لا أدرى من أين يأتى يقينى، بأن رسالتى سوف تصل إليه، وأنه سوف يقرأها كما اعتاد أن يفعل، مع رسائل المصريين التى انطوت، على محبتهم وأمنياتهم الصغيرة وأحلامهم الكبيرة، وأوجاعهم ومظالمهم وشكواهم. هذه رسالة عاطفية إلى الزعيم «جمال عبد الناصر»، فى عيد ميلاده المئوى، الذى يحل غدا (15 يناير 1918 2018)، أقول له فيها: سيدى الرئيس.. مضى قرن كامل على خروجك إلى الحياة، لم تعش منه سوى نصفه فقط، منحت مصر فيه ما لم ولن يضيع أبدا. لقد رحلت يا سيدى مبكرا جدا، بعد الهزيمة الكبرى (5 يونيو 1967)، لم يحتمل قلبك الانكسار، فقررت أن «تتنحى» عن الحياة، ولم يكن بمقدور الشعب أن يرفض هذا التنحى، كما فعل فى المرة الأولى، ولكنه خرج كما لم يخرج شعب من قبل فى التاريخ، يودعك ويشيعك إلى مثواك الأخير. كانت أمجادك عظيمة، وإخفاقاتك أيضا عظيمة، لكن كان صدقك عظيما وزهدك فريدا، وأحلامك حقيقية بلا أوهام، فاستطعت فى زمن قصير (1955 1965)، أن تصنع للمصريين حياة، لا يتوقف حنينهم إليها. غدا يحتفل المصريون بعيد ميلادك، ويحملون إليك باقات الفل والياسمين، ويستولدونك فى معانيك الصافية، كما جبلوا فى محنهم وأحداثهم المهمة. يا سيدى، نصف قرن حياة، ونصف آخر حياة من نوع آخر، لا يعرفها إلا الذين يتحولون إلى «جينات» تجرى فى دماء شعوبهم تتوارثها الأجيال. فى الختام.. يقول نزار قبانى: «الحزن مرسوم على الغيوم، والأشجار، والستائر وأنت سافرت ولم تسافر»