اليوم - علي الأرجح- سيكون للبنان الشقيق رئيس للجمهورية، بعد ما يقرب من عامين ونصف العام ظل فيها موقع الرئاسة شاغرا، ومنعت الصراعات الحزبية التئام مجلس النواب اللبناني ليقوم بمهمته في اختيار الرئيس لعدم اكتمال النصاب القانوني لانعقاد الجلسات بسبب تغيب بعض الأطراف السياسية لعدم التوافق علي شخص الرئيس. وأخيراً انفتح الباب لتجاوز العقبات، بعد الاتفاق الذي تم بين سعد الحريري رئيس تيار المستقبل، وبين ميشيل عون المرشح الأساسي للرئاسة، والذي أنهي خصومة سياسية منعت انتخاب الرئيس طوال هذه المدة. الاتفاق الذي حظي بموافقة حزب الله وعدد آخر من التيارات السياسية يؤمن الأغلبية المطلوبة لاختيار الرئيس، وربما من الجولة الأولي التي تستلزم حصوله علي ثلثي الأصوات، وبدون الحاجة لجولة ثانية يكفيه فيها الحصول علي نفس الأصوات زائد واحد. ولاشك أن صمود لبنان لأزمته السياسية الداخلية طوال هذه الفترة، خاصة في ظل الظروف العاصفة التي تمر بها المنطقة وخاصة الجارة سوريا، هو انجاز حقيقي لشعب لبنان الشقيق الذي جرب قبل ذلك مرارة الحرب الأهلية، والذي يسعي جاهداً حتي لايدخل غمارها مرة أخري. وقد كان لبنان علي الدوام مسرحا لصراعات النفوذ بين القوي العالمية والاقليمية. وقد ازداد الأمر سوءا في السنوات الاخيرة مع ازدياد النفوذ الايراني، وتواجد قوي التشدد المذهبي- ومحاولات جر القطر الشقيق إلي جحيم الحرب اللبنانية.. سواء من جانب إيران، أو من جانب قوي التطرف المدعومةمن بعض العرب والقوي الاقليمية والاجنبية. والمهم الآن أن انتخاب ميشيل عون للرئاسة لن ينهي الصراعات، وأن تشكيل الحكومة برئاسة الحريري »كما اتفقت الأطراف الأساسية» لن يكون عملية سهلة وأن الألغام مازالت كثيرة في طريق أي توافق لبناني.. والمشاكل هائلة في ظل أزمة اقتصادية، وانهيار للسياحة، وتحمل عبء اللاجئين السوريين الذين أصبحوا يمثلون أكثر من ربع عدد المقيمين في لبنان.. مع استمرار الحرب في سوريا، والصراع علي مستقبل لبنان والمنطقة. ولعلنا نذكر هنا أن مصر ظلت لعقود طويلة داعمة لاستقلال لبنان، وراعية للحوار والتفاهم بين كل مكوناته السياسية والمذهبية، وأن غياب أو تراجع الدور العربي لمصر لسنوات طويلة كان كارثيا علي مصر والعرب بمن فيهم لبنان. ورغم كل الظروف والتحديات التي تمر بها مصر، فإن استعادة الفاعلية للدور العربي لمصر هي جزء من مواجهتنا لكل القوي التي تتربص بنا أو التي تريد أن توطد نفوذها في المنطقة في غياب العرب.. أو في غياب مصر بالذات!! انتخاب عون رئيسا للبنان اليوم، بداية لمرحلة صعبة، علينا جميعا أن نساعد لبنان الشقيق علي تجاوزها بنجاح، لأن عاقبة الفشل ستكون فادحة، ولأن آثارها لن تقتصر علي لبنان فقط، بل ستمتد للمنطقة بأسرها.