لم أفاجأ بقرار الرئيس الأمريكى ترامب الاعتراف بالقدس الشريف عاصمة للكيان المغتصب فى فلسطينالمحتلة،ف قرار ترامب لم يضف سوى غطاء سياسى، لما جرى ويجرى من تهويد فى القدس الشريف، على امتداد الأعوام الخمسين الماضية، عبر طرد المواطنين الفلسطينيين بخاصة الشباب منها بحجج واهية، ومصادرة أراضيهم وزرع مستوطنات فيها وبالذات فى البلدة العتيقة، وصولاً إلى تغيير التركيبة الديمغرافية لسكانها، وضمان أغلبية يهودية دائمة فيما تسميه سلطات الاحتلال منطقة «القدس العظمى الموحدة»، مما يعوق لاحقًا أي تسوية سياسية تعيد المدينة لأصحابها العرب. وهذا التوجه الصهيونى لفرض سياسة الأمر الواقع فيما يخص القدس الشريف، يواكبه مخطط خبيث لمحو قضية فلسطين كليًا، بالترويج لفكرة إقامة دولة فلسطينية على جزء من أرض سيناء المصرية، وهو مخطط كان يتداول سرًا أو على استحياء عبر عرض تبادل أراضٍ، ثم صار يقال علنًا دون مبالاة بردود الفعل المصرية، ووصل التبجح والفجور الصهيونى إلى حد أن صرحت وزيرة المساواة الاجتماعية الإسرائيلية جيلا جملئيل - فى حوار لمجلة »السيادة« قبل أسابيع - بأنه «لا يمكن إقامة دولة فلسطينية إلا فى سيناء»! وكانت جرأة من الوزيرة الإسرائيلية واستهانة منها بمشاعر المصريين، أن تجيء إلى مصر بعد نشر الحوار بأيام للمشاركة فى مؤتمر نسائى تابع للأمم المتحدة، مما يثير تساؤلاً: هل كان وجودها من قبيل المصادفة، أم أنه مقصود لقياس رد الفعل المصرى على المستويين الرسمى والشعبي؟، بخاصة أن حضورها تزامن مع تنفيذ أكبر عملية إرهابية فى سيناء، أسفرت عن استشهاد أكثر من ثلاثمائة وإصابة ما يزيد على مائة من المدنيين الأبرياء، وكانت أول عملية تستهدف مسجدًا، وقد ألمح سليمان وهدان وكيل مجلس النواب، خلال مداخلة إعلامية إلى أن هناك مخططًا وهدفًا منذ قبل 1967م، لإجلاء وتهجير أهالى سيناء وتوطين الفلسطينيين فيها، وكشف عن تأكيد الشيخ عيسى الخرافين شيخ مشايخ قبائل سيناء له، أن أحد منفذى الحادث الإرهابى بمسجد الروضة بسيناء أجنبى ولا يشبه المصريين أو العرب. إن خلفيات الأحداث تشير إلى ارتباط التفجيرات الإرهابية فى سيناء، بتوجه ترعاه إسرائيل ودول معينة وتؤيده دول كبري، بهدف ايجاد حالة عدم استقرار فى سيناء، تجبر الحكومة المصرية على تهجير أهلها حفاظًا على أرواحهم، ومن ثم تصبح سيناء أرضًا بلا شعب، مما يسهل المخطط الرامى إلى إقامة دولة فلسطينية فى غزة، مع توسعة لحدودها بضم أراضٍ من سيناء لاكتظاظ القطاع بالسكان، على أن تلحق الضفة الغربية إداريًا بالأردن، وبالتالى تحل القضية الفلسطينية، ويتحقق «السلام الدافيء» على الطريقة الاستعمارية الصهيونية. ومما يثير الأسى أن تبرز بيننا أقلام تدعو مصر إلى التخلى عن تأييدها قضية فلسطين، والالتفات فقط لقضاياها المحلية، وهؤلاء لا يدركون أن أمن مصر القومى يرتبط بأمن جيرانها، وأن المخطط الإسرائيلى التوسعى أبعد فى مرماه من الحصر فى الشريط الفلسطينى الضيق. لمزيد من مقالات أسامة الألفى