الفساد " أفة " تصيب المجتمع فى مقتل ، ليس له حدود ، تخطى من المحلية والاقليمية الى الدولية كأنه وباء وانتشر عالميا، فما من يوم إلا وتطلعنا الصحف فى كل دول العالم بأنباء عن القبض على المسئول الفلانى والمسئول العلانى بتهمة الفساد السياسى ووفقا لتعريف الفساد السياسى فإنه إساءة لاستخدام السلطه العامه ( الحكوميه) لتحقيق اهداف غير مشروعه و غالبا تحقيق المصالح الشخصيه فقط وهو مرتبط ارتباطاً بالسيطرة على السلطة السياسية، وثروات البلد في ظرف تاريخي معين وبناء عليه فإن كل أنواع النظم السياسيه و الحكومات من الممكن ان تتعرض لفساد سياسى لكن النظم الديموقراطيه يمكن الى حد كبير التحكم فى تقليل فرص الفساد فيها بمحاسبة المسئولين وعزلهم من مناصبهم أو حتى إيداعهم داخل السجون. وللأسف تلك الآفة التى أنتشرت فى المجتمعات المصرية والعربية والدولية كالأخطبوط لها أذرع عديدة متفرعة ومتشابكة وكلما قطع ذراع نشء غيره بسرعة ، منها المحسوبيه و الرشوه و ممارسة النفوذ و الواسطه ونهايتهم جميعا جرائم تقع كل يوم فى المجتمع. والسبب توسيد الآمر فى غير أهله ، وضعف البنية التحتية للحكومة وإنعدام الشفافية وعدم صحة المعلومات التى تصل لصناع القرار والضرب بكلام الصحافة والشعب والمعارضة عرض الحائط عند الكشف عن وجود فساد و فاسدين و المكابره و عدم سمع الاتهامات او التحقيق فيها أو المساءلة بالاضافة الى إهمال تقارير الرقابه الاداريه و الماليه وانخفاض الاجور والمرتبات وتعيين الاقارب وذوى الحظوة من مبدأ أهل الثقة وليس أهل الخبرة وأخيرا ارتفاع الاسعار بهذه الطريقة الجنونية . ويأتى هذا كله فى ظل وجود شعب ، أصيب بالاحباط و فقدان الثقة فى الآمور من مبدأ أن الأمر واقع ولن يتغير ، وبغياب بعض أشكال المشاركة السياسية للمواطنين وغياب المؤسسات السياسية الفاعلة للدولة كإحدى مرتكزات الديمقراطية، مما يعنى الكسب غير المشروع بغرض الانتقال السريع من الفقر إلى الثراء. ولان موضوع الفساد السياسى موضوع طويل يحتاج الى مجلدات للكتابة فيه ، غير أنه يبعث الكأبة فى النفس ، تذكرت وأنا بصدد الكتابة عنه قصة قد ارسلها لى زميل عن الفساد السياسى تلم به من جميع الجوانب وبها ما قل ودل . تقول سأل طفل والده : ما معنى الفساد السياسى ؟ فأجابه الوالد : لن أخبرك يا بنى لانه صعب عليك فى هذا السن فهم ما معناه ، لكن دعني أقرّب لك الموضوع ...أنا أصرف على البيت لذلك سأطلق على نفسى أسم الرأسمالية ... وأمك تنظم شئوون البيت لذلك سنطلق عليها أسم الحكومة ... وانت تحت تصرفها ، لذلك فسنطلق عليك أسم الشعب ...وأخوك الصغير هو أملنا ، فسنطلق عليه أسم المستقبل ...أما الخادمة التى عندنا فهى تعيش من ورائنا ، فسنطلق عليها أسم القوى الكادحة ...فأذهب الآن يا بني وفكر عساك تصل إلى نتيجة . وفى الليل لم يستطع الطفل أن ينام ، فنهض من نومه قلقا ...ولما سمع صوت أخيه الصغير يبكى ، قام وذهب اليه فوجده قد بلل حفاضه – فذهب الى أمه ليخبرها فوجدها غارقة فى نوم عميق ولم تستيقظ ، وتعجب جدا أنّ والده ليس نائما بجوارها !!! وبينما هو يبحث عن أبيه ، سمع همسات وضحك فى غرفة الخادمة ، فنظر من ثقب الباب فوجد أبوه يلهو مع الخادمة !! وفى اليوم التالى قال الولد لأبيه : لقد عرفت يا أبى معنى الفساد السياسى . فقال الوالد : ما شاء الله عليك ...هاه فماذا عرفت عنه ؟ ؟؟فقال الولد : عندما تلهو الرأسمالية بالقوى الكادحة ، وتكون الحكومة نائمة فى سبات عميق ، يصبح الشعب قلقا تائها مهملا تماما ، ويصبح المستقبل غارقا فى القذارة عندها يا أبى يكون الفساد السياسي . فقال الأب :يا ابن "........" عرفتها إزاى دي ؟ لمزيد من مقالات سعاد طنطاوى;