كتبت:مايسة السلكاوي: ستظل السيرة النبوية العطرة طريق هدي ونبراس حق لكل المسلمين في بقاع الأرض.. كلما تذكرناها إزددنا إيمانا بقيمة وقامة رسول الله صلي الله وسلم وصحبه الكرام.. وفي رمضان يتطلب الأمر هذه التذكرة للخروج بالدروس المرجوة, فهي ليست سيرة تتلي والسلام, إنما هي دروس تبقي علي مدي الأجيال. والشكر هنا واجب لمؤلف كتاب الأطلس التاريخي لسيرة الرسول صلي الله عليه وسلم السيد سامي بن عبدالله بن أحمد المغلوث في طبعته الخامسة. بدأ رسول الله صلي الله عليه وسلم عرض دعوته علي حجاج القبائل العربية خلال موسم الحج وكان يتصل بهم سرا لتعنت قريش الشديد وتعذيبها للمسلمين ولكنه لم يجد تجاوبا منهم. أما أهل يثرب فقد تميزوا بمجاورتهم لليهود وهم أهل كتاب ولديهم معرفة بالرسالات السماوية وكانت تخبرهم بقرب ظهور نبي مرسل للناس والتقي النبي بعدد منهم وعرض عليهم دعوته فاقتنعوا بما قاله وايقنوا انه النبي المرتقب وعندما رجعوا لديارهم أخذوا يدعون إلي الاسلام. وفي موسم الحج التالي وبعد بيعة العقبة الأولي سنة12 من البعثة النبوية أرسل رسول الله صلي الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير ليعلمهم القرآن الكريم وأسلم عدد كبير من أهل يثرب منهم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير.. وأثناء موسم الحج سنة13 من البعثة كانت البيعة الثانية سرا عند العقبة وحضر الرسول الكريم مع عمه العباس وكان لا يزال علي الكفر وبايعهم الرسول علي أن يحميه الأنصار اذا هاجر اليهم وأن يبقي معهم يحارب من يحاربهم ويسالم من يسالمهم. وعندما علمت قريش بهذه البيعة ثارت وقرروا منع رسول الله صلي الله عليه وسلم من الوصول إلي يثرب فرارا بدينهم وظل هو وأبو بكر وعلي بن أبي طالب بمكة بانتظار الأمر بالهجرة. اجتمعت قريش في دار الندوة لتدبير القضاء علي محمد قبل أن يهاجر إلي يثرب واتفقوا علي يؤخذ فتي من كل قبيلة ومعه سيف لقتل محمد قتلة واحدة وبذلك يتفرق دمه بين القبائل فلا يستطيع بنو عبد مناف المطالبة بديه. وعلم الرسول بالاجتماع فذهب إلي أبي بكر وقال: يا أبا بكر إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة ففرح أبو بكر وطلب مرافقته فوافق الرسول وأعد أبو بكر العدة وطلب الرسول الكريم من علي بن ابي طالب أن ينام في فراشه تمويها علي قريش ثم يرد للناس أماناتهم التي استودعوها عند الرسول ثم يلحق بهم بعد ذلك. وخرج الرسول الكريم ليلا وسط هذا الحصار الشديد دون أن يراه أحد منهم متوجها إلي دار أبي بكر ومنها إلي غار ثور جنوبمكه ومكثا فيه ثلاثة أيام. ثم جاء الدليل براحلتين أعدهما مسبقا أبو بكر وسار الركب نحو يثرب مارا بخيمة أم معبد وحدثت معجزة كبيرة حينما مسح رسول الله صلي الله عليه وسلم علي ضرع الشاة الهزيلة قدرت وحلبت فشرب الجميع لبنا ثم بايع أم معبد علي الاسلام, واستكمل الركب مسيرته ولحق بهم سراقة بن مالك وكانت قريش قد خصصت مائة ناقة لمن يأتي بمحمد ولكن فرسه غرزت في الرمل ولم تقدر علي السير وحاول ثلاث مرات فأيقن سراقة أنه أمام نبي مرسل فطلب من الرسول الكريم أن يعده بشئ إن نصره الله فوعده بسواري كسري يليها ثم عاد سراقة إلي مكة متظاهرا بأنه لم يعثر علي أحد. ووصل الركب إلي قباء يوم الأثنين12 ربيع الأول سنة13 من البعثة واستقبله المسلمون بيثرب بالتكبير والشكر لله علي وجوده معهم.