«حيثما هناك حياة ثمة تغيير وتطور مستمران وناتجان أساسا من الصراع من أجل البقاء». هذا ما خلص إليه العالم البريطانى الشهير «تشارلز داروين» فى كتابه «أصل الأنواع» الذى قوبل فى بداياته برفض وغضب باعتباره يتضمن نظرية علمية تتنافى مع التعاليم الدينية. لكنه سرعان ما فرض نفسه، وفى كل مرة ترجم ونشر فيها تم استقباله كفرضية علمية يطرحها صاحبها للنقاش. وأخيرا. أعلنت «دار كريستي» للمزايدات عرضها للشهر الحالي، نسخة نادرة من الكتاب تم اكتشافها مؤخرا، وعلى صفحاتها مراجعات وتعديلات دقيقة بخط داروين (1809-1872). وتتوقع أن يحقق الكتاب من 300 إلى 500 ألف استرليني، حيث تعد نسخة مشروحة نادرة للغاية. وأوضحت «كريستى» أن النسخة ستسمح للمرة الأولى بقراءة تنقيحات داروين بشكل مضبوط ودون إخفاء، بغرض إعادة الصياغة أو الترجمة، مما يتيح فهما أعمق لأسلوب داروين وتطور أفكاره التى انتهت به لهذا العمل الضخم، وتعكس أيضا مدى اهتمام داروين بمراجعة أفكاره وبحوثه. ووفقا لمسئولى المزايدة، هناك صفحات منفردة من مسودات الكتاب ظهر ت أحيانا، لكن لم تظهر نسخة بمثل هذه التنقيحات. وهذه النسخة، وهى عبارة عن ورق منفصل، كانت بحوزة المترجم الألمانى «إتش.جى برون» حتى وفاته عام 1862، وتم تجليدها، وانتقلت ملكيتها إلى عالم الحفريات الألمانى «ملكيور نيوماير» وورثته. وكان داروين قد أجرى عدة تغييرات على مجموعة كاملة من صفحات الطبعة الثالثة لكتابه التى أرسلها إلى مترجم الكتاب إلى اللغة الألمانية، لإدراجها فى الطبعة الألمانية الثانية، وأدرجت هذه التعديلات فى الطبعة الإنجليزية الرابعة وما تلاها. وفِى مارس عام 1862 كتب داروين أنه أجرى تصحيحات على صفحات فارغة من الطبعة الإنجليزية الثالثة بعد مقارنتها بالطبعة الثانية التى ترجمت للألمانية ووضع خطا بالقلم الرصاص تحت الكلمات التى تحتاج تغييرا، وكتب كلمة حذف أمام الجملة التى تم حذفها. وكانت دار كريستى قد باعت الطبعة الأولى من «أصل الأنواع» فى يوليو الماضى مقابل 296 ألف استرليني، ولم تتضمن تعليقات توضيحية. و«أصل الأنواع الذى صدر عام 1859، أحد الأعمال المؤثرة فى العلم الحديث، وأحد ركائز علم الأحياء التطوري. وعنوان الكتاب الكامل: «فى أصل الأنواع عن طريق الانتقاء الطبيعي أو بقاء الأعراق المفضلة فى أثناء الكفاح من أجل الحياة». يقدم فيه داروين نظريته القائلة إن الكائنات تتطور على مر الأجيال، وفى الطبعة السادسة منه عام 1872، تم تغيير عنوانه إلى الاسم المختصر «أصل الأنواع». الذى أثار جدلاً بسبب مناقضته الاعتقادات الدينية التى شكلت النظريات البيولوجية آنذاك، وشكّل كتاب داروين هذا عرضاً لنظريته التى اعتمد فيها على البراهين العلمية التى جمعها فى رحلته البحرية فى ثلاثينيات القرن التاسع عشر وبحوثه وتجاربه منذ عودته من الرحلة. وشرح العناصر الرئيسيّة فى القسم الأول من الكتاب فى أربعة فصول، وفى الأربعة التالية ناقش الاعتراضات التى يمكن أن تثار ضد نظريته، وتحدث فى الأقسام الباقية عن الجيولوجيا والتوزيع الجغرافى للنبات والحيوان، والحقائق ذات الصِّلة بالتصنيف والمورفولوجيا وعلم الأجنة.