فى اوج أزمة اللاجئين عام 2016 دعت فرنساوالمانيا لإقامة مراكز لاستقبال اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين فى دول البحر المتوسط مثل ليبيا وتونس ومصر التى ينطلق منها هؤلاء فى رحلاتهم الخطيرة نحو اوروبا، وهو مقترح قوبل بانتقادات المانية شديدة وتم تشبيه هذه المراكز بأنها معسكرات اعتقال للاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، لإبعادهم عن الشواطئ الأوروبية. ورغم تراجع أعداد المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط نحو إيطاليا ومالطا إلا ان عصابات تهريب البشر النشيطة لا تتوقف عن محاولاتها ولا يزال تيار المهاجرين يتدفق على السواحل الإيطالية تحديدا فضلا عن عشرات ومئات الضحايا الذين يموتون غرقا كل يوم.. كما ترصد منظمات حقوقية دولية. ووفقا لمعلومات الحكومة الألمانية فإنه خلال الفترة من 2015 وحتى 2017 بلغ عدد الذين سلكوا هذه الطرق البحرية الخطرة انطلاقا من السواحل المصرية نحو إيطاليا نحو 24 الف شخص، ما دفع الحكومة الألمانية فى أغسطس الماضى لتوقيع اتفاقية للتعاون فى مجال الهجرة مع مصر، تهدف اساسا لمكافحة الهجرة غير الشرعية والتصدى لعصابات التهريب انطلاقا من الشواطئ المصرية وإعادة المصريين الذين سلكوا طريق الهجرة بشكل غير قانونى إلى المانيا، التى يتوجه لها معظم المهاجرين غير الشرعيين بعد وصولهم البر الأوروبي. ومنذ ايام قدمت الحكومة الألمانية شرحا وافيا فى البرلمان لشكل التعاون مع مصر فى ملف الهجرة، حيث اوضحت ان مصر لا تعتزم إقامة مركز لاستقبال اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، ولكن التعاون مع ألمانيا لمواجهة تيار الهجرة غير الشرعية باتجاه أوروبا يسير فى اتجاهين: اولا تقديم استشارات للراغبين فى الهجرة إلى المانيا بشكل قانونى وثانيا وبالتوازى مع ذلك دعم السلطات المصرية لوجيسيتا وتدريبيا للتصدي لعمليات التهريب وتأمين الحدود والمواني والمطارات. على الصعيد الأول أعلنت الحكومة الألمانية فى البرلمان ردا على سؤال لحزبى الخضر واليسار، أن وزارة التعاون الاقتصادى والتنمية الالمانية تفتتح خلال العام الجارى فى مصر مركزا لتقديم الإستشارات للمهاجرين، وسيقدم المركز خدماته للمواطنين فى مصر الراغبين فى الهجرة إلى المانيا بشكل قانونى وللعائدين من المانيا أو الذين تمت إعادتهم من المصريين بسبب إقامتهم بشكل غير قانوني. مهمة هذا المركز تشمل توضيح مخاطر الهجرة غير الشرعية والتحذير منها من جهة وتوفير المعلومات عن مجالات وفرص العمل المتاحة فى السوق الألمانية وكيفية التقدم لها من جهة أخرى. وحسب الرد الحكومى الألمانى فإن المركز ستشرف على تأسيسه وإدارته الجمعية الألمانية للتعاون الدولى وأن المباحثات جاريةمع وزارة الاستثمار والتعاون الدولى المصرية لتأسيسه وسيتم لاحقا إعلان ميزانيته ويطلق على هذا المركز إسم»المركز الألمانى المصرى للعمل والهجرة وإعادة الإندماج» او يسمى إختصارا «مركز إستشارات الهجرة». من ناحية أخرى، أكدت الحكومة الألمانية أنها تدعم مصر من اجل وضع استراتيجيات لزيادة فرص ومعدلات التشغيل وخاصة بين الشباب وتدعم برلين وزارة الصناعة وهيئة تنظيم الإستثمار والشركات الخاصة ومنظمات المجتمع المدنى المعنية