معهد العالم العربى فى باريس... مؤسسة ضخمة قائمة على ضفاف نهر السين أنشئت عام 1987،وافتتحها انذاك الرئيس فرانسوا ميتران والرئيس الجزائرى الشاذلى القليبى لتكون جسرا للتواصل ونافذة على العالم العربى من باريس. ويعد المعهد ثمرة للتعاون بين فرنسا واثنين وعشرين بلدا عربيا ويحتفل الآن بعيده الثلاثين، وبمناسبة انتهاء ترميم المكتبة التى أغلقت ثلاث سنوات وإعادة افتتاح وترميم المائتى والاربعين مشربية التى تزين واجهة المبنى ، كان هذا الحوار لإلقاء الضوء على المستجدات التى طرأت على المعهد خاصة بعد تولى الكاتب والمفكر السعودى د. معجب الزهرانى منصبه كمدير للمعهد منذ عدة اشهر .وفيما يلى نص الحوار: ما هو الوضع المالى للمعهد خاصة بعد غياب دعم كثير من الدول التى شهدت اضطرابات بسبب الربيع العربى؟. وضع المعهد ليس جيدا من هذه الناحية دون شك ، لكنه يتحسن بشكل عام وذلك بفضل مجموعة من المساعدات المقدمة من بعض دول الخليج وآخرها منحة مقدمة من دولة الإمارات وقيمتها 5 ملايين يورو، وقبلها 5 ملايين من السعودية، نحن نستفيد من هذه المبالغ فى عمليات الترميم والتطوير لعل أهمها تجديد المكتبة، وإعادة تشغيل مشربيات واجهة المعهد التى كانت معطلة من فترة طويلة. وبالعودة للدعم المادى فهناك ايضا تبرعات مشكورة من بعض المؤسسات الفرنسية والعربية، ولدينا ايضا مردود مادى بسيط من أنشطة المعهد، ومع ذلك تظل الميزانية السنوية المقدمة من وزارة الخارجية الفرنسية هى المرتكز الأساسى لميزانية المعهد. وما هى اهم الأنشطة الثقافية المطروحة على أجندة المعهد التى يعول عليها لجذب ومشاركة البلدان العربية ؟ المعهد عبارة عن مختبر أو خلية نحل لا تتوقف على مدار العام. فهناك أنشطة يومية وأسبوعية وشهرية إضافة للأنشطة الموسيقية والمسرحية وهى برامج ثابتة ومحددة مسبقا . ولدينا الان معرض مهم جدا عن «مسيحى الشرق» ورواده بالآلاف خاصة فى نهاية الأسبوع وهناك معرض اخر عن الكاتب المغربى الفرنسى المعروف الطاهر بن جالون ، ونحضر لمعرض كبير عن قناة السويس الربيع القادم ينتظر أن يكون ناجحا بكل المعايير . وما هى الأنشطة التى اضيفت للمعهد منذ توليت منصبك ؟ قمت بإضافة بسيطة هذا العام بإحياء كرسى ثقافى كان موجودا أصلا فى المعهد بداية التسعينات ثم توقف منذ عام 1994. وحينما وجدت شريكا ثقافيا معتبرا أحييته وأقمنا إلى الآن ثلاث ندوات ثقافية كبرى ، وفى الثالثة بدأنا فى تكريم شخصيات فكرية متميزة فكرمنا الفيلسوف الفرنسى ادجار موران المعروف بتسامحه ودعواته للتعايش . وفى اطارنفس البرنامج سيتم تكريم المستعرب أندريه ميكيل، ثم العالم والباحث المصرى المشهور رشدى راشد ومن بعده مصطفى صفوان وهو ايضا أستاذ فى علم النفس وله مشاركات معروفة جيدا على مستوى عالمى . وماذا عن اهم الإصدارات العربية بالمعهد؟. الآن بدأنا الخطوات الاولى فى إصدار مشروع (مئة كتاب وكتاب) وهو سيخصص لكبار الباحثين والمثقفين العرب والفرنسيين الذين اسهموا فى الحوار بين فرنسا والعالم العربى مثل طه حسين والطهطاوى والعروى ومحمد اركون وامثالهم وأرجو ان تتصل هذه الفاعليات بالمعارض المقامة بالمعهد. مهرجان السينما العربية يعد واحد من الأنشطة الهامة التى كانت تستقطب المهتمين بعالم السينما من داخل فرنسا وخارجها فهل تعتزمون إعادة هذا المهرجان ؟ لقد اتخذنا قرارا لإستعادة نشاط معهد السينما بالمعهد فى يونيو المقبل والمهرجان، وقد تحدثنا مع رئيس المعهد السيد جاك لانج وتم إقرار المشروع . للمعهد فرع اخر فى فرنسا..حدثنا عن احواله وهل من مشروعات اخرى على غراره ؟ بالفعل للمعهد فرع فى منطقة شمال فرنسا بمدينة صغيرة بجوار ليل اسمها «توركوان» والمدينة بها جاليات عربية ومغربية ومسلمة كبيرة ، وقد تم افتتاح هذا الفرع فى بداية 2017 وهو مستقل عن المعهد بباريس من حيث الادارة والنواحى المالية ولكن بيننا تنسيق على مستوى البرامج، وهو فيما يبدو يعمل بشكل متميز وحقق نجاحات كبيرة جدا، وقد يتم نقل بعض المعارض الموجودة فى المعهد اليه. هل تلمحون ثمة غياب للشباب العربى عن التواصل مع المعهد ؟ بالعكس انا أرى ان نسبة كبيرة من المشاركين فى المعهد من فئة الشباب والأطفال الذين يأتون بصفة أسبوعية لزيارة المعهد لان هناك برامج تربوية واخرى كتعليم اللغة العربية، وكذلك نجدهم حاضرين فى فاعليات المعهد الفنية الثقافية. ماذا عن مشروعات المعهد بالنسبة للغة العربية وماهى اهم المشكلات التى تواجهكم ؟ لدينا فى المعهد مركز للغة والحضارة العربية وقد اندهشت كثيرا عندما علمت ان عدد المستفيدين من هذا البرنامج 28 الف شخصا وذلك بالرغم من ان المعهد انشئ منذ منتصف التسعينات ولدينا مشروع مضينا فيه قدما لإعطاء شهادات مستوى فى اللغة العربية، والمعهد يعمل الان لإنجاز ذلك وإعطاء شهادة معتمدة للغة العربية . هل يمكننا إقامة شراكة بين معهد العالم العربى بباريس ومؤسسة الاهرام فى مجالات النشر والترجمة والندوات وغيرها؟ يسعدنا كل السعادة ان نقيم شراكة مع مؤسسة صحفية كبرى كالأهرام، وانا من الان سأهتم بهذا المشروع حتى يظهر الى النور، ولو اقتصرنا الان على هذا المشروع مع هذه المؤسسة المحترمة سيمثل لى مكسب كبير جدا اعتز به حتى أغادر المعهد.