. ويوضح الله لنا هنا حكمتين فلو أنها وجدت الماء وهى تسعى لكانت الأسباب هنا وحدها تكفى ولكنه أراد أن يبين لنا انه رغم اليقين بأن الله سيجد لنا مخرجا فان السعى والعمل واجب، أما الحكمة الثانية فإنها بعد أن قامت بهذا المجهود وجدت الماء تحت قدمى طفلها وكأن الله أراد أن يقول لها أنت سعيت وعملت ما فى جهدك وأنا لم أضيعك وأخرجت لك الماء بضربة من قدم طفل وليد، ومن هنا فان التوكل هو عمل القلب وليس عمل الجوارح.