بدعم التعليم المهنى الذى توليه مصر والمانيا اهمية كبيرة لإيجاد افاق اقتصادية امام الشباب المصرى وفرص للعمل والتأهيل تجعلهم لا يغامرون بالهجرة بشكل غير شرعى للخارج. وتؤكد الحكومة الألمانية أن اتفاقية الهجرة مع مصر تهدف لتطوير التعاون التنموى وبناء نظام للتعليم المهنى المزدوج فى مصر على غرار المانيا وهو ما يتطلب تحسين مستوى التعليم والتدريب العملى فى المدارس المهنية وتجهيز هذه المدارس والورش ومراكز التعليم المهنى بدعم من القطاع الخاص والاعتماد بشكل اكبر على تقنية المعلومات وهو ما سيتم تمويله عبر صناديق لتمويل التعليم المهني. فى إطار التعاون الألمانى المصرى هناك دعم ألمانى ايضا لتحسين اوضاع اللاجئين العالقين او المقيمين فى مصر حيث تم تخصيص وبالتعاون مع الإتحاد الأوروبى ميزانية 20 مليون يورو لتمويل مشروعات تطوير البنية التحتية فى المناطق الفقيرة لتحسين الظروف المعيشية وتوفير فرص العمل فى هذه المشروعات فى محافظتى الإسكندرية والبحيرة حيث يعيش عدد كبير من اللاجئين والمهاجرين. هذا غير مساعدات إنسانية تقدمها المانيا فى إطار الأممالمتحدة للاجئين السوريين والفلسطينيين الذين يعيشون فى مصر. أما على صعيد التصدى للهجرة غير الشرعية، فالحكومة الألمانية تدعم الشرطة والسلطات المصرية لتأمين المنافذ الحدودية من خلال التدريب والتجهيز بالمعدات وتتشاور حاليا مع الجانب المصرى لتحديد حجم المعدات والدعم الذى يحتاجه لتحسين قدراته الإستراتيجية والعملية، كما يتم فى هذا الإطار تنظيم زيارات لوفود من الشرطة المصرية لألمانيا للتدريب وتبادل الخبرات. وحول ترحيل مهاجرين مصريين تواجدوا فى المانيا بطريقة غير شرعية، تقول الحكومة الألمانية انه حتى الآن لا توجد إجرءات متفق عليها مع الجانب المصرى لتحديد المصريين المطلوب ترحيلهم وإصدار وثائق سفر بديلة لهم خلال فترة زمنية محددة وستسعى الحكومة الألمانية للتوصل مع الجانب المصرى لتنظيم هذه الإجراءات بشفافية، مؤكدة انها قامت فى السابع من مارس الماضى بترحيل 9 مصريين من المانيا وإعادتهم إلى مصر بصحبة 35 شرطيا من الشرطة الإتحادية الألمانية وطبيب ومترجمة وتم تسليمهم لسلطات الجوازات المصري. وتؤكد برلين أنها عازمة فى إطار سياستها المشددة فى التعامل بحزم مع المهاجرين الذين لا تحق لهم الإقامة فى المانيا ولا تنطبق عليهم شروط اللجوء الإنسانى والقوانين الالمانية، وهى فى هذا الإطار تقوم بتسريع إجراءات ترحيل هؤلاء الأشخاص إلى بلادهم وتجرى مشاورات مع دول مثل تونس والمغرب والجزائر على سبيل المثال لسرعة إصدار وثائق سفر بديلة لهم بهوياتهم الأصلية ليمكن إعادتهم إلى بلادهم. ولكن برلين تقول انها تدعم برنامج الدعم المباشر وخدمات العودة الطوعية وإعادة الاندماج في مصر تحت رعاية منظمة الهجرة العالمية منذ اغسطس الماضى وقدمت بالفعل دعما للعودة الطوعية لمائة وثلاثة أشخاص. جدير بالذكر أن الحكومة الألمانية حددت فى ردها على السؤال البرلماني، عدد المصريين المقيمين رسميا فى المانيا فى عام 2017 بنحو ثلاثين الف مصري نصفهم اواكثر قليلا لديهم إقامات محددة. كما حددت عدد المصريين الذين يتعين عليهم مغادرة ألمانيا فى عام 2017 لأسباب تتعلق بالإقامة بالف وستمائة وخمسة وثمانين مصريا.