لم يتوقف الحديث المثار والجدل الدائر حول القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ورئيس كوريا الشمالية كيم جونج أون. وبالتأكيد لن يتوقف حتى عقد هذه القمة فى نهاية شهر مايو أو فى بداية شهر يونيو المقبلين. ما أعلنته بيونج يانج منذ أيام عن توجه لوقف التجارب النووية لقى ترحيبا حذرا فى الأوساط الأمريكية. بيونج يانج أرسلت إشارات إيجابية فى الفترة الأخيرة والرئيس ترامب وجد فى البعض منها تقدما مهما ومؤشرا لتقارب قد يحدث قريبا وفرصة للجلوس معا من أجل تسوية الأزمات القائمة وتحديدا نزع السلاح النووى الكورى وإنهاء التوتر الكامن فى منطقة شرق أسيا. لم يتم بعد تحديد مكان القمة قد تعقد فى دولة أوروبية مثل السويد أو سويسرا أو فى منغوليا بشرق آسيا. وقد تعامل مسئولو الإدارة بحذر وتحفظ مع ما أعلنته بيونج يانج عن نيتها وقف التجارب النووية. ولم يتردد من تعاملوا من قبل مع هذا الملف الكورى الشائك من الدبلوماسيين ورجال الاستخبارات الأمريكيين فى أن يبدوا شكوكهم تجاه جدية بيونج يانج فى الالتزام بوعودها. كما شددوا على أن طبيعة هذه الملفات الصعبة تحتاج الى وقت طويل وجهد كبير حتى يتم التفاوض حولها والوصول الى حلول بشأنها. ويتساءل المراقبون، خلال الجدل المثار حول هذا التقارب الأمريكى الكورى، هل لدى الرئيس كيم جونج أون النية أو التوجه للتنازل عن ترسانته النووية مقابل بناء اقتصاد بلاده؟ هل لديه استعداد لكى يتراجع نوويا من أجل فك الحصار الاقتصادى والمالى وإنهاء العقوبات الدولية المفروضة على كوريا الشمالية؟ والرئيس الكورى كما تم توصيفه دائما من جانب الدوائر الاستخباراتية الأمريكية هو «زعيم تظل دوافعه غير محددة» وبالتالى كيف سيتم التوصل معه الى ما تريده واشنطن وما تحدث عنه الرئيس ترامب مرارا وهو نزع السلاح النووي، خاصة أن هذا الأمر تحديدا رفضته القيادة الكورية تماما على مدى السنوات الماضية .. وحتى مع احتمال حدوث هذا الأمر المستبعد تماما ماذا سيكون الثمن المقابل لهذا التراجع أو التنازل من جانب بيونج يانج؟! وخلال المناقشات الدائرة حاليا فى واشنطن حول القمة المنتظرة والمرتقبة طرحت بعض الآراء والتوقعات جديرة بالاهتمام والتحليل: 1 إنها سوف تكون بداية مرحلة جديدة من العلاقات الأمريكية الكورية. ومعها قد تأتى إمكانية نهاية عداء طال لعقود طويلة ومواجهات سياسية وعسكرية حاولت تفادى المصادمة لأن عواقبها كانت ستكون وخيمة وجالبة للدمار فى المنطقة برمتها. 2 إن التوصل إلى صيغة اتفاق أو حلحلة حالة التوتر فى منطقة أقصى شرق آسيا يجب أن تشمل آلية أمنية عسكريةإقليمية تضمن أمن واستقرار المنطقة وأيضا مشاركة دول المنطقة فى تحقيق هذه المنظومة وحمايتها. وواشنطن تعرف جيدا أن هذه المنظومة يجب أن تتضمن مشاركة كل من الصين واليابان وبالطبع كوريا الجنوبية. 3 صناع القرار الأمريكى والسياسات الأمريكية بخصوص ملفات كوريا الشمالية يدركون جيدا أن بيونج يانج تملك السلاح النووي، وواشنطن تدرك ذلك ومن ثم عليها أن تتعامل مع كوريا الشمالية على هذا الأساس. ويتابع المراقبون باهتمام بالغ تطورات التقارب الأمريكى الكورى خلال الأيام المقبلة، خاصة بمتابعة ماذا سيتم طرحه وكيف سيتم التعامل مع الملفات القائمة والقادمة حتى إتمام القمة. واشنطن تتشاور مع طوكيو وسول، وأيضا مع الصين من أجل تهيئة الظروف والأوضاع لكى تتناسب مع متطلبات تحقيق تقارب وإنجاز اتفاق سيوصف بلا شك فى حالة اتمامه بأنه إنجاز تاريخى. ما يلفت الانتباه فى التعامل مع الرئيس الكورى الشمالى أن الرئيس ترامب أرسل مدير السى آى ايه مايك بامبيو المرشح لتولى منصب وزير الخارجية الى بيونج يانج فى مهمة سرية لمقابلة الرئيس الكورى كيم جونج أون تمهيدا لعقد القمة بين كيم وترامب. وهذه الزيارة كانت فى نهاية الأسبوع المرافق لعيد القيامة. وكان معه فقط اثنان من رجال السى آى ايه. ولا شك أن اختيار بامبيو المقرب للغاية من الرئيس الأمريكى وزيرا للخارجية وأيضا اختيار جون بولتون مستشارا للرئيس للأمن القومى صارا عاملين أساسيين فى تحديد أولويات الخارجية الأمريكية فى هذه المرحلة وفى توجيه مساراتها الدبلوماسية. وجود كل من بامبيو وبولتون بالاضافة الى جيمس ماتيس وزير الدفاع فى دائرة قرار الرئيس يعطى مؤشرات وعلامات عن خيارات البيت الأبيض فى تحديد توجهاته وسياساته فى التعامل مع الملفات الدولية. وجدير بالذكر أن على مدى العقود الثلاثة الماضية قام بزيارة كوريا الشمالية ولقاء زعيمها قائمة قصيرة من المسئولين الأمريكيين ضمت مادلين أولبرايت عام 2000 كأول وزير خارجية أمريكى يزور كوريا بعد التقسيم. وبيل ريتشاردسون مندوب أمريكا السابق لدى الأممالمتحدة وله زيارات عديدة منذ بداية التسعينيات. وأيضا الرئيسان السابقان بيل كلينتون وجيمى كارتر بعد أن خرجا من البيت الأبيض، بالاضافة الى ريتشارد كلابر المدير السابق لجهاز الاستخبارات الوطنى وقد قام بزيارة سرية عام 2014 للإفراج عن بعض المحتجزين من الأمريكيين. وتضم هذه القائمة أيضا الواعظ الشهير فرانكلين جراهام ( وقد زارها خمس مرات على الأقل) ولاعب كرة السلة الشهير دينيس رودمان الصديق المقرب للزعيم الكورى كيم جونج أون.