الجدّ: أبدا لم يكن يفعل ذلك بآلية، ولا حتى بارتباط شرطى مع الاستيقاظ الصباحى من النوم (أقصد سقاية أُصص الزرع ووضع الطعام للقطة والسلحفاة والكتكوت). دائما فى أثناء فعله ذلك تأتيه كلمة سمعها من شيخ أزهرى فى برنامج تليفزيوني: اللهم إنى أفعل ذلك ابتغاء وجهك، يضيف الجد: برعاية وإطعام مخلوقاتك من نبات وحيوان وطيور وإحسان معاملاتهم. الجدّة: أو (ننّاه) التحريف الحديث أو تعثّر الأطفال فى قول كلمة (نينة). مائة كيلو جرام من اللحم الأبيض والدهن والعظام، كُتلة من عدم الانتباه. منذ عامين وطأت القطة الصغيرة، فعصتها حتى خرجت أمعاء القطة من دبرها، أتت الجد: هوّ أنا كده هتحاسب على إنى موتها؟ هو انتى كان قصدك؟ لأ.. ماهى اللى ماشية فى رجلينا الغفلة وعدم الانتباه ذنب.. سيئة.. والحسنات يذهبن السيئات. عادت ننّاه من السوق تحمل كيسا بلاستيكيا أسود مُخرما فى معظمه، تصدر منه صوصوة أنا اشتريت للواد كتاكيت.. الواحد بجنيه.. الراجل قاعد بيهم فى السوق مالى كرتونة هيموتهم آهو يفرح بيهم. كانا كتكوتان أصفرين لطاف الشكل، قام الجدّ بشراء ربع دشيشة ناعمة وإحضار كرتونة، تكفل بالرعاية والعناية والإطعام، ومع ذلك مات الكتكوتين تباعا، أحدهما من تفعيص الحفيد وخنقه من رقبته ووضعه على كف يده ثم إلقائه من علٍ إلى الأرض ومرض الثانى فمات. الحفيد: طفل ذكى، متألق العقل وملول، شقى لكنه حنون وجميل. أحضرت ننّاه كتكوتا جديدا، وعاد الجد للعناية والرعاية، ربع دشيشة، وبرسيم، وبصل مخرّط، وعيش مبلول، وآنية للشراب، وكرتونة. نجا الكتكوت من الموت، تحوّلت صفرة زغبه إلى ريش أبيض صغير، هل هو قِطّ أم ماذا؟ أصبح يعرف صاحبه الحفيد، الذى ما إن يدخل من باب الشقة يتساءل: فين التتوت، فيأتيه جريا، يحمله ويضعه على رأسه، يحادثه، ينهره: ما تعملش: بى بى، يضع منقاره فى فمه ويسقيه من لعابه وينبه عليه: إوعى تُعض بُقى. كبر الكتكوت وأصبح ديكا، وبدأت ننّاه تتأفف من حركته فى الشقة وبرازه الذى يملأ المكان. الجدّة: فعلتها. أمسكت الديك وذبحته، نظفته ووضعته فى الحلة ينسلق، أتى الحفيد، أول أسئلته كانت: فين التتوت؟ ردت الجدة: راح عند مامته هييجى تاني آه بدا على الحفيد أنه لم يصدق، اشتم فى الجو رائحة شىء ما. انغلقت أسارير وجهه وانزوى فى نفسه وضعت الجدّة الطعام، أمام الصغير طبق به الديك المسلوق والكبدة والأونصة كل يا حبيبي وأعطته جزءا من الكبدة، لاكها الصغير فى فمه مس هاكل.. أنا سبعان وقام وتركهم.