انتخابات النواب 2025، الحصر العددي لأصوات الناخبين بدائرة إهناسيا ببني سويف (فيديو)    رئيس الوزراء: استثمارات قطرية تقترب من 30 مليار دولار في مشروع "علم الروم" لتنمية الساحل الشمالي    تحقيق عاجل من التعليم في واقعة احتجاز تلميذة داخل مدرسة خاصة بسبب المصروفات    عيار 21 يسجل رقمًا قياسيًا.. سعر الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    كولومبيا تعلق التعاون الاستخباراتي مع أمريكا بسبب هجمات الكاريبي    ماكرون وعباس يعتزمان إنشاء لجنة لإقامة دولة فلسطينية    حبس تيك توكر بالإسكندرية بتهمة النصب وزعم قدرته على العلاج الروحاني    أمطار وانخفاض درجات الحرارة.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس اليوم وغدًا    موعد بداية ونهاية امتحانات الترم الأول للعام الدراسي الجديد 2025-2026.. متى تبدأ إجازة نصف السنة؟    مي سليم تطرح أغنية «تراكمات» على طريقة الفيديو كليب    الزراعة: السيطرة على حريق محدود ب "مخلفات تقليم الأشجار" في المتحف الزراعي دون خسائر    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم توك توك وتروسيكل بالخانكة    انقطاع التيار الكهربائي بشكل الكامل في جمهورية الدومينيكان    استقرار نسبي في أسعار العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه المصري مع تراجع طفيف للدولار    تسع ل10 آلاف فرد.. الجيش الأمريكي يدرس إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من غزة    موسكو تحذر من عودة النازية في ألمانيا وتؤكد تمسكها بالمبادئ    نيوسوم يهاجم ترامب في قمة المناخ ويؤكد التزام كاليفورنيا بالتكنولوجيا الخضراء    سبب استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان وحقيقة تدخل حسام حسن في إقصاء اللاعب    رسميًا.. موعد إعلان نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025 المرحلة الأولى    قلبهم جامد.. 5 أبراج مش بتخاف من المرتفعات    لتجنب زيادة الدهون.. 6 نصائح ضرورية للحفاظ على وزنك في الشتاء    الحسيني أمينا لصندوق اتحاد المهن الطبية وسالم وحمدي أعضاء بالمجلس    مواجهة قوية تنتظر منتخب مصر للناشئين ضد سويسرا في دور ال32 بكأس العالم تحت 17 سنة    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل استعداداته لمواجهتي الجزائر (صور)    النيابة تطلب تحريات سقوط شخص من الطابق ال17 بميامي في الإسكندرية    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    «الجبهة الوطنية» يُشيد بسير العملية الانتخابية: المصريون سطروا ملحمة تاريخية    قبل غلق اللجان الانتخابية.. محافظ الأقصر يتفقد غرفة العمليات بالشبكة الوطنية    فى عز فرحتها مانسيتش مامتها.. مى عز الدين تمسك صورة والدتها فى حفل زفافها    مختصون: القراءة تُنمّي الخيال والشاشات تُربك التركيز.. والأطفال بحاجة إلى توازن جديد بين الورق والتقنية    اتهام رجل أعمال مقرب من زيلينسكي باختلاس 100 مليون دولار في قطاع الطاقة    علشان تنام مرتاح.. 7 أعشاب طبيعية للتخلص من الكحة أثناء النوم    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025    السياحة تصدر ضوابط ترخيص نمط جديد لشقق الإجازات Holiday Home    وفد السياحة يبحث استعدادات موسم الحج وخدمات الضيافة    نقيب الإعلاميين: الإعلام الرقمي شريك أساسي في التطوير.. والذكاء الاصطناعي فرصة لا تهديد.    ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار فونج-وونج بالفلبين ل 25 قتيلا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. روسيا تمنع 30 مواطنا يابانيا من دخول البلاد.. اشتباكات بين قوات الاحتلال وفلسطينيين فى طوباس.. وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلة يقدم استقالته لنتنياهو    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء عمليات الفرز في لجان محافظة الجيزة    انتخابات مجلس النواب 2025.. محافظ الفيوم يتابع أعمال غلق لجان التصويت في ختام اليوم الثاني    بيان رسمي من خوان بيزيرا بشأن تجاهل مصافحة وزير الرياضة بنهائي السوبر    «ميقدرش يعمل معايا كده».. ميدو يفتح النار على زيزو بعد تصرفه الأخير    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    السفير التركي: العلاقات مع مصر تدخل مرحلة تعاون استراتيجي شامل    قلق وعدم رضا.. علامات أزمة منتصف العمر عند الرجال بعد قصة فيلم «السلم والثعبان 2»    لماذا نحب مهرجان القاهرة السينمائي؟    منتخب مصر يستعد لأوزبكستان وديا بتدريبات مكثفة في استاد العين    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    استجابة من محافظ القليوبية لتمهيد شارع القسم استعدادًا لتطوير مستشفى النيل    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوطن هو أنا وأنت معاً

تعيش الإنسانية فى صورتها الحضارية مجتمعات تمثل البيئة التى تؤثر فى تكوين هوية الأفراد، ولكن هوية الأفراد أيضاً هى التى تشكل وتبنى هوية المجتمعات. فحين نرى أمراضا فى المجتمع يجب أن ندرك أن الأسباب ترجع إلى أمراض الفرد، وحين لا يتم علاجها تصير أمراض مجتمع وتشكل ظاهرة قد تدمر الأوطان.
فى واحدة من أكثر جرائم العالم إثارة هى قتل الرئيس الأمريكى جون كينيدى، فقد قتل على يد مجرم قالوا عنه إنه نتاج مجتمع مريض فهو لى هارفى كما يدعى طفل لأم شرسة تزوجت ثلاث مرات وطلقت لأنها تعتدى بالضرب على أزواجها وأنجبت هارفى وعاملته بقسوة شديدة، وفى المدرسة وجدوا سلوكه الشرس وكتب أحد الإخصائيين النفسيين عنه فى مدرسته أنه طفل لا يعرف معنى الحب، وبعد ما كبر تطوع فى البحرية وطرد منها لسوء سلوكه، ثم تزوج من فتاة شارع وأنجب منها ثم طردته لأنه وجدها تخونه فى منزله فطردته وكان يعمل فى مخزن للكتب وفى صباح يوم 22 نوفمبر 1963 صعد إلى الدور السادس وقت مرور سيارة الرئيس كينيدى وصوب رصاصتين من بندقيته أسقطت الرئيس مقتولاً. ونسجت قصص كثيرة حول تورط المخابرات الروسية وخلافه، لكن الأهم هو أن علماء الاجتماع فيما بعد اكتشفوا أن هذا الشاب هو نموذج تكرر كثيراً فى بناء الأشخاص، وكان هذا نتيجة الصراعات الفكرية وفقدان الهوية والسطحية، فقد دخلت أمريكا فى حروب كثيرة ولم يجد الشعب مبرراً لذلك وانتشرت المخدرات وزاد معدل الجريمة وسط الشباب وانتشرت الاضطرابات حتى إن الجامعات أغلقت فترة، واتجه أغلب الشباب إلى الإلحاد، ويقول علماء الاجتماع إن الانفلات الأخلاقى وتفكك الأسر اجتاح كل المجتمع، حتى إنه قيل إنه لا يمكن الوثوق فى أى أمريكى تخطى الثلاثين فى هذه الفترة.
وأخذ علماء الاجتماع يفكرون ويدرسون أمراض المجتمع وانتهوا إلى أن السبب وراء هذه الأمراض هى سطحية البناء الشخصى للفرد وعدم احترام السلطة بداية من الأسرة إلى الدولة فسقطت هيبة الكبار ولم يعد هناك قدوة بجانب شعور الأغلبية بالضياع والعدمية ولا يوجد كيان محبب ينتمون إليه، ولا هدف يعيشون لأجله. وقال أحد هؤلاء العلماء وهو رولو ماى مع بداية القرن العشرين حتى نهايته أصبح العلماء يواجهون ظاهرة غريبة وهى بالرغم من عدم تمسك الأشخاص بالقيم والتقاليد وإطلاق الحريات، وكان هذا يجب أن يخفف الصراع النفسى للفرد، إلا أن الاضطرابات الذاتية والشخصية قد زادت، والشعور بالفراغ الداخلى زاد، وعدم وجود معنى للحياة زاد، مما أدى للانفلات الأخلاقى والروحي.
وعلى العكس أيضاً حين قامت الثورة الروسية فى 1917 تلون المجتمع كله بلون الشيوعية وانحصر دور الفرد وبدأ الصراع عشرات السنين حتى استطاعوا أن يتخلصوا من تأثير هدم الفرد.
لذلك فالإنسانية فرد ومجتمع كلاهما مؤثر فى الآخر. والإنسان وإن كان يولد فى مجتمع ويتأثر به من التعليم والثقافة السائدة والظروف المحيطة به من أسرة وأصدقاء وجمع كثير محيطين به إلا أنه أيضاً يحمل عقلاً وروحاً قادرين على الاختيار، بل الفرد يحمل مسئولية الذهاب إلى مناطق التأثير التى تشكل هويته. فنحن نرى أطباء ومهندسين بل وأساتذة جامعة ورجال دين قد صاروا متطرفين بالرغم من التعليم والثقافة العامة إلا أنهم قد اختاروا الذهاب إلى اتجاه معين هم اختاروه، ثم تغيرت هويتهم. فالفرد ليس مجرد كتلة أو حجم فى مجتمع يأخذه حيث يشاء بل هو كيان وطاقة حياة.
وفى تكوين الإنسان الداخلى يتكون الكيان النفسى من الهو وهو الذى يحمل الغرائز والاحتياجات البشرية وهو كيان همجى أى بلا ضوابط، ولكن خلق الله كيانا آخر هو الأنا الذى فيه العقل والانفعالات وهو الذى يتحكم فى الهو، ولكن بأى ضوابط أو معيار؟ فخلق الله الأنا الأعلى الذى نقول عنه الضمير وهو الذى يحمل القيم والتعاليم الدينية والاجتماعية والثقافية وهو الذى يحدد ل الأنا» مايجعله يوافق أو يرفض ماتلبه «الهوى».
ومن خلال هذه الديناميكية النفسية الداخلية يخرج السلوك الفردى والشخصى وتحدد شخصية الفرد من خلال ما يحمله من تناسق نفسى وبلا صراعات داخلية.
كل هذا يعنى أننا إذا أردنا إصلاح المجتمع يجب أن نسير على محورين معاً وهما إصلاح المجتمع بكل ما فيه وإصلاح الفرد ومنظومة القيم التى تحدد ملامح الأنا الأعلي.
فأنا أرى أن مشاكلنا الكبرى ليست اقتصادية فقط ولكنها إنسانية، وهذا يعنى الفرد والمجتمع فنحن فى حاجة إلى إصلاح عقل وروح المجتمع وعقل وروح الفرد. فكيف نطالب الفرد بأخلاق لا يراها فى المجتمع؟ كيف نطالبه أن يكون أميناً وهو يرى كل ما حوله ليس أميناً؟ نطالبه أن يكون رحيماً وهو يرى فاسدى المجتمع وعديمى الرحمة.
فالمجتمع يحمل عقلاً جمعياً وروحاً أيضاً، فحين يكون الطب تجارة بأرواح وأمراض البشر، وحين تكون مصالح الناس فى المكاتب الحكومية ليست لها قيمة، وحين نرى عدم تشريع قانونى للكراهية والتمييز الطائفي، وحين يكون الغنى فقط هو المصانة كرامته والفقير ليست له كرامة، وحين نرى التجار تزداد ثرواتهم فى الأزمات، بينما يجوع الأطفال وهم يعرفون أن زيادة الأسعار للحفاظ على هامش الربح سيزيد من الجوع والفقر، وحين يخفى البعض الأدوية حتى يتحكموا فى الأسعار ويموت من يموت، كل هذا يعنى أن المجتمع مريض.
ولا يُظن أن هذا يحدث فى كل المجتمعات. فالمجتمعات السوية حين يحدث هذا تنتفض وتشرع القوانين وتزداد الرقابة حتى لا تكون هذه الصورة هى عقل وروح المجتمع، وحتى يشعر الفرد بأنه ينتمى إلى مجتمع يحميه ويحفظ له كرامته. فهذه المجتمعات صنعت مجتمعاً جديداً وبإنسانية قادرة على العمل والحب، فالوطن هو أنا وأنت معاً.

كاهن كنيسة المغارة الشهيرة بأبى سرجة الأثرية

لمزيد من مقالات القمص أنجيلوس جرجس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.