لدينا الآن فى مصر 92 حزباً سياسياً مقيدة بسجلات لجنة الأحزاب السياسية، هذه الأحزاب ال 92، منها ما يحمل تاريخاً طويلاً منذ صدور قانون الأحزاب السياسية عام 77 أى منذ أربعين عاماً، ثلاثة أحزاب نشأت بالقانون ذاته (حزب مصر .. حزب الأحرار .. حزب التجمع) وبعدها عشرة أحزاب أخرى بقرار اللجنة، و11 حزباً صدرت لصالحهم أحكام قضائية، رغم عدم موافقة اللجنة، وهناك 51 حزباً رفضتها اللجنة وتأيد قرار الرفض بأحكام قضائية, و 11 حزباً اعترضت عليها اللجنة ولم يطعن عليها أصحابها .. وبذلك بلغت طلبات التأسيس التى لم يتم الموافقة على قيدها 62 حزباً، وأصبح عدد الأحزاب القائمة حتى عام 2010 24 حزباً ، تم تكاثر عدد الأحزاب المقيدة حتى وصل إلى 92، معظمهم نشأ بعد تعديل قانون الأحزاب السياسية بالمرسوم الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 28 مارس 2011 برقم 12 لسنة 2011 ليجعل التأسيس بالإخطار ومُضى ثلاثين يوماً دون اعتراض. المهم أن هذه الأحزاب ال 92، منها ما خاض انتخابات مجلس النواب الأخيرة، ومنها ما قد آثر السلامة، رغم تاريخها الطويل، وقد أسفرت نتائج الانتخابات عن تمثيل 19 حزباً فقط من بين 92 حزباً، ولم يصل عدد أى منها الى الأغلبية بمجلس النواب، اذ بلغت نسبة تمثيلها جميعاً 42 %، وباقى الأعضاء 58% من المستقلين، والملفت للنظر ان هناك من بين الأحزاب فى مجلس النواب، على قدم تاريخه، من يمثله عضو واحد مثل الحزب الناصرى أو عضوان اثنان مثل التجمع !! حتى ان 16 حزباً سياسيا، بلغ عدد مقاعدها 86 مقعداً فقط، وبينما الثلاثة الباقيون المصريين الأحرار، مستقبل وطن، الوفد الجديد بلغ عدد مقاعدها 154 مقعداً وبذلك افتقدت الاغلبية الحزبية وجودها داخل مجلس النواب .. وتفرقت بين عدد كبير من المستقلين.. وممثلى الأحزاب السياسية !! ولهذا كانت فكرة إنشاء الإئتلاف للوصول الى الأغلبية، اذ جاءت لأول مرة باللائحة الداخلية لمجلس النواب بالقانون رقم 1/2016، فكان «إئتلاف دعم مصر» بوثيقة التأسيس المنشورة فى 12 يونيو 2016، جمعت 7 أحزاب سياسية فقط تمثل 106 مقاعد و259 من المستقلين .. فتحققت بذلك الأغلبية بعدد 365 عضواً من بين 598 مجموع عدد النواب، وبقى خارج الإئتلاف 12 حزباً سياسياً يمثلها 134 نائباً و101 مستقل!! هذه الحالة الحزبية داخل مجلس النواب .. تكشف لنا أن الأغلبية للمستقلين، ثم أتى الإئتلاف ليضم أغلبهم وسبعة أحزاب ليصل إلى الأغلبية داخل المجلس، وهو عدد قابل للتغيير زيادة أو نقصاً فى أى وقت، كما تكشف لنا أيضاً حال الأحزاب السياسية التى لم تنضم إلى الإئتلاف وعددها 12 حزباً سياسياً كل منها له رأى وعدد مقاعدها 154 مقعداً .. وآخرون من المستقلين بعدد 101 مقعد، وكل منهم أيضاً له رأى مستقل، لكنه فى ذات الوقت، يمكنهم أن يجتمعوا على إئتلاف آخر لتكون مصر فوق الجميع من باب التعددية السياسية .. ومع ذلك ستظل الأغلبية لإئتلاف دعم مصر اذا بقى على حاله، ولم ينفرط عقده !! تأتى هذه الحالة الحزبية داخل مجلس النواب فى الوقت الذى نص الدستور على منح صلاحيات كبيرة لمجلس النواب، فبالإضافة إلى سلطة التشريع، واقرار السياسة العامة للدولة، والموازنة العامة وسلطات الرقابة على أعمال الحكومة بصورها المختلفة، تأتى سلطة تزكية مرشح لرئاسة الجمهورية بعشرين عضواً فقط، وسلطة الأغلبية ولأول مرة فى الموافقة أو عدم الموافقة على تشكيل الحكومة وعلى برنامجها، وترشيح رئيس مجلس الوزراء، وموافقتها كشرط لإعفاء الحكومة أو إجراء أى تعديل وزاري، كما تأتى هذه السلطات الجديدة لمجلس النواب، فى الوقت الذى اعتنق الدستور تشكيل البرلمان بجناح واحد، رغم الإتجاه العالمى نحو تشكيل البرلمان بجناحين، فماذا لو أختلت عملية القيادة للمجلس مع هذه السلطات الكبيرة، أو انفرط عقد الأغلبية!! خلاصة القول إن الحالة الحزبية تعيش مأزقاً سياسياً لا سبيل للخروج منه إلا بتقويتها.. أو دمج هذه الكثرة فى أحزاب قوية غير متنافرة خاصة وان أمام الوطن قضايا قومية كالإرهاب والتنمية والديمقراطية تستدعى توحيد جهود الأحزاب على كلمة سواء، كما أن الحياة البرلمانية أيضاً تعيش مأزقاً لتغيير الصفة النيابية التى تم الترشيح والنجاح على أساسها، أو إذا افتقدت الأغلبية القائمة على الإئتلاف صفة الأغلبية، لأن الإنسحاب حق مقرر باللائحة التأسيسية لكل عضو بالإئتلاف، وبقيت الورقة الرابحة للمستقلين الذين بلغ عددهم 358 ولا يجمعهم فكر واحد أو رأى واحد، وهو ما يعوق دور البرلمان، ويمثل أيضاً عقبات فى وجه سير عمل الحكومة، الأمر الذى يتطلب إعادة النظر فى قانون الإنتخاب وأيضاً قانون الأحزاب السياسية .. وبعض نصوص الدستور التى انحازت لقيام مجلس واحد يمثل البرلمان، ليتكون البرلمان من جناحين يضبط أحدهما عملية القيادة عند إنحراف الآخر.. كل ذلك يأتى فى طريق الإصلاح والتطوير للنظام السياسى وتقوية النظام الحزبي.. .. وقيام معارضة قوية لمواجهة قضايا الوطن الكبري، لمزيد من مقالات د. شوقى السيد