لليوم الثاني.. محكمة شمال بنها تواصل استقبال المرشحين لانتخابات مجلس النواب    محافظ البحيرة تشهد ورشة نقل وتبادل الخبرات بالإدارة المحلية    حقيقة تغيير امتحان اللغة العربية لصفوف النقل| مصدر بالتعليم يكشف    جامعة جنوب الوادي تقيم حفل تأبين للدكتور أحمد عمر هاشم    رئيس الوزراء: مصر لا تألو جهدًا لصون الاستقرار والسلم في أفريقيا    الحكومة تعلن أسعار الحديد والأسمنت اليوم.. زيادة جديدة في مواد البناء    الموعد الرسمي لبدء التوقيت الشتوي في مصر 2025 وطريقة ضبط الساعة بعد انتهاء التوقيت الصيفي    نائبة وزيرة التضامن تبحث مع وزير التنمية الدولية بالنرويج سبل تعزيز التعاون المشترك    حماس تبدأ بتجهيز الأسرى الإسرائيليين تمهيدًا للإفراج عنهم    إطلاق قافلة زاد العزة ال47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    الأهلي يقدم «ياس سوروب» في مؤتمر صحفي غدًا    مد بث البرامج الرياضية ل 2 صباحاً لتغطية مباراة منتخب مصر وغينيا بيساو    6 ميداليات حصيلة مصر في الفترة الصباحية من اليوم الأول لبطولة العالم للسباحة بالزعانف    «الداخلية» تواصل حملاتها المرورية المكثفة.. ضبط أكثر من 104 ألف مخالفة خلال 24 ساعة    يقتل شقيقه الأكبر بسبب الميراث بالشرقية    ننفرد بنشر بنود اتفاق إنهاء خصومة راح ضحيتها 11 قتيلا في أبو حزام| خاص    إصابة مواطنين في انهيار جزء من منزل بالفيوم    حبس المتهمين بقتل التيك توكر يوسف شلش فى المطرية 4 أيام    رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية ينعي الدكتور عمرو دوارة    محافظ أسيوط يشهد احتفالية قصور الثقافة بالذكرى ال 52 لانتصارات اكتوبر المجيدة    بالحبر الطائر: صوت المرأة المتلاشى تحت وطأة القهر والخيبات    استعدادات لجيش الاحتلال الإسرائيلى للإنسحاب من قطاع غزة    هبة رشوان توفيق: والدي متألم من شائعات وفاته وجالى اكتئاب    نائب وزير الصحة يتفقد منشآت صحية بالإسكندرية    الصحة العالمية: مستعدون لتلبية احتياجات المرضى في غزة    تيودور بلهارس يعزز التعاون الدولى مع منظمة الصحة العالمية لمكافحة البلهارسيا    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    قاتلة ابن شقيق زوجها تدلي باعترافات أمام جهات التحقيق بقنا    أستون مارتن تستعد للكشف عن جيل جديد من سيارتها دي.بي 12    المنافذ "حاجة" والأسواق "حاجة تاني خالص"، مفاجأة في أسعار الطماطم اليوم الخميس    برشلونة يعلن رسميا إقامة مواجهة فياريال في أمريكا    موعد حسم اعتراضات رئيس الجمهورية على مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية    منسوب بحيرة ناصر مرتفع، خبراء بحوض النيل: السد العالي يستقبل مياه الفيضان من "مروى"    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و119 ألفا و390 فردا منذ بداية الحرب    لبنان.. انطلاق رابع مراحل خطة الحكومة لعودة اللاجئين السوريين    لليوم الثاني، محكمة شمال بنها تتلقى أوراق المرشحين المحتملين لانتخابات النواب    طريقة عمل بطاطس بيوريه بالجبن والثوم، أكلة سريعة التحضير ومغذية    الصحة: نجاح استئصال ورم بالجفن لمريضة عمرها 87 عامًا في مستشفى أتميدة المركزي    السيطرة على حريق شقة سكنية بالصف    17 أكتوبر.. أنغام تحيي حفلًا غنائيًا في قطر    هل يجوز منع النفقة عن الزوجة لتقصيرها في الصلاة والحجاب؟.. دار الإفتاء تجيب    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تستهل مشاركتها بالنسخة الثانية من منتدى «البوابة العالمية 2025» ببروكسل بلقاء مديرة الشئون المالية والاقتصادية بالمفوضية الأوروبية    فيفا: منتخب مصر يمتلك مقومات تكرار إنجاز المغرب فى كأس العالم 2026    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    اتحاد الكرة: نشكر الرئيس السيسي على دعمه للرياضة.. ونتمنى أن يكرر حسام حسن إنجاز الجوهري    محافظ أسيوط يكرم أبطال السباحة بعد فوزهم بالمركز الأول في بطولة الصعيد لمراكز الشباب    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    عاجل- ترامب: قد أزور مصر يوم الأحد.. ومفاوضات اتفاق غزة "بالغة القرب"    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    سما المصري توجه رسالة ل المستشار مرتضى منصور: «ربنا يقومه بالسلامة بحق صلحه معايا»    «مقنعة جدًا».. وليد صلاح الدين يكشف ردود سوروب على أسئلة «الأهلي»    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    8 شهداء في غزة خلال الساعات ال24 الماضية جراء الغارات الإسرائيلية    وزير الداخلية: مصر تمضي بثبات وسط عالم يموج بالصراعات والأزمات    سوء تفاهم قد يعكر الأجواء.. برج العقرب اليوم 9 أكتوبر    حساب فيفا يحتفى بصعود الفراعنة للمونديال: مصر البهية تُطِل على كأس العالم    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مارتن لوثر.. وخمسمائة عام!

نحن نطالب، منذ مائتى عام، بتجديد الخطاب الدينى ولا سميع ولا مجيب حتى الآن. والألمان والأوروبيون عامة يحتفلون هذه الأيام بالذكرى الخمسمائة لنجاح مارتن لوثر فى ثورته على الكنيسة الكاثوليكية ودعوته لتجديد الخطاب الدينى المسيحي. وأنا أكتب هذه المقالة من باريس وقد صدرت الصحف والمجلات المتخصصة وغير المتخصصة ومارتن لوثر وحركة الإصلاح الدينى والكنيسة البروتستانتية موضوع الغلاف، وأنجيلا ميركل رئيسة حكومة ألمانيا تشد الرحال إلى وتنبرج حيث أعلن مارتن لوثر اعتراضاته على متاجرة الكنيسة الكاثوليكية بصكوك الغفران، وتلقى خطابا تشارك به فى الاحتفالات وتدين فيه التعصب الدينى وتعلى من قيمة التسامح وتدعو لحياة إنسانية مشتركة لا يعكر صفوها التعدد والاختلاف.
وفى اعتقادى أن مارتن لوثر يستحق أن نهتم به نحن المصريين أيضا على اختلاف معتقداتنا لأن الدوافع التى أملت عليه دعوته التى قامت على أساسها الكنيسة البروتستانتية هى الدوافع التى تملى علينا دعوتنا لتجديد خطابنا الديني.
لقد ثار مارتن لوثر على الكنيسة الكاثوليكية، لأنها كانت تتاجر بالدين وتخلطه بالسياسة، وكانت تنحاز للأمراء والملوك الطغاة وتعتبرهم ظلالا لله على الأرض، ولأنها كانت تحارب العلم وتصادر حرية التفكير والتعبير وترفض كل فكرة أو رأى أو اكتشاف يخالف ما جاء فى التوراة والانجيل، وكانت تزعم أن كل ما يحتاج إليه البشر فى دنياهم وآخرتهم مذكور فى هذه الكتب الدينية فهم ليسوا بحاجة لعلم جديد أو اكتشاف جديد ولو كانت فيه حياتهم ونجاتهم من الجهل والتخلف والجوع والانقراض.ونحن نعرف ما صنعته الكنيسة الكاثوليكية مع كوبرنيك، ومع جاليليو، ومع جوردانو برونو ومع سواهم من الفلاسفة والسياسيين وعلماء الفلك وعلماء الطبيعة والأطباء والمؤرخين.
وكما صنعت الكنيسة الكاثوليكية مع هؤلاء صنعنا نحن أيضا مع المنصور الحلاج، ومع السهروردى المقتول، وابن رشد، وابن عربي، ولانزال نصنع مع حلفائهم من أمثال منصور فهمي، وعلى عبدالرازق، وطه حسين، وفرج فودة، ونجيب محفوظ، ونصر حامد أبوزيد، وإسلام بحيري.
وكما كان رجال الكنيسة الكاثوليكية يزعمون أن قوانين الطبيعة والفلك وحوادث التاريخ مسجلة كلها فى التوراة والانجيل منذ بدء الخليقة ظهر عندنا من يزعمون هذا الزعم من أمثال مصطفى محمود وزغلول النجار. وإذا كان رجال الدين فى العصور الوسطى قد احتكروا السلطة واحتكروا العلم بكل فروعه ومجالاته فهم المرجع فى الماضى والحاضر وفى السماء والأرض، وفى الدنيا والآخرة فقد اختلف الأمر فى عصر النهضة الذى استطاع فيه جاليليو أن يرى جبال القمر بالتلسكوب الذى صنعه ويثبت أن الأرض كروية وأنها هى التى تدور حول الشمس، كما تدور حول نفسها، واستطاع كريستوفر كولومبس أن يكتشف أمريكا التى لم يرد لها ولا لما فيها ومن فيها ذكر فى أى نص دينى، إذا كان هذا قد حدث فقد أصبح كلام رجال الدين فى السياسة والتاريخ والجغرافيا والطب والفلك مشكوكا فيه وأصبحت معارضتهم ممكنة. وهذا ما حدث فى أوروبا فى عصر نهضتها وما حدث عندنا فى نهضتنا الحديثة التى انفصلنا فيها عن سلطنة العثمانيين الدينية، واستعدنا استقلالنا الوطني، وتعرفنا على علوم العصر، وعلى الديمقراطية، وعلى حقوق الإنسان، وعلى مارتن لوثر.. لكننا لم ننجح حتى الآن فى تجديد خطابنا الدينى كما نجح مارتن لوثر الذى يحتفل العالم هذا الشهر بالذكرى الخمسمائة لقيام حركته.
كيف تعرفنا على مارتن لوثر؟
فى «تخليص الا بريز فى تلخيص باريز» يقول الطهطاوى وهو يتحدث عن دين أهل باريس: «ان دين الدولة هو دين النصارى القاثوليقية» ولكنه يستدرك فيقول «وقد بطل هذا الشرط بعد الفتنة الأخيرة» أى أن هذه المادة التى كانت موجودة فى الدستور السابق على ثورة 1830 أسقطت من الدستور الذى صدر بعدها. ثم يواصل الطهطاوى فيقول «وهم يعترفون للبابا الذى هو ملك روما بأنه عظيم النصارى وكبير ملتهم» لاحظ هنا أن الطهطاوى يسمى البابا ملكا، للآن الخلط بين السلطتين كان لايزال قائما فى ذلك الوقت.. ويضيف الطهطاوى «وكما أن الدين القاثوليقى هو دين الدولة الفرنساوية كذلك هو دين غالب الناس عندهم. وقد يوجد بباريس الملة النصرانية المسماة البروتستانتية وغيرها». وفى كتيب للدكتور نعيم اليافى عن «حركة الإصلاح الدينى فى عصر النهضة» يتحدث عن المؤثرات التى كانت وراء حركة الإصلاح الدينى عندنا ومنها المؤثرات الأجنبية، فيذكر مبادئ الثورة الفرنسية وما أحدثته فى النفوس من هزة وانفعال، ثم ينتقل إلى الإصلاح الدينى البروتستانتى فيقول انها الحركة «التى قادها لوثر فى وقت مبكر واطلع عليها الأفغانى وغير الأفغاني، وحاول أن يتمثلها ويحذو حذوها. وإذا ما أغفلنا جوانب كثيرة من التباين بين الحركتين، حركة الإصلاح الإسلامى وحركة الإصلاح البروتستانتى فإن الإطار العام الذى عملت فيه الحركتان يكاد يكون واحدا، فكيف إذا أضفنا إليه اطلاع أصحابنا عليه واعجابهم به وبأطروحات صاحبه؟». وهو يوضح فى الهامش ما قاله عن إعجاب زعماء الإصلاح الإسلامى بلوثر فيقول «ان رشيد رضا تلميذ محمد عبده يشيد فى مقالة نشرها عام 1899 بالرجل العظيم وإمام المصلحين. وكان الأفغانى قبله قد اعجب به وبحركته وتطلع إلى أن يقوم فى دار الإسلام بما قام به هو فى دار الغرب». وقد تحدث عن الصلة بين حركة الإصلاح الإسلامى وحركة الإصلاح البروتستانتى باحثون آخرون منهم على سبيل المثال عبدالله حنا الذى قارن فى كتابه «التجديد الإسلامى فى عصر النهضة» بين الحركتين. وهنا قد يعترض بعضنا فيقولون ان الإسلام ليس فيه سلطة دينية. فكيف نقارن بين البروتستانتية التى قامت ضد الكنيسة الكاثوليكية وحركة الإصلاح الدينى الإسلامية التى لم تواجه مثل هذه السلطة الدينية؟ وهو سؤال فى محله لكن المساحة لم تعد تتسع للإجابة عنه فإلى المقال المقبل حيث نجيب عليه وعلى غيره مما يتصل بهذا الموضوع.
لمزيد من مقالات أحمد عبدالمعطى حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.