فى مثل هذا اليوم من عام 1943 أعلن استقلال لبنان، واليوم يأتى عيد استقلاله وهو يكابد أزمة سياسية حادة بين مكوناته، إثر الاستقالة التى قدمها رئيس الوزراء سعد الحريرى من الرياض، وهى الأزمة التى شغلت عواصم العالم والاقليم، وأثارت جدلا ولغطا شديدين فى لبنان، حتى إن الحريرى نفسه وصفها بالاستقالة الصدمة، التى رأها ايجابية ، فى حين رأتها أطراف أخرى بشكل مغاير. الحريرى يقول انه أقدم على الاستقالة لكى تنتبه الأطراف اللبنانية لضرورة استقلال القرار السياسى اللبنانى وعدم انسياقه وراء محاور إقليمية ، مشيرا فى ذلك الى النفوذ والتدخل الايرانى فى شئون بلاده. فى حين ترى أطراف لبنانية أخرى ان الاستقالة بهذا الشكل هى خضوع من الحريرى لارادات غير لبنانية. أيا كان الأمر فان هناك عددا من الحقائق لا يمكن الهروب منها، أولاها أن حزب الله فى لبنان يمارس نفوذا وسلطة تتجاوز بكثير سلطة الدولة، وثانيها أن هذا الحزب يعبر عن مكون شعبى لبنانى لا يمكن اقصاؤه وله أيضا حلفاء لا يستهان بهم. لكن تمدد الحزب فى صراعات الاقليم تجعل لبنان كله الان عرضة لمخاطر كبرى يخشى الجميع ان تكون مدمرة له. اليوم يعود الحريرى الى بيروت كما طالبت الأطراف جميعا ، وسيكون أمام الساسة والقيادات والقوى والكتل اللبنانية كلها الاختيار بين طريقين، إما اتباع سياسة النأى بلبنان عن مشكلات ومحاور الاقليم بشكل حقيقى، أو استمرار الجميع فى الانخراط فى الاستقطاب الحالى المدمر للبنان والمنطقة، وعليهم الاختيار بين أن يكون بلدهم الصغير اول ساحة لحرب إقليمية تسعى أطراف خارجية دولية واقليمية لاشعالها، أو انقاذ هذا البلد العظيم الذى اكتوى بنيران حرب أهلية وصراعات داخلية واعتداءات اسرائيلية وارهاب وحشى، وهو المحاط بالحروب والنزاعات من كل جانب. لمزيد من مقالات أسماء الحسينى