تعددت الثورات والشعب واحد .. متفقون تارة ومختلفون تارات كثيرة ،وما أشبه اليوم بالبارحة وعلى الرغم من أن ثورة يوليو قامت للتخلص من الملكية والاستعمار بينما جاءت ثورة يناير للتخلص من وباء الفساد الذى استشرى فى ربوع الجسد المصرى ، إلا أن ردود الأفعال باتت متشابهة مع اختلاف سبل التعبير. وقد كتبت مقالا فى جريدة الأهرام الغراء يوم 25 أغسطس بعنوان «الجمعية السرية التى تحكم مصر « ويبدو أنه أثار جدلا واسعا بين قراء الأهرام الأعزاء فاكتظ بريدى الإلكترونى ب «إيميلات» كردود أفعال مختلفة ما بين مؤيد ومعارض ، وقد إستوقفتنى بعض رسائل القراء أتذكر من بينهم الأستاذ سامى عيد معترضا على أن المقال الذى حمل عنوان «الجمعية السرية التى تحكم مصر « كتبه الأديب الراحل إحسان عبدالقدوس عام 1954 وقام الزعيم الراحل عبدالناصر باعتقاله ، بينما قدمت أنا فى مقالى رسالة بعثها عبدالقدوس إلى عبدالناصر مطالبا إياه بالإفراج عن زميله فى مجلة روزاليوسف الرسام الشهير جمال كامل ، متحدثا عن وطنية زميله وضامنا إياه وقد عرضت تلك الرسالة فى مقالى لأهداف أخرى يبدو أنها أحدثت التباسا لدى البعض ربما بسبب الزحام الفضائى الإلكترونى :) إنما الهدف الاساسى من مقالى هو كيف تحولت الجمعية السرية التى تحكم من الضباط الأحرار الى مستخدمى الفيسبوك وهو التطور الطبيعى للحاجة الساقعة وفقا للاختلاف الملموس بين الخمسينيات وعصر الإنترنت والفضائيات ! والمتابع للمشهد سيرى بأم عينيه مدى التشابه بين الحقبتين فى أمور عديدة رغما عن الاختلافات الجوهرية فى العمليات الاتصالية وشتى المناحى الاجتماعية ، ولكن أن يدافع أستاذ بقيمة إحسان عبدالقدوس عن زميل له قد رأت السلطات آنذاك أنه أخطأ ، ليس فقط بل ويكتب للرئيس بشكل مباشر خطابا بذل فيه جهدا كلاميا معصورا من حصيلته الأدبية المخفوقة بالبساطة والمودة والبراعة اللغوية .. هنا فقط لابد وأن نرفع القبعة احتراما وإجلالا للقيم الإنسانية والمهنية التى انقرضت الآن ، تلك القيم التى نحتت بداخلنا طموحات راقية للالتحاق بهذه المهنة ، ألