كان يجب على الرئيس ترامب قبل أن يوقع على قرار القدس عاصمة لدولة إسرائيل أن يقرأ التاريخ جيدا والذى يؤكد الهوية العربية لمدينة القدس الخالدة والتى تشهد عدوانا متكررا من الكيان الصهيونى منذ احتلال المدينة المقدسة عام 1967 وإلى اليوم من حرق المسجد الأقصى إلى تغيير الملامح الإسلامية للمدينة إلى حفر شبكة الأنفاق تحت المسجد الأقصى بغية الكشف عن آثار تثبت الهوية اليهودية المزعومة لمدينة القدس وباءت محاولاتهم بالفشل. ومن يدرس تاريخ هذه المنطقة دراسة مكثفة يجد أن مدينة القدس منذ تأسيسها إلى تاريخ احتلالها عام 1967 هى مدينة عربية خالصة..فالبداية كانت عام 3000 قبل الميلاد، حيث حدثت الهجرة الكنعانية من شمال الجزيرة العربية الى أرض فلسطين، واستوطنوا هذه المنطقة فهم أول من سكن أرض فلسطين وأول من بنى حضارة عليها وهم كلهم عرب، وكان الكنعانيون شعبا مسالما وكانوا مدافعين عن أنفسهم ولم يكونوا مهاجمين واشتهروا بالزراعة وبرعوا فى التعدين وصناعة الخزف والزجاج والثياب وفى فن العمارة. ويقول المؤرخ (فيليب حتي) إنه لم يعتن شعب سام بالغناء والموسيقى كما عنى به الكنعانيون. واليبوسيون هم الذين أنشأوا مدينة القدس وهم أحد بطون القبائل الكنعانية التى هاجرت إلى فلسطين عام 2500ق م وقد سميت المدينة باسم مدينة (يبوس) الذى ورد اسمها فى التاريخ المصرى القديم باسم (يابيث) أو (يابيثي) ويقع أطلال هذه المدينة فى الهضبة التى تدعى اليوم باسم (جبل صهيون). وفى عهد الملك اليبوسى الذى يعرف باسم (ملكى صادق) الذى حكم اليبوسيين خلال جزء من القرن العشريين ق. م تغير اسم المدينة إلى (أورشليم) أى مدينة السلام. وهكذا نجد أن مدينة القدس قد بناها اليبوسيون الكنعانيون وسكنوها مدة طويلة قبل مجيء العبرانيين، بل إن المصادر العبرية نفسها تعترف بأن إبراهيم الخليل عليه السلام حينما وصل إلى أرض كنعان (فلسطين) مهاجرا من موطنه (مدينة أور) بجنوب نهر الفرات وبصحبة زوجته سارة وابن أخيه سيدنا لوط وهى بداية وجود العبرانيين بأرض كنعان. كان يدفع ضريبة العشر إلى ملك القدس (ملكى صادق) نحو عام 1920 ق.م. كما ورد اسم أورسالم فيما يسمى بنصوص اللعنة وهى تتضمن أسماء البلدان والمدن والحكام الذين كانوا فى حالة صراع مع فراعنة مصر، ويرجع تاريخ هذه النصوص إلى عصر حكم الملك الفرعونى سيزوستريس الثالث ( 1842 1878 ق م )، كما ذكر اسم ( أورشليم) بعد هذا التاريخ بنحو خمسمائة عام فيما يعرف بألواح تل العمارنة، وهى عبارة عن ست رسائل أرسلها حاكم أورسالم (عبدى هيبا) إلى فرعون مصر إخناتون فى القرن الرابع عشر قبل الميلاد يطلب منه العون العسكرى للدفاع عن مدينة أورسالم، وذلك فى فتره تبعية أرض كنعان إلى مصر فى ذلك الوقت، ويضاف على ذلك أن اسم أورشليم بالذات ليست عبرية، وإنما هى تسمية كنعانية، حيث إن الألواح المكتشفة فى مدينة ( ايبلا السورية) القديمة التى تم تخريبها على يد الأكاديين قبل وصول العبرانيين إلى المنطقة بوقت طويل ذكرت وجود مدينه أورشليم فى المنطقة، بل إن التوراة نفسها تعترف بأن القدس غير عبرية، حيث ورد اسم القدس فى التوراة أحيانا باسم مدينة اليبوسيين. لمزيد من مقالات د. محمد رضا عوض