انتهى مهرجان الجونة السينمائي، ولم تنته اصداؤه. كان المهرجان قد احتل صدارة الاخبار بمصر بسبب لفظ غير لائق تفوه به أحد ممثلى فيلم الافتتاح فقامت الدنيا ولم تقعد. وعاد الى القاهرة اعتراضا على عدم دعوتهم لحفل الافتتاح 5 صحفيين من اصل 250 صحفيا واعلاميا حضروا المهرجان. وصلت الجونة بعد ان هدأت الضجة وانغمس الجميع فى الانشطة مستمتعين بأجواء المهرجان. أحضر المهرجانات السينمائية بانتظام منذ اكثر من ربع قرن كناقد ممثلا لمؤسسة الاهرام وكمخرج ومحاضر وعضو لجنة تحكيم ومدير مهرجانى بعض الاحيان. وكثيرا ما اتحسر على حال مهرجاناتنا المصرية التى لا يرتقى اغلبها لاى مستوى مقبول، تارة بسبب ضعف التمويل او بسبب الامكانات الفنية المحدودة لمن ينظمونها. لذلك اخذت انتظر فعاليات مهرجان الجونة بالكثير من الترقب. كان هناك تفاؤل مصدره اختيار عدد من المتميزين لادارة المهرجان على رأسهم الفنانة بشرى والعراقى انتشال التميمى مدير المهرجان وعمرو منسى رئيسه التنفيذى وكمال زادة احد مؤسسيه. وقد وضع امام مؤسسى المهرجان الميزانية اللازمة لصناعة حدث ناجح. وبأى تقدير احترافى نستطيع ان نقول ان ميزانية المهرجان لا تقل عن 70 مليون جنيه مصري، منها تكاليف تجهيز عدة قاعات سينما من الالف الى الياء منها العرض المفتوح كسينما المارينا والمغطى كالمسماة سى سينما. وتم استخدام الجامعة الالمانية بالجونة كمقر رئيسى للمهرجان لتقام به الندوات والاحداث المهمة، ويلتقى به ضيوف المهرجان من اعلاميين وصناع سينما، وكذلك توجد به ادارة المهرجان والمقر الصحفى وقد سعدت كثيرا بالمهرجان لاسباب كثيرة. اهمها قائمة الافلام الرائعة التى يعرضها الجونة. لقد قدم نخبة من أهم افلام العالم هذا العام اغلبها حاز جوائز مهمة بمهرجانات العالم الكبرى مثل الجانب الاخر للامل (جائزة افضل مخرج برلين) القضية رقم 23 (جائزة افضل ممثل بفينيسا) ثلاث قمم (جائزة فارايتى بلوكارنو) المربع (السعفة الذهبية لمهرجان كان). وهناك افلام لمخرجين ونجوم كبار مثل فيلم غرق للالمانى الكبير فيم فيندرز وفى البدء قتلوا ابى الذى اخرجته النجمة العالمية انجلينا جولى وتحفتان حديثتان لاوليفر ستون احد اشهر المخرجين الامريكيين هما فيلمه السياسى سنودن وسفره الطويل المسمى محاورات بوتين وهى سلسلة وثائقية عن حياة الرئيس الروسى الشهير من الطفولة حتى الان. وعرض كذلك اهم احدث خمسة افلام عربية جديدة مثل وليلى للمغربى فوزى بنسعيدى الذى عرض بمهرجان فينيسيا. اذا احببنا تلخيص مهرجان الجونة فلن نجد افضل من تعليق هدى ابراهيم الصحفية اللبنانية المقيمة بباريس و التى تغطى المهرجانات السينمائية لوكالة الانباء الفرنسية منذ اكثر من ربع قرن. قالت هدي: مهرجان الجونة السينمائي، افلام جميلة عموما، اطار طبيعى خلاب، ورشات عمل وسهرات من نوع لا يمل، كل ذلك وسط رغبة معلنة ومطبقة بتقديم خدمات سياحية عالية الجودة، وفى غاية الاختصاص، بينما يدور المهرجان وسط احساس مختلف عما هو عليه الحال فى مصر، هناك تنوع وامن وحداثة وحرية وشياكة وشئ من الفرح: امور بدا كأننا نسيناها فى غمرة المأساة العامة، لكنها امور مازالت موجودة حية ونحتاجها. فى مهرجان الجونة، شئ حقيقى من عبق واناقة الفيلم المصرى القديم، بعد ان احسسنا ان تلك الصورة الجميلة والعالم الذى شكلها قد اختفيا من مصر الى الابد«. لم تكذب هدى و لم تبالغ ولا تحتاج ان تنافق، فالأمر كذلك فى الجونة. ولكى تكتمل الصورة لابد ان تعرف ان اهم فعاليات المهرجان هى ما يسمى منصة الجونة السينمائية وهو ملتقى احترافى يهدف الى دعم المواهب السينمائية فى مصر و العالم العربى من خلال ندوات وورش عمل وكذلك منطلق الجونة السينمائى وهو معمل للانتاج المشترك وتطوير المشاريع منها ما هو سيناريو و ما هو قيد التنفيذ، ويتم لقاؤهم بممثلى صناديق دعم وموزعين عالميين ليساعدوا الافلام ان تصنع وتعرض بمهرجانات دولية مهمة، وجوائز المنصة 60 الف دولار بالاضافة لجوائز المسابقات الثلاث للمهرجان التى تتعدى 220 الف دولار. آفة مهرجان الجونة وربما ميزته انه مهرجان لرواده حيث ان مدينة الجونة ليس بها اى سكان، فهل يجذب فى المستقبل القريب محبى سينما يأتون للاستمتاع بالمدينة والسينما معا. وعيب مهرجان الجونة انه يقلد مهرجانى ابوظبى ودبى احيانا بشكل جيد واحيانا بشكل سيئ وهو الاعتماد على اسماء بعينها فى الصحافة والصناعة وعالم المهرجانات، لتتكرر الشكوى الدائمة من مهرجانات اصبحت ناديا مغلقا لروادها والمستفيدين من ثمارها الاحترافية. لمزيد من مقالات د.أحمد عاطف;