* الانتخابات مخرج آمن لإنهاء المرحلة الانتقالية وتحقيق الاستقرار فى ليبيا * سنحارب كل من يسعى لتحويل ليبيا إلى منصة للإرهاب العالمى أعرب الدكتور فتحى المجبري، نائب رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الليبية، عن أمله أن تفضى المحادثات بين الفرقاء الليبيين المنعقدة حاليا فى تونس إلى وفاق وطنى شامل لا يقصى أحدا. وقال فى حوار ل «الأهرام» إن اتفاق الصخيرات الذى تم التوصل إليه قبل عامين لم ينجح فى التعامل بشكل جيد مع قضية إعادة بناء المؤسسة العسكرية الليبية وتنظيمها، وإن المطلوب الآن من محادثات تونس لتعديل «الصخيرات» الاتفاق على كيان عسكرى موحد بقيادة المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي، الذى قال إنه من المنطقى والموضوعى استمراره على رأس الجيش، بعد أن تصدى لقوى التطرف والإرهاب فى شرق ليبيا، ولمحاولات هدم الجيش الليبى وتفتيته بشكل ممنهج. ويرى المجبرى أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التى دعت لها الأممالمتحدة فى ليبيا منتصف العام المقبل قد تكون مخرجا آمنا لإنهاء المرحلة الانتقالية وتحقيق الاستقرار. وإلى نص الحوار: كيف ترى محادثات تونس لتعديل اتفاق الصخيرات؟ نأمل أن تحقق المرجو منها، وهو إنهاء حالة الانقسام فى ليبيا وتوحيد جميع المؤسسات، وإيجاد إطار يمكن كل الأطراف السياسية من المساهمة فى عملية اتخاذ القرار وتوزيع الموارد بشكل عادل، ونأمل أن يمهد هذا الاتفاق إلى استكمال بناء المؤسسة العسكرية، التى بدأت فى شرق ليبيا بقيادة المشير خليفة حفتر، بحيث يتم دمج كل العسكريين الموجودين فى غرب ليبيا وجنوبها تحت هذه المؤسسة، بما يحقق الأمن والاستقرار فى ليبيا، وهذا هو ما نرجو أن تصل إليه اللجان التى تعمل الآن فى تونس، وهى مهمة شاقة وليست سهلة، وفيها كثير من التحديات. هل التعديلات العسكرية التى تحدثت عنها متفق عليها؟ هى الآن محل نقاش، ونأمل أن يتم التوصل فى النهاية إلى اتفاق بشأنها. ماذا عن الخلاف حول بقاء المشير خليفة حفتر قائدا للجيش فى المرحلة المقبلة؟ بالتأكيد هناك خلاف ووجهات نظر مختلفة، وهناك شواغل للأطراف المختلفة، ونتمنى أن تعطى المناقشات فى تونس التطمينات الكافية للجميع، بحيث تعلى المصلحة الوطنية فوق كل شيء، ويتم الدفع باتجاه إعادة الاستقرار إلى ليبيا.
ما التعديلات السياسية المرتقبة.. هناك حديث عن تعديل فى هيكلة المجلس الرئاسى وعدد أعضائه؟ هناك رغبة فى جعل أعضاء المجلس أقل عددا، ثلاثة، وأن يكون هناك منصب لرئيس الحكومة منفصل عن المجلس الرئاسي، ربما هذه التعديلات فى شكلها تكون جيدة، لكن الأمر الأعمق هو ضمان المشاركة الفاعلة لكل الأطراف السياسية فى صياغة السياسات وتوزيع الموارد، ليس المهم العدد، ولكن المهم هو ضمان ان الأطراف الليبية المختلفة تجد نفسها فى أى تشكيل حكومى جديد، وأن يكون صوتها مسموعا، وأن يكون لها القدرة على التأثير فى صياغة القرار. ما الحكمة من تقليل العدد من 9 إلى 3؟ كلها صيغ لضمان تمثيل الأطراف المختلفة، وهو ربما لا يكون من خلال العضوية فى المجلس الرئاسي، ربما يكون من خلال الحكومة، والمهم أن يكون هناك إطار للمساهمة فى صناعة القرار. هل سيبقى السراج رئيسا؟ ليس بالضرورة، الأمور الآن كلها متروكة للجان الحوار فى تونس، ولما ستنتهى إليه. المبعوث الدولى قال إن التعديلات ستكون محدودة؟ نعم ما يجرى سيكون استكمالا للمفاوضات والاتفاق الذى تم التوصل إليه فى الصخيرات الليبية قبل عامين، ومناقشة القضايا الخلافية، فليس واردا البدء من جديد بل استكمال وتصحيح وتعديل ما تم الاختلاف حوله. لماذا فشل اتفاق الصخيرات بعد عامين من توقيعه أو لم يحقق الهدف منه؟ لأنه ترك الكثير من الشواغل الحقيقية التى لم يتم التعاطى معها بشكل جيد، وأهمها المؤسسة العسكرية وعملية إعادة بنائها وتنظيمها. هل هذه هى أهم مطالبكم؟ بالتأكيد، بالنسبة لقطاع كبير من الليبيين مسألة بناء المؤسسة العسكرية وفرض هيبتها وسلطتها على كامل البلد مسألة حاسمة وجوهرية، لأن التفريط فيها ببساطة هو تفريط فى مستقبل ليبيا. تريدون المشير حفتر على رأس المؤسسة العسكرية الموحدة المرتقبة؟ ليست مسألة رغبة بقدر ما هى مسألة منطقية وموضوعية، فقد عانت المؤسسة العسكرية طوال السنوات الست الماضية من محاولات هدمها وتفتيتها بشكل ممنهج، واستمرت هذه العملية إلى وقف المشير خليفة حفتر فى مواجهتها، بالتعاون مع شيوخ القبائل الذين قدموا له الدعم والمساندة، لمواجهة قوى التطرف والإرهاب فى شرق ليبيا، وتم تكوين بدايات هذه المؤسسة العسكرية فى شرق ليبيا، وبالتالى من باب المحافظة على المؤسسة العسكرية وإبعاد قوى التطرف والإرهاب ينبغى المحافظة على هذه المكتسبات التى تحققت على أيدى القيادة العامة للجيش. وهل يقبل المجتمع الدولى هكذا صيغة؟ المجتمع الدولى كما سمعنا من المبعوث الدولى لليبيا غسان سلامة لديه رغبة حقيقية فى إعادة الاستقرار إلى ليبيا ومساعدة الليبيين فى الوصول لهذا الاستقرار، ومادامت هذه الرغبة حقيقية ينبغى ألا يقفوا فى مثل هكذا اتجاه. هل لديكم ثقة فى أطروحات المبعوث الدولي؟ الدكتور غسان سلامة لديه العديد من المزايا تجعله مختلفا عمن سبقوه فى هذا المنصب، فقد جاء من بلد عربي، ويفهم اللغة العربية وتعقيدات المجتمع الليبى أكثر من غيره، وبلده لبنان عانى هو أيضا من الانقسام والتشظى فترة من الزمن، وكل ذلك يجعله متفهما بقدر أعمق لطبيعة المشكلات التى تواجه عملية الوفاق الليبية. لكنه يمثل ذات الإرادة الدولية؟ نعم، المعلن أن الأممالمتحدة بمستوياتها المختلفة تدفع باتجاه إعادة الاستقرار إلى ليبيا، وهذا ما نتمناه، وسلامة بما لديه من خبرات ومهارات تجعله أكثر إطلاعا من غيره وقدرة على الاستجابة فى الملف الليبي، وهذا يجعلنا أكثر أملا بأن يصل بعملية التفاوض إلى وفاق وطنى شامل. المقرر ألا تستغرق أكثر من أسابيع، لكن القضايا بقدر ما هى واضحة، إلا أنها معقدة، وتحتاج مزيدا من الوقت، لكن نأمل ألا تستغرق المفاوضات سوى أسابيع. هل هناك أمل أن ينتهى الصراع بين الأطراف الليبية المتعددة؟ نعم هناك أمل. هل الأطراف الليبية المتناحرة الآن على استعداد للوصول لتوافق وتسوية؟ نعم أنا متأكد أن الأطراف الليبية سوف تعلى المصلحة الوطنية العليا لليبيا، وتدفع باتجاه وفاق شامل. خرجت قبل فترة وجيزة مع زميليك على القطرانى وعمر الأسود معترضين على قرارات المجلس الرئاسى وحملتم السراج المسئولية عما يجرى فى ليبيا؟ هذه واحدة من النقاط المهمة، التى يجب أن تكون حاضرة الآن فى إعادة التفاوض فى تونس، وهى ضمان أن تلتزم جميع الأطراف بتعهداتها عندما نصل لاتفاق سياسي، للأسف السراج بدلا من أن يكون نموذجا لبناء روح التوافق فى ليبيا بدأ فى الآونة الأخيرة يتخذ مجموعة من القرارات بشكل منفرد ومضاد ومخالف للاتفاق السياسي، لذا كان البيان الأخيرة، وقد قمت شخصيا بمجموعة من الإجراءات القانونية لإبطال بعض القرارات لأنها لم تكن متفقة مع آليات اتخاذ القرار وفقا للاتفاق السياسي. تحدثت عن توحيد الجيش الليبي.. هل ستقبل الميليشيات المتعددة الانضواء تحت قيادته؟ طبعا الميلشيات الإرهابية لا يمكن قبول ضمها، لأنها معادية لفكرة الدولة أساسا، نحن نتحدث عن عسكريين ليبيين موجودين فى شرق ليبيا وغربها، وهؤلاء يجب أن يتم دمجهم فى المؤسسة العسكرية، أما الميليشيات فهى مضادة لفكرة الدولة، وبالتالى يجب أن يكون هناك برامج لإعادة إدماجها، سواء فى القوات المسلحة أو الأعمال المدنية الأخري، حتى يتم تدريجيا استعادة شكل الدولة. هل يمكن قبول الوفاق مع الإخوان وغيرهم؟ بشكل عام نقبل بالوفاق مع كل من يرضى بمدنية الدولة والتداول السلمى للسلطة، وكل من لا يحمل السلاح فى وجه الليبين، وكل من يؤمن بتحقيق الأهداف من خلال العمل السياسي، وهؤلاء ينبغى أن نفسح لهم المجال فى العمل السياسى أما أولئك الذين لديهم أجندات خاصة ويرغبون فى تحويل ليبيا إلى فغانستان أخري، أو إلى منصة للإرهاب العالمي، فهؤلاء لن يكون هناك وفاق معهم، وسيكون بيننا وبينهم الحرب إلى أن يتم التخلص منهم، وهم ليسوا فقط أعداء ليبيا بل أعداء العالم ودول المنطقة. قطر وتركيا مازالتا متورطتين فى دعم المتطرفين فى ليبيا؟ نحن نأمل من الأطراف التى ساهمت بشكل سلبى فى ليبيا خلال الفترة الماضية أن تتوقف عن هذه التدخلات السلبية، وأعتقد أن وصول الأطراف الليبية لمرحلة الوفاق الوطنى سيحيد كل الآثار والتدخلات الإقليمية والدولية السلبية، التى تؤثر على بناء ليبيا. الخطة الدولية تتحدث عن انتخابات رئاسية وبرلمانية منتصف العام المقبل.. هل هذا ممكن فى رأيك؟ كل الكيانات الموجودة الآن فى ليبيا لديها نقص فى الشرعية، ونحن نحتاج إلى تجديد شرعية هذه الكيانات من خلال انتخابات حرة ونزيهة، ولكن الذهاب للانتخابات لا يمكن أن يتم بين عشية وضحاها، بل يحتاج إلى توحيد الصفوف السياسة، وفرض حد أدنى من الأمن والاستقرار، حتى يمكن إجراء الانتخابات، التى تعد حلا لإنهاء المرحلة الانتقالية وبداية الاستقرار فى ليبيا. المبعوث الدولى قال أيضا إن أنصار القذافى يجب أن يشاركوا فى المرحلة المقبلة.. كيف تنظر إلى هذا الأمر؟ بالتأكيد حتى تنجح عملية الوفاق ينبغى أن تضمن لكل الطيف السياسى فى ليبيا الذى يرضى بالعملية الديمقراطية والتدوال السلمى للسلطة المساهمة فى العملية السياسية، لا يمكن لليبيا أن تستقر إذا ما حدث إقصاء لطرف سياسى معين أو عقيدة سياسية من المشاركة فى بناء ليبيا، الوحيدون الذين يننبغى إبعادهم هم قوى التطرف والإرهاب، أما الليبيون الآخرون، الذين لديهم رغبة فى المساهمة فى الشأن العام فينبغى أن يسمح لهم. إلى أين وصلت ليبيا بعد 6 سنوات من الإطاحة بالقذافي؟ الوضع ليس هو ما تمناه الليبيون فى بداية عام 2011، كنا نتطلع لبناء دولة مستقرة تعطى فرصا وظرف حياة أفضل من تلك التى كانت سائدة فى السابق، لكن للأسف لعوامل كثيرة بعضها داخلى والآخر خارجى تدهورت الأمور، وسطت قوى التطرف والإرهاب على ليبيا خلال السنوات الماضية، ولكننا الآن نتطلع بأمل للمستقبل، بعد أن تم دحر قوى الإرهاب فى أكثر من مكان فى ليبيا، والآن يجلس الفرقاء السياسيون الليبيون على طاولة الحوار من أجل بناء التوافق الوطنى وهذه كلها عناصر مشجعة تجعلنا ننظر بأمل وتفاؤل للمستقبل. هل أصبحت ليبيا محلا لتقاطعات إقليمية ودولية عديدة تلقى بظلالها عليها؟ أى بلد مثل ليبيا يعانى من فراغ أمنى وسياسى سيكون أرضا خصبة تجذب أصحاب المصالح دولا، وجماعات جريمة منظمة وتهريب البشر وجماعات التطرف والإرهاب، كلها تجد مكانا فى ليبيا، لكننا إذا قارنا الوضع اليوم بما كانت عليه قبل عامين أو ثلاثة سنجده أفضل بكثير. ماذا عن أوضاع المهجرين والنازحين واللاجئين الليبيين.. هل سيكون هناك اهتمام بهم فى المرحلة المقبلة؟ بالتأكيد عانى طيف واسع من الليبيين سواء الذين اضطروا للخروج من ليبيا بسبب الصراعات أو حتى المهجرين محليا، من نقص الخدمات المحلية ومن عدم توافر الموارد، ولن يتحقق الاستقرار مالم تتم معالجة مشكلات المهجرين والنازحين، الذين يجب أن يحصلوا على الاهتمام الضروري، ويجب أن يعود كل من اضطر الى مغادرة ليبيا بسبب عقيدته أو انتمائه السياسي.