عندما كنت طالبة بالجامعة تقدم لخطبتي شاب ظننت أنه فارس أحلامي, وتمت الخطبة سريعا, ولاحظت أن والدتي حريصة علي أن تتركنا وحدنا لكي توفر لنا فرصة للتعارف والتقارب, خاصة أنني لم أكن أعرفه من قبل, وبالطبع أصبح الجو خاليا تماما لشاب وفتاة في عنفوان الشباب. الشاب لا يشغل تفكيره سوي ما يشاهده في الأفلام الإباحية, والفتاة تعيش في أسرة مفككة. الأم تعمل, والأب مسافر إلي الخليج, أما الأشقاء فكل منهم في جزيرة منعزلة ولا يشعر بالآخرين, ولم يشرح لها أحد طبيعة العلاقة مع الشباب, ولا ما يجب أن تنتبه إليه في علاقتها بهم, هكذا وجدتني أمام هذا الشاب بلا خبرة في التعامل, ولذلك استجبت لما طلبه مني, ووجدتني غير قادرة علي الابتعاد عنه, وتصورت أنه كل شيء في حياتي ومصدر الحب والعطف والاهتمام. وذات يوم رأت أمي هذا المشهد الغرامي فتجاهلته, ولم تقض علي السبب, وهو الخلوة بيننا, وشيئا فشيئا أصبحت مسلوبة الإرادة أمامه, ولم تعد لدي قدرة علي المقاومة, فلقد عشت حياتي في ظمأ عاطفي, وفي النهاية تزوجته وانتهت الزيجة بعد أشهر بالطلاق. إنني أكتب إليك رسالتي لكي تفهم كل فتاة أن اقتراب خطيبها منها لا يكون بدافع الحب إطلاقا, وإنما بدافع غريزة جنسية يريد أن يشبعها, فلو أحبها لحافظ عليها وعلي عفتها, فليحذر الجميع من ذئاب هذه الأيام! {{.. وأقول لكاتبة هذه الرسالة الخطبة هدفها التعارف بين الفتاة ومن تقدم لطلب الزواج منها في جو أسري, وليست للخلوة بينهما, كما فعلت أمك معك. والواضح أن هناك قصورا في تفكيرها, وليست لها خبرة بعواقب الخلوة بين شاب وفتاة في سن المراهقة, ولا يعني ما قد تتوهمه الأم بأن ابنتها مؤدبة وعاقلة ورشيدة أن تترك لها الحبل علي الغارب, فمن الضروري وجود طرف ثالث مع الفتاة مثل والدها أو شقيقها. وليس ما أحسست به تجاه خطيبك ظمأ عاطفيا, علي حد تعبيرك, وإنما هو سلوك سئ قد تتعرض له الفتاة في سن المراهقة. وأري في رسالتك صرخة تحذير مهمة لكي يتنبه الآباء والأمهات لما قد يحدث في فترة الخطبة بدعوي التعارف, وما يترتب عليه مما لا تحمد عقباه, وعليهم أن يرشدوا بناتهم إلي التصرف السليم الذي يحفظ لهن وجودهن وكرامتهن, فكلما تمسكت الفتاة بموقفها الرافض لعبث خطيبها زاد ارتباطه بها, وكبرت في نظره واطمأن إلي أنها الشريكة المثلي التي سوف تبحر معه بأمان في سفينة الحياة.