لا يمكن أن نفهم ما نحن مقبلون عليه ما لم ندرك أن المذبحة التي جرت ساعة إفطار رمضان لجنود وضباط مصريين كانت نتيجة تداخل ثلاث دوائر لا بد من فهمها. أولي هذه الدوائر هي سيناء نفسها التي تشكل البيئة الجغرافية والديمغرافية الحاضنة للجماعات الإرهابية. ورغم أن أهل سيناء كانوا ولا يزالوا هم الدرع الواقية لحدود مصر الشمالية الشرقية إلا أنهم لم يقابلوا إلا بالإهمال وعدم الاهتمام من قبل المصريين في الوادي. ولم يحدث تطور يذكر بعد حرب أكتوبر1973 إلا أن عدد الأغاني التي تشيد بتحرير سيناء قد زادت, كما أن الوعود والتقارير الخاصة بتنمية شبه الجزيرة تزايدت. ولكن الواقع بقي علي حاله من الناحية القانونية عندما تم حرمان أهل سيناء من حق الملكية المتاح لكل المصريين سواء لأراضيهم أو لمساكنهم أو لمشروعاتهم; ومن الناحية الإدارية والسياسية لم يحصل أهلنا بعد قناة السويس شرقا إلا علي القليل من المشروعات, والنادر من الموارد, والكثير من الشك والهواجس. وحتي عندما أنشأ النظام السابق' ترعة السلام' لري نصف مليون فدان داخل سيناء, إذا بالترعة يتم غلقها بعد التقاط الصور للرئيس وهو يقف فوق الماء المتدفق شرقا. دائرة سيناء لم يترك لها في الوسط والشمال إلا الفقر والفاقة ومعهما الدائرة الثانية وهي نمو الإرهاب. ولمن لا يعرف حتي الآن فإن أسامة بن لادن قد تم اغتياله وأصبح خليفته السيد أيمن الظواهري. ويقول لنا الخبراء إن الثاني كانت له وجهة نظر مختلفة عن الأول, فهو يري التركيز علي' العدو القريب'- أي نحن الدول العربية والإسلامية- بدلا من' العدو البعيد' أي الدول الغربية التي ثبت أن معاداتها تعني ثمنا فادحا وكثيرا من المشقة. النتيجة كانت أن إستراتيجية الظواهري قامت علي تشجيع جماعات السلفية الجهادية المشابهة لتنظيم القاعدة لكي تعمل في كل المناطق الفارغة من الأمن وسلطة الدولة فكان التمركز في شمال مالي وليبيا والصومال وشمال لبنان وسيناء, والآن يجري الانتشار في سوريا. وهكذا وصل الجهاديون أمام نظرنا إلي سيناء, وكانت البداية مجموعات من العمليات التمهيدية في طابا وشرم الشيخ ودهب, وبعدها التمركز وبناء البنية الأساسية في شمال ووسط سيناء وعبر الأنفاق في غزة حيث توجد معسكرات التدريب مع شبكة واسعة من عمليات تهريب السلاح الذي بات يفيض أنهارا من ليبيا والسودان والصومال وبكل الأنواع الحديثة التي باتت قادرة علي تدمير أقسام البوليس, والقيام بأكثر من50 عملية ضد وحدات عسكرية مصرية. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد