ركود تام لحركة البيع والشراء في البازارات والمحال التجارية, وبلطجية وباعة جائلين يحتلون الميدان, هذا هو حال منطقة خان الخليلي وميدان الحسين. أهم المزارات السياحية في القاهرة التي هجرتها السياحة وكثير من الأيدي العاملة بحثا عن لقمة العيش, ويهدد استقرارها اليومي العديد من أعمال العنف والبلطجة, وكلمة السر كما يردد الجميع هوالأمن..ثم الأمن.. ثم الأمن. كرنفال من البشر من مختلف الجنسيات تختلط ألوان ملابسهم بألوان المعروضات المزركشة والجذابة في بازارات ومحال الخان التي دائما ما كان لها مذاق خاص وطرق عرض تحث رواد المكان علي الشراء. مشاهد أفتقدها تجار المنطقة الحيوية منذ اكثر من عام ونصف العام,. ليستقبلك اليوم في زيارتك للخان كم هائل من الباعة الجائلين يفترشون ميدان الحسين عارضين كل ما يخطر ببالك للبيع, بطاطا..بليلة.. لعب أطفال وغيرها. ينتشر بينهم عدد ليس بالقليل من البلطجية يقوم البعض منهم بتعاطي المخدرات علنا, علي مرأي ومسمع من المارة, وتتقدم فرشات المقاهي والمطاعم بطاولاتها لتحتل نصف الميدان يحميها بلطجية في وضع استعداد دائم للتعامل مع أي معترض, فالقانون السائد هنا هو القوة والبلطجة, وتحولت منطقة الحسين إلي ثكنة للبلطجية وموطن للفوضي طاردة للزوار والسائحين حتي في رمضان الذي أفسدت مشاهد العنف والبلطجة أجواءه في الخان. فهنا أشهر الأحياء الأثرية الإسلامية في مصر وأهم المقاصد السياحية.. يحوي الكثير مما يميز الحضارة المصرية والحرف التقليدية من تماثيل فرعونية و مشغولات من الصدف والنحاس والفضة والزجاج الملون والمطرزات والجلود والأحجار الكريمة, لكن اليوم التجار وأصحاب البازارات يستغيثون. أكثر من عام ونصف العام من الكساد والركود, كما يقول أحمد أحد أصحاب البازارات إن المشكلة بدأت منذ أيام الأزمة الاقتصادية العالمية لتشتد وطأتها وتحكم حلقاتها بعد الثورة وغياب السياحة التي تزامنت مع غياب الأمن, وقف حال وضيق عيش وديون متراكمة من إيجارات وضرائب وكهرباء عبر عنها تجار الخان وعمالته في عدة وقفات احتجاجية مطالبين بتنشيط السياحة وإيجاد دخول لهم وعودة الأمن والقضاء علي البلطجية و الباعة الجائلين الذين يحتلون الميدان. ورفعت لافتات.. واحد اتنين السياحة فين...عيش حرية عدالة إجتماعية..السياحة أهم من التوك توك يا ريس... انت فين يا عبد النور.. خان الخليلي مبقاش مستور. ويصف محمد طيب, أحد البائعين بالخان, حالهم بعد الثورة بأنه في الحضيض, فالسياحة كما يقول أصبحت نادرة بسبب غياب الأمن و فوضي الميدان وبلطجيته. ويتساءل: كيف يسير السياح وسط كل هذه الفوضي والبلطجة؟!, لقد أصبحنا أسوأ حالا من منطقة العتبة والموسكي. في حين تعجب محمد حسين من السؤال قائلا: لسه بتسألوا عن السياحة؟ الحمد لله أننا مازلنا نستطيع العيش, محمد هو واحد من بين عشرة عمال كانوا يعملون في أحد البازارات لكنهم هجروه جميعا بحثا عن مصدر رزق آخر ليتبقي هو وزميله أحمد, يقضون معظم يومهم في انتظار بضعة جنيهات يعودون بها إلي منازلهم واحيانا لا يجدون ثمن المواصلات التي تنقلهم إلي العمل. هجر العمالة, وانخفاض الإيجارات من20 ألف جنيه إلي7 و8 آلاف, وإغلاق بعض الورش لأبوابها..مظاهر مختلفة لما وصل إليه الحال في خان الخليلي. رفاعي أمين, مندوب إحدي شركات تصنيع المنتجات الفخارية, يقول: كنت أبيع للبازارات بما يصل قيمته إلي400 ألف جنيه شهريا لكنني اليوم لا أستطيع البيع بمائة ألف. ويضيف متمتا: حالنا في دمار...حسبي الله ونعم الوكيل, السبب الأمن ثم الأمن ثم الأمن. الأمن هو الحل محمد طيب يشرح الموقف بأن الشرطة لا تريد العمل, فهم يعلمون أماكن البلطجية ويرون متعاطي المخدرات علي النواصي ولا يفعلون شيء, فالشرطة هي عنوان هيبة الدولة, فكيف يمكن أن تستمر هذه المنطقة في غياب تطبيق القانون وسطوة الشرطة؟!. ولكن علي رغم شكوي الجميع من غياب دور الشرطة, يبدو وجود سيارات الأمن المركزي والعديد من عناصر الأمن واضحا في ميدان الحسين, لكن وجود يبدو أنه لا يمنع فرض سطوة البلطجية والباعة الجائلين وترويعهم للمارة في بعض الأحيان, كما توكد شهادات العديد من ابناء المنطقة وكذلك روادها. عمرو يوسف, أحد أصحاب البازارات, يؤكد أن الداخلية هي من تمتلك مفاتيح حلول مشكلات المنطقة, فالأزمة سببها الأمن..فكيف نتوقع ان يعود السائحون في ظل هذا الغياب الأمني.ويضيف: الشرطة تعاقبنا علي مواقفنا السياسية...بيقولولنا مش انتو جبتو الشيخ مرسي. ويناشد عمرو وزير السياحة والرئيس مرسي ورئيس الوزراء الجديد أن ينزلوا إلي الحسين ويروا بأنفسهم التعديات وأعمال البلطجة.. مقاهي وفرشات تلتهم الطريق, قائلا: لا أحد يحاسب أحد, فنحن نضطر للتدخل لفض الكثير من المشاجرات والمشكلات التي قد تنتهي بموتي وجرحي في بعض الأحيان. مؤكدا أنه يجب أن يطبق القانون علي الجميع.. وفي شارع الخان الذي كان يشغي كخلية نحل دائمة, يجلس أصحاب البازارات وشباب العمالة أمام المتاجر في حالة بطالة مستمرة, يتلمسون أي نية للشراء لدي المارة, يتحسرون علي أحوالهم, ويتساءلون: إلي اي مدي يمكنهم الصمود؟!. ويبدو المشهد محزنا في أيام رمضان التي كان خير موائدها يعم علي الجميع في الخان, ويشرح رجب رزق قائلا: الآن لا نستطيع تقديم وجبة الإفطار للعمال ونتركهم يعودون إلي منازلهم وقت الأذان مضيفا أنه كان يعود إلي بيته يوميا بربح علي الأقل الف جنيه, اليوم لو بعت بعشرة جنيهات يبقي رضا. رجب رزق و حمادة رزق وجمال علي, ثلاثة تجار يجتمعون يوميا في الحارة التراثية يناقشون أحوالهم, ويتعجب جمال من ان الرئيس قد ذكر في خطابه التوك توك ولم يذكر السياحة, مؤكدا أن هذه الأيام من يتمتعون برغد العيش هم البلطجية. ويقول حمادة رزق انه بعد تولي مرسي رئاسة الجمهورية بدأنا نشهد بعض ملامح الاستقرار وعودة السياحة لكن ما إن اتخذ قرار عودة مجلس الشعب حتي عاد الخان يتسول زواره من جديد. فالخوف والقلق هو الإحساس السائد لدي الجميع, ويضيف جمال: كنا نكسب10 آلاف جنيه في الشهر الآن محل بين7 ورثة قد لا يتوافر له500 جنيه. وعلي رغم قلق الكثيرين علي مستقبل مهنتهم ومصير منطقة أثرية وسياحية هامة وشعورهم بعدم التفاؤل, لانه لا يوجد امن ولا توجد سياحة و الأسعار ناركما يقول جمال علي, متسائلا: كيف سنستمر في فتح بيوتنا, من يعطينا اليوم لن يعطينا غدا, ربنا يستر, ويضيف جمال: يا ريت الريس يعمل حاجة وسوف نلتف جميعا حوله ونسانده إلا أن البعض الآخر مثل عمرو يوسف يحمل بعض الأمل في استمرار نشاط المنطقة وعودة السياحة لكن مع عودة الامن, قائلا: السياحة في مصر تمرض ولا تموت.