بورسعيد تصلح لأن تكون نموذجا يسهل قراءته للأوضاع والنظم التموينية السائدة في كل المحافظات.. ما يجري في منافذ وأسواق المدينة لبيع السلع. وأيضا التوابع والنتائج المتوقعة للحركة التموينية هو نفسه ما يحدث وما تمضي إليه في أنحاء مصر.. مفردات الحاضر ومؤشرات المستقبل تعلنها بورسعيد التي اخترناها نموذجا فهي مدينة صغيرة لا تجهدنا في رصد الحياة السلعية.. وعناصر تعاملها محدودة وما يعنينا منها فئات المستهلكين وهي ثلاثة: أقلية قادرة.. أغلبية محدودة الدخل وجموع الفقراء.. أما موضوعنا فعنوانه شهير وهو: الجمعية التعاونية الاستهلاكية.. كيف كانت وإلي أي درجة تراجعت فعاليتها؟! تجربة التعاون الاستهلاكي بدأت عام1942 وقد أنشأت لخدمة المواطنين ومكافحة الغلاء وقد تجاوز عدد جمعياتها في مصر تسعة آلاف, وشهدت الاعوام العشرون الماضية انحسارا لحوالي ثلثيها وكان لها دور فعال للغاية في الحد من ظاهرة الغلاء بتوفيرها معظم السلع الأساسية لتباع بأسعار معقولة للمواطنين خاصة المجمدات من اللحوم والدواجن والأسماك وغيرها وأضافت إليها الفروع البورسعيدية وعددها12 جمعية إنتاج ملاحة أسماك بورفؤاد.. ويستطرد محمد فرحات رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الاستهلاكية فيقول: الأسعار أصبحت وفق هوي التجار ومستوردي القطاع الخاص وأضيفت الضريبة إلي الأسعار فتوقفت الجمعيات عن نشاطها واكتفت بصرف المقررات التموينية الشهرية المربوطة علي البطاقات مع بعض منتجات البقالة والتي نشتريها من الاتحاد التعاوني الاستهلاكي ولم تعد الجمعيات قادرة ماليا علي شراء سلعها الحيوية القديمة من القطاع الخاص ومن هوامش أرباح المقررات التموينية تجمع الجمعيات ما يكفي بالكاد أجور حوالي55 موظفا وعاملا في ثمانية فروع تابعة للمحافظة, وأما الأربعة الأخري فهي تابعة لهيئة قناة السويس وشركة الرباط فموظفوها منتدبون للعمل في الفروع الأربعة ومن ثم فهم يتقاضون مرتباتهم من هيئاتهم ويقترح فرحات لإنقاذ فروع المحافظة اتفاق وزارة التجارة مع المحافظين علي تخصيص أراض لأسواق السلع تباع بأسعار الجملة مع استخدام ثلاجات الجمعيات لبيع اللحوم المستوردة والذبائح كما هو متبع بالاسماعيلية والسويس وبعض المحافظات, وأما عن الاتحاد التعاوني الاستهلاكي فينوه بدوره مدير الاتحاد ببورسعيد محمود المصري فيقول إن الاتحاد هو الموزع الوحيد لمجموعة كبيرة من السلع الغذائية الأساسية وبيعها إلي كافة منافذ التوزيع بذات الأسعار التي يقوم بها للجمعيات التعاونية مشيرا الي إن هذه السلع تطرح علي فروع الجمعيات التعاونية المنتمية للاتحاد غير محملة بهوامش ربح الوسطاء.. وهكذا تعيش أطلال الجمعيات مرحلة احتضار واختفاء في ظلال سياسة تحرير التجارة وإلغاء التسعيرة وإهمال المحافظات للحلول المتاحة..