سباق مفتوح يفترض أن يكون جوهره الثقافة ومداره كيف يمكن «التعايش بين الثقافات»، وتجنب «صدام الحضارات»، إلا أن الشواهد كلها تقول إن معركة المدير العام لمنظمة الثقافة والعلوم«اليونسكو» ستكون « سياسة» بامتياز، وتعكس المعركة التى يشتد أوزارها كل ساعة صورة للمشهد العام فى الساحتين الإقليمية والدولية، ففى الوقت الذى تراهن فيه مصر علي«قوة الحضارة»، والرؤية المعتدلة المتسامحة فإن دولة أخرى عرفت بدعمها للإرهاب تراهن على «سلاح وأوهام المال». ويبدو أنها استعدت منذ زمن طويل لهذه المعركة، ويتردد فى أروقة المنظمة الدولية أنها قدمت ملايين الدولارات ليوم كهذا. ويقول البعض إن الدولة الصغيرة ذات الأوهام الكبيرة تخطط لاستخدام المنظمة الدولية كإحدي «أدواتها الدعائية»، وبعيدا عن ذلك يعكس المشهد الحالى صخبا كبيرا بشأن «الوجود الصيني» على المسرح الدولي، وتبدو« القوة العظمى» الصاعدة بقوة أنها ترغب فى ان تضع لمساتها علي«المنظمات الدولية»، خاصة اليونسكو ساحة« التبادل وأحيانا الصراع الحضارى والثقافي».. وفى المقابل فإن فرنسا التى تفتخر بأنها «عاصمة النور»، وبالرغم من الانحسار الواضح أمام «الثقافة الإنجلوساكسونية». وثقافات الشرق الآسيوى فإن فرنسا يغالبها «الحنين للماضي»وترغب فى أن تعوض بالثقافة «أدوارا» تجاوزتها فى ميادين القوة والسياسة وهنا نرصد جزءا من حرارة المشهد، فضلا عن رصد التجارب والدروس المستفادة من الماضى. كشف السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق ومدير الحملة الانتخابية للمرشحة المصرية لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو مشيرة خطاب عن أن المعركة صعبة والمنافسة حادة جدا، مؤكدا أنها معركة ذات صبغة سياسية، وأوضح العرابى فى تصريحات خاصة ل «الأهرام» عن أن الفريق المصرى يبذل جهودا مكثفة للغاية، وأن الأيام الماضية والساعات المقبلة تشهد لقاءات مطولة ومكثفة ومناقشات عميقة مع ممثلى الدول الأعضاء فى المجلس التنفيذى للمنظمة والذين لهم الحق فى التصويت لاختيار المدير العام الجديد لليونسكو. وأكد العرابى أن مصر تقف بقوة خلف المرشحة مشيرة خطاب، وحرصت على إرسال »رسالة قوية« للجميع من خلال إرسال وزير الخارجية سامح شكرى إلى العاصمة الفرنسية.. وأوضح أن الحكومة المصرية تؤكد من خلال شكرى أنها تأخذ عملية اختيار مدير عام اليونسكو الجديد بمنتهى الأهمية، وأن القاهرة تستخدم أوراقها وعلاقاتها الخاصة مع الدول الأخرى لتأمين عملية الفوز بهذا المنصب الرفيع، وأشار إلى أن الدولة المصرية والشعب المصرى لديهما مشاعر غامرة، تؤكد وتشجع المرشحة المصرية. وقال العرابى إن المعركة الانتخابية تشهد حاليا وجود ثلاثة مرشحين عرب بعد انسحاب المرشح العراقى و3 من آسيا وواحد من أوروبا إلا أن المرشحة المصرية هى الوحيدة التى تمتلك تأييدا اقليميا، وأشار إلى ان «خطاب» هى مرشحة القارة الإفريقية طبقا لقرار قمة الاتحاد الإفريقى الأخير. وردا على سؤال بشأن أجواء العملية قبل ساعات من بدء التصويت. قال العرابى إن السباق دقيق وصعب للغاية، ولكن لدينا ثقة. وأشار إلى أنهم يتحدثون عن ضرورة اجراء اصلاحات جذرية بهذه المنظمة المهمة التى تمثل ضمير العالم، ولكن لا يتحدثون عن ضرورة حسن اختيار المدير العام الجديد كأساس لأى عملية إصلاح مستقبلية وأضاف العرابى فى حواره الصريح أننا الآن وصلنا إلى الانتخابات حيث نتوقع كما سمعنا أن معيار اختيار المدير العام الجديد هو الكفاءة والشفافية والقدرة على تنفيذ الأهداف السامية لهذه المنظمة، وأكد الدبلوماسى المخضرم أن الدول أعضاء المجلس التنفيذى أمام اختبار حقيقى، واختيارهم يجب أن يكون بعيدا عن أى مؤثرات أو ضغوط حتى تؤكد المنظمة مصداقيتها. وأعرب العرابى عن ثقته فى أن الفريق المصرى سوف يبذل أقصى جهد لتحقيق الانتصار فى هذه المعركة الدبلوماسية الصعبة، وأشار إلى أنه لم يعد يفصلنا سوى ساعات عن بداية العملية الانتخابية المرتقبة التى تبدأ غدا 9 أكتوبر والنتيجة يوم 13. وكشفت مصادر مطلعة ل «الأهرام» أن المعركة سوف تنحصر فى النهاية ما بين 3 دول هى مصر وفرنسا والصين، وأوضحت المصادر أن الوزيرة المصرية السابقة مشيرة خطاب هى أبرز المرشحين، ولديها فرص أفضل من منافستها الفرنسية والمرشح الصينى. وقالت المصادر الغربية إن المرشحة المصرية ارتفعت أسهمها بعد الأداء الرائع، والبيان الوافى حول رؤيتها لليونسكو فى المرحلة المقبلة، وأهم الأولويات التى ينبغى أن تتصدر جدول أعمال المنظمة. ولاقى تركيز خطاب فى رؤيتها على كيفية العناية بالجهاز الإدارى لليونسكو قبولا إيجابيا من قبل الدول الأعضاء.. وأشارت المصادر إلى أن ترشيح أودرى أزولاى وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة فى عهد الرئيس الفرنسى السابق فرانسوا أولاند، ذات الأصول المغربية اليهودية، والذى جاء فى اللحظات الأخيرة مازال يجاهد بشدة نظرا لأن بيان الوزيرة الفرنسية جاء تقليديا، ولم يتميز بيان المرشح الصينى. ومن المقرر أن تبدأ الجلسة الأولى للتصويت على المرشحين ثمانية مرشحين هل غير مضاف لهم د. خطاب داخل المجلس التنفيذى غدا 9 أكتوبر، فإذا لم يفز أى من المرشحين بالأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس البالغ عددهم 58 دولة تتم إعادة التصويت.