مكرم محمد أحمد: إلزامية وعقوبات منتظرة للفضائيات المخالفة لجنة الفتوى بالأزهر: دورات تدريبية للمفتين قبل الظهور على الشاشات د. بكر عوض: صدرت على عجل وخلت من كبار العلماء وأقسام الفقه والشريعة
هل تحقق قوائم المفتين التى أعدها الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء واعتمدها المجلس الأعلى للإعلام الانضباط فى ساحة الفتوى والإعلام الديني، وتقصر الظهور على الشاشات لمن ضمتهم تلك القوائم فى الأسبوع الثانى من إقرارها؟! وهل تنهى حالة الجدل والبلبلة التى تثيرها الآراء الشاذة وبرامج الفتوى على الهواء التى تحولت إلى مشروع استثمارى لبعض القنوات، بهدف الربح المادى أكثر من نشر الوعى الديني؟ أم أننا تعجلنا - نحن أيضا - بطرح هذا السؤال وبات حالنا كحال المؤسسات الدينية التى تعجلت فى طرح القوائم فخلت من أعضاء هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية وتجاهلت أقسام الشريعة والفقه وأصول الفقه والفقه المقارن، وتناست أساتذتها ورؤساء أقسامها فى هذه الفروع المتصلة اتصالا وثيقا بالفتوى؟!
وإذا كانت هناك أسماء بعينها تم استبعادها، كما يعلم رجل الشارع، لاختلافها مع إجماع علماء الأمة الرسميين كالهلالي، وكريمة، وسعاد صالح، وصبرى عبدالرءوف.. أفليس فى اختلافهم رحمة؟! كما هى القاعدة الفقهية التى سار عليها ولا يزال تراثنا الفقهى منذ نشأته وستظل إلى قيام الساعة؟ وبعيدا عن الجدل الذى أثارته تلك القوائم، فالسؤال الأبرز: هو كيف نلزم الفضائيات بعدم استضافة غير المتخصصين للإفتاء فى أمور الدين؟ وما ضوابط وآليات ووسائل التطبيق على أرض الواقع؟ وكيف نضمن ألا تكون قوائم استرشادية تبقى فى الأدراج المغلقة ويظل مشهد الإعلام الدينى منفلتا دون ضابط أو رابط أو رادع؟! يقول الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى للإعلام، إن القوائم التى صدرت من المؤسسات الدينية إلزامية، ولن يفتى إلا هؤلاء الذين أدرجت أسماؤهم بالكشوف، ومازالت القائمة مفتوحة لإضافة آخرين، كما أننا أضفنا إليها أعضاء هيئة كبار العلماء بحكم القانون، لأنهم المرجعية الأساسية. أما عن آليات وضوابط التطبيق ومحاسبة القنوات الفضائية المخالفة، فأوضح مكرم محمد أحمد أنه ليس من حق المجلس الأعلى للإعلام مساءلة العلماء، والأزهر يعاقب المخطئ وكذلك الأوقاف، ودار الإفتاء، أما إذا كانت هناك إجراءات عقابية تجاه الوسيلة الإعلامية نفسها فتكون عن طريق مجلس الإعلام. وأضاف، أن الجميع يستطيع أن يصعد على المنابر طالما فى مجال الدعوة، ولن نمنع أحدا من الذين كانوا يتعاقدون أمثال خالد الجندى وسعد الدين الهلالي، ومرحبا بالجميع فى إطار إسلام معتدل لا ينكره الآخر، ومن حقهم أن يتكلموا، وبالفعل قمنا بإرسال هذه القوائم التى وافقت المؤسسة الدينية عليها إلى كافة الشاشات، والصحف والمؤسسات أيضا، وإذا أخطأ أى عالم فيكون عقابه على مؤسسته التابع لها، وأشار إلى أن قائمة الأوقاف تخضع للدراسة فى الأزهر للذين تتوافر فيهم شروط الإفتاء، وفقا للضوابط التى وضعتها المؤسسات الدينية. دورات تأهيلية للمفتين وعلى جانب المؤسسات الدينية بدأت الاستعدادات لتدريب من شملتهم تلك القوائم للجلوس أمام الكاميرات، ويقول الدكتور سعيد عامر، الأمين العام المساعد للدعوة ورئيس لجنة الفتوى بالأزهر، إنه فى الاجتماع الأخير الذى ضم رئيس المجلس الأعلى للإعلام مع شيخ الأزهر، أعلن المفتى عن إعداد دورات تأهيلية لهؤلاء العلماء للظهور على الشاشات والفضائيات، وكيفية الاستماع إلى السؤال وفهم السؤال وفهم المقصود منه، كما أعلن وكيل الأزهر، أن كل من تتوافر فيه الشروط عليه أن يتقدم من خلال جهة عمله لدراسة الوضع والاختيار، والقوائم مازالت مفتوحة لإضافة من تتوفر فيهم الشروط وتوافق عليه المؤسسة الدينية، وعلى جميع القنوات الفضائية أن تتواصل مع المؤسسة الدينية، وتحدد الموضوع، والمؤسسة بدورها ستحدد لها العالم أو المفتى الذى يقوم بالإجابة على الأسئلة فى هذا الموضوع، أما عن الشروط والمعايير فستكون مسئولية المؤسسة، ومحددة فيمن زاول الفتوى من قبل. تنافس أم صراع؟ وفى الوقت الذى رفض فيه عدد كبير من علماء الأزهر التعليق على ما أثير بخصوص إصدار هذه القوائم مستندين إلى أن أسماءهم ليست مدرجة بالكشوف، ومنهم عمداء ورؤساء أقسام وأساتذة وبعض من أعضاء هيئة كبار العلماء. يؤكد الدكتور زكى بكر عوض، عميد كلية أصول الدين السابق بجامعة الأزهر، أن القوائم الثلاث صدرت على عجل، فلم تأخذ قائمة منها حقها من الدراسة كما ينبغي، وهى أشبه ما تكون بالفعل ورد الفعل، وكان الأولى عقد لقاء مع قيادات المؤسسات الدينية، لوضع المعايير التى يتم على أساسها اختيار من يتصدى للفتوى على شاشات التلفاز، وعندما قرأ الناس القوائم الثلاث بدأت هذه الأسئلة تتردد على ألسنة كثيرين، أين هيئة كبار العلماء من القوائم الثلاث باستثناء شخصين أو ثلاثة؟ كما يتساءل الناس أين عمداء الشريعة ورؤساء الأقسام وأهل الاختصاص بها فى طول البلاد وعرضها؟ حديثو التخرج وتعجب الدكتور بكر عوض، من أن بعض المعينين بإحدى المؤسسات الذين لم يمض على تعيينهم عام واحد، قد احتلوا نصف القائمة من حيث العدد، وبعضهم لا صلة له بالإفتاء لا من قريب ولا من بعيد، بل إنه وصفهم بقوله “إنهم رضع فى محراب العلم، لم يفطموا بعد”، فى الوقت الذى أهمل فيه شيوخ العلم من الذكر، ومما يلاحظ أيضا فى صيغة العموم، وجود أسماء تلى مواقع عمل مسار غرابة، الأمر الذى يجعلنا نقول، إن هذا إلى الهزل أقرب منه إلى الجد، وبخاصة أن الشروط التى وضعها أئمتنا للمفتي، لم تقم بحق كثيرين من هؤلاء، وإذا كان الصراع بين المؤسسات الدينية، قد بدأ منذ فترة فينبغى ألا نجعل المتصدرين للفتوى ضمن قوائم هذه الصراعات، وإذا كانت إحدى المؤسسات قد اتخذت قرارات وحققت نجاحات، بينما فشلت الأخرى فى أفكارها وطرحها، فعلى كل أن يراجع نفسه، ما سبب النجاح هنا، والفشل هناك، ليستفيد كل من منهج الآخر، استفادة إيجابية. ثم يتساءل الدكتور بكر عوض قائلا: إذا كانت القضية تتعلق بمن يظهرون فى التليفزيون، فما الموقف من الإذاعات، وأى قنوات هى التى ستخضع لهذا؟ وما الحكم لو كان الإفتاء عن طريق الهاتف على تعدد صوره، وجاءت الفتوى خطأ؟ إن الواجب الشرعى يتطلب ألا يجلس أحد على الهواء، ليجيب على كل سؤال يوجه إليه، فرسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يفعل هذا، وإنما كان ينتظر خبر الوحي، وأكثر الصحابة كانوا يخشون الإجابة عن الأسئلة طلبا للسلامة، عكس ما هو قائم الآن، من التصدى للإجابة عن كل سؤال، بعلم أو بظن أو بتخمين، ولقد تحولت الفتوى على الهواء فى الآونة الأخيرة إلى مشروع استثمارى لبعض القنوات، من حيث الأسئلة وطرح أسئلة على الأسئلة من قبل المسئول، ثم تكون الإجابة، والغاية من هذا كله الربح المادى أكثر من الوعى الديني. مفسرو الأحلام وأضاف د. بكر، أخشى ما أخشاه، أن نناقش بعد الإفتاء من يظهر لتفسير الأحلام، ونرشح له من؟ ومن يعالج بالقرآن ونرشح له من؟! إن الأمانة تتطلب جمع الأسئلة والإعداد لها، والإجابة عليها فى حلقة تالية، ليتمكن المسئول من إعداد مادته العلمية، مع توافر الدليل الدال على الإجابة، ولتكون الفرصة فى مراجعة النفس، قبل الظهور على الهواء لتعذر المراجعة بعدها، وأتمنى أن يأتى اليوم الذى يكون فيه التنافس المشروع، لا التنافس الموضوع. إن بعض المؤسسات تطلق اسما على أئمتها فتطلق الأخرى اسما على أئمتها كذلك، وإحدى المؤسسات تعقد دورات تدريبية، فإذا بالأخرى تناطحها المنهج، وتقوم بعض المؤسسات بعقد مؤتمرات وتقوم الأخرى بعقد المؤتمر المضاد، إن الناس على وعى الآن وكل يعى ما يقع والنتيجة سلبية فيما يتعلق بواقع الدعوة الإسلامية إلا ما رحم ربي. الكفاءات لا الشهادات وعن رأيه فيمن رشحوا للقوائم ومن استبعدوا منها قال د. بكر: إن العبرة ليست بالشهادات ولا بالمناصب ولا بالمواقع الإدارية بل بالكفاءات العلمية، وكم من أناس يحملون أعلى الشهادات العلمية من النوعين، وهم عاجزون عن قراءة نص قرآنى قراءة صحيحة، وكم من أناس لم ينالوا الألقاب العلمية العالية، وقد حار فى فهم علومهم ومعارفهم الأفذاذ من أهل العلم أمثال مشايخنا: (الغزالي، الشعراوي، سيد سابق، إسماعيل العدوي) إذن الكفاءة لا الواجهة، والعلم وإن نأى صاحبه بنفسه عن الميدان لا الجهل وإن زعم صاحبه أنه فى الميدان.