لا يخفي علي أحد ما نعانيه جميعا من مشكلات القمامة وغيرها وهذا مما يثير العار علي الشعب المصري المعروف بحضارته العريقة عبر آلاف سنين, وقد تعهد الرئيس محمد مرسي بحل هذه المشكلة وغيرها المرور ورغيف الخبز والوقود وذلك فيما عرف بمشروع المائة يوم. ان استقلال المحافظات من الممكن أن يسهم في حل مثل هذه المشاكل التي استفحلت وأحسب أن الحل الجذري هو استقلال كل محافظة بميزانيتها ومواردها الاقتصادية, فإذا ما كان للمحافظ التصرف في ميزانية محافظته فالمتوقع أن يسعي وينفذ دون خوف كل ما ينقل محافظته إلي الجوهر والشكل الحضاري, أما أن يكون المحافظ صورة فقط لا يجرؤ علي رصف طريق أو بناء جديد لهندسة محافظته لأنه لا يملك الوسيلة المادية ومحكوم عليه الا يفكر إلا من خلال محافظات مصر كلها شمالا وجنوبا فهذا غير منطقي, لنتصور أن محافظا يري بضرورة انشاء مصنع لتدوير القمامة, فكيف يستطيع هذا في محافظته؟ هل سينظر للمصنع من منظور كل المحافظات الموجودة في مصر قاطبة ويحسب حساب خط سير العربات من هذه المحافظات التي ستنقل القمامة! كيف يكون ذلك, ان المنطق أن يكون المحافظ له شخصيته المستقلة فكريا وعمليا وعدم تبعية محافظته لأي سلطة خارجة, ولنا أسوة في أمريكا التي نقلدها في الكثير فالنظام هناك ولايات مستقلة مما يخلق قدرا من التنافس بين هذه الولايات لتكون الأفضل والأجمل والأكثر نظافة, كل هذا يؤدي إلي نقطة جوهرية وأساسية وهي أن كل ولاية بما لها من إمكانات تشد وتستقطب ابناءها للبقاء فيها لأنها ولاية ليست طاردة لأبنائها.. نقطة أخيرة أحب أن أكدها وهي أنه في حالة استقلال المحافظ بمحافظته سيكون قادرا علي وضع لوائح لمحافظته والتي منها بند في اللائحة يحتم ضرورة هندسة اليافطات سواء للمحلات التجارية أو عيادات ومكاتب المحامين أو حتي لأي بيت خبرة هندسية, ان سمتريه وحجم اليفط قاعدة معروفة في كل بلاد الدنيا. فما الذي يصيب الإنسان في عينيه وعقله وهو يعبر أحد شوارع منطقة فيصل مثلا خاصة بالليل فاليافطات بأصواتها المختلفة والتي تجافي الذوق تماما والأنوار العشوائية الموجودة شيء غير موجود في أي بلد ولا حتي في الصين علي تعدادها المذهل, وإذا تجولت في قاهرة المعز صباحا فتصطدم عيناك وعقلك المكدود بمسألة نشر الغسيل في واجهات العمارات علي الأخص, رغم أن هناك مخارج خلفية وداخلية علي المناور مثلا يمكن أن تستخدم لو أن للمحافظ الاستقلالية والحرية لأصدر بندا في لائحته بمحافظته بالمخالفة والغرامة لتشويه منظر المدينة, والأكثر من هذا كما قال لي أحد محافظي القاهرة السابقين من أنه فكر في انشاء مصنع يخرج بسعر التكلفة المناشر التي توضع في المنازل عوضا عن استخدام الشرفات والنوافذ في الواجهات ولكنه الشتكي بأن ليس له أي قدرة علي التصرف لأن ميزانية محافظته مرتبطة بسياسة باقي محافظات مصر!! ثم نأتي أخيرا إلي وجود التندات المعلقة أمام المحال والقهاوي وحتي بعض شرفات المنازل, تندات ممن القماش أكل عليها الدهر وشرب وحملت أتربة من عشرات السنين وتمزقت وصارت بلون التراب ولا يفكر صاحب المكان في تغييرها كل خمس سنوات مثلا, لو أن لائحة المحافظ تقرر غرامة علي من يشوه شكل الطريق لاختلف الأمر ولأصبحت كل محافظة لها عبقها وجمالها واحتياجاتها الضرورية من أجل الحفاظ علي راحة ابنائها وعدم هجرتها إلي أي محافظة أخري.