يعد انتشار السلاح النووى فى الدول المحيطة بالعالم العربى تحديدا وفى العالم بوجه عام من مصادر التهديد للأمن القومى العربى ولذلك تبذل الدول العربية وفى مقدمتها مصر جهودا كبيرة منذ سنوات على الساحتين الإقليمية والدولية من أجل تحقيق الحد من انتشار السلاح النووى وإقامة منطقة خالية منه فى الشرق الأوسط. وقد واجهت الجهود المصرية والعربية الكثير من العراقيل على المستوى الدولى. ولكن ولأن الأمل فى تحقيق عالم منزوع السلاح النووى حصل على دفعة جديدة بالتوصل إلى معاهدة حظر أو نزع السلاح النووى فى الجمعية العامة للأمم المتحدة أخيرا.
فإن الرغبة المصرية العربية فى إعداد جيل جديد قادر على خوض معركة إخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووى راودت عدة جهات معنية وكان اللقاء على ضفاف نيل القاهرة لتدشين هذا الجهد الأخلاقى الإنسانى السامى. وفى ذلك الإطار استضافت القاهرة على مدى يومين أعمال «المنتدى النووى اجتماع القاهرة» الذى نظم ورشة عمل بعنوان: «نحو تجمع شبابى مختص فى قضايا الأمن والأسلحة النووية» والتى تم تنظيمها بالتعاون بين المجلس المصرى للشئون الخارجية وجمعية الباجواش المصرى للعلوم والشئون الدولية ومنتدى الأمن العربى والمعهد العربى لدراسات الأمن (الأردن) ومبادرة التهديد النووى (الولاياتالمتحدة). وقد شهدت الورشة مشاركة لفيف من كبار ورموز الدبلوماسية المصرية والخبراء المصريين والأجانب فى المجال النووى. وقد استعرض المشاركون أبعاد معاهدة منع (حظر) الانتشار النووى ومؤتمرات مراجعتها ونظام الرقابة على الصادرات النووية وحظر الانتشار النووى وأدواته على المستويين الإقليمى والدولى، وتعزيز استخدام الطاقة النووية فى الأغراض السلمية والأزمة الإيرانية والكورية الشمالية، وتناول د.كوبن أسباب عدم موافقة بلاده على معاهدة منع الأسلحة النووية. وتحدث السفير الدكتور خالد جلال مندوب مصر الدائم لدى جامعة الدول العربية وممثل وزارة الخارجية المصرية مشيرا إلى أهمية استثمار الجهد والوقت فى الشباب والطلبة المهتمين بقضايا منع الانتشار والأمن النووى انطلاقا من أن المهنيين الشباب هم الأمل فى تحقيق هدف سام طال انتظاره طوال ال 70سنة الماضية. وأكد أن هناك تواصلا بين جيل الأساتذة وجيل الوسط فى الدبلوماسية المصرية التى عملت حثيثا فى محاولة لتحقيق هدف الحد من التسلح ونزع السلاح النووى وجميع أسلحة الدمار الشامل. فمصر عملت منذ نشأة الأممالمتحدة بهمة ونشاط من أجل تعزيز السلم والأمن الدوليين ولاسيما فيما يتعلق بموضوعات نزع السلاح وأسهمت فى اعتماد آليات وصكوك قانونية وقرارات الأممالمتحدة، وشاركت بانتظام فى قضايا نزع السلاح فى الجمعية العامة أو فى مؤتمر نزع السلاح فى جنيف أوفى هيئة نزع السلاح فى الجمعية العامة. وقد كانت الرؤية المصرية دائما هى تعزيز معايير الشفافية والتكافوء فى التعبير عن المصالح المشتركة للعضوية العامة للأمم المتحدة فى إطار يراعى الحقوق الأصيلة للدول الأعضاء فيما يتعلق بصيانة الأمن القومى والدفاع عن النفس. وقال السفير خالد أننا ونحن بصدد الاحتفال بذكرى مرور 50 سنة على إقرار معاهدة منع الانتشار، فإن الجهد المصرى فى إطار هذه المعاهدة جدير بالذكر والاستذكار. ونبه بقوله: «لقد وظفت مصر، ولا تزال، حضورها فى جميع المحافل الدولية لتأكيد مركزية المعاهدة وأهمية تنفيذ بنودها بشكل كامل ولاسيما المادة الثالثة التى تؤكد الالتزام القانونى للدول النووية بنزع ترسانتها النووية. وتمسكت مصر بأن برامج تحديث الترسانة النووية إنما تعكس تمسكا لا رجعة فيه بهدف إبقاء السلاح النووى وليس التزاما لارجعة فيه بشأن هدف نزع السلاح النووى». وأضاف بأن : «قضية إخلاء العالم من الأسلحة النووية ليست قضية أمنية وسياسية بل هى قضية ذات طابع أخلاقي وإنساني وهو الأمر الذى دفع مصر إلى الانضمام للجهود المتعلقة بابراز الأخطار الإنسانية للأسلحة النووية». واستعرض السفير جهود مصر مشيرا إلى أنه :«إيمانا من مصر بمركزية المعاهدة فى حفظ السلم والأمن الدوليين فإنها عملت على التوصل إلى هدف التمديد النهائى للمعاهدة فى إطار صفقة متكاملة تعكس بالأساس هدف إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وكذلك تطبيق المادة السادسة من المعاهدة وصولا إلى التخلص الشامل من الأسلحة النووية فى العالم». كما قال إنه لا يمكننا أن نتناول أولوية تحقيق نزع السلاح النووى بجدية دون أن نتطرق إلى أولوية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وسائر أسلحة الدمار الشامل الأخرى. فبالرغم من اعتماد القرار السنوى الذى تتقدم به مصر إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء المنطقة الخالية فى الشرق الأوسط، وبالرغم من اعتماد مؤتمر المراجعة ومن مده اللانهائي فى عام 1995بقرار الشرق الأوسط ، وهو قرار له وضعية خاصة بالنسبة لبنية المعاهدة من الناحية القانونية، وبالرغم من اعتماد خطة عمل مفصلة لتنفيذ القرار بمؤتمر المراجعة عام 2010، إلا أنه من المؤسف استمرار الجمود الحالى فى إنشاء المنطقة الخالية من السلاح النووى وسائر أسلحة الدمار الشامل. وأكد السفير خالد أن ما قاله ما هو إلا محاولة للوصل بين الماضى والحاضر الذى نعيشه وما نأمل أن يسهم به المتدربون والمهتمون والمهنيون الجدد فى المستقبل خاصة مستقبل هذه القضية الحيوية والجوهرية ليس فقط لمصر وللشرق الأوسط إنما للعالم ككل. وختم السفير حديثه بالقول :«المهنيون الجدد هم الأمل لاستكمال ما بدأ منذ أكثر من 50 سنة ونحن نعول على هذا الجيل كثيرا لأن هذا الجيل هو ما سيتعين عليه التعامل مع هذه الأوضاع الحالية التى تم تكريس الكثير من الوقت والجهد لمحاولة تخطيها ومعالجتها وتجاوزها. فربما ينجح الجيل القادم فيما لم ينجح فيه السابقون». وقد استعرض الدبلوماسى المصرى سامح الخشن دور الوكالة الدولية للطقة الذرية والأدوات الإقليمية والدولية لمنع الانتشار النووى. وقدم فادى اشعيا من إدارة الأمن ونزع السلاح فى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية عرضا توضيحيا لدور الجامعة فى مجال مكافحة الانتشار النووى وإقامة منطقة خالية من السلاح النووى فى الشرق الأوسط. وأشار السفير دكتور منير زهران (المجلس المصري للشئون الخارجية) إلى أنه لم يمر على توقيع ميثاق الأممالمتحدة تم توقيعه فى يونيو 1945 سوى وقت قصير عندما أقدمت الولاياتالمتحدة على ضرب كل من هيروشيما وناجازاكى بالقنابل الذرية. لذلك فهو يرى أن على العالم أن يضع فى الحسبان عدم تكرار الخطأ وعدم استخدام التكنولوجيا النووية للأغراض العسكرية فى محاولة لتخليص العالم من السلاح النووى الذى يعد أخطر ما بكوكب الأرض من سلاح. وعلقت الدكتورة أميرة الشنوانى منتقدة ازدواجية المعايير فى التعامل بميدان منع الانتشار النووى. وكذلك موقف الدول التى لم توقع على معاهدة منع الانتشار على الرغم من حصولها على الرادع الذى كفل لها السلام وحرية العمل فى المجال دون قيود على الرغم من امتلاكها السلاح النووى وذلك على النقيض من دول أخرى مثل العراق وسوريا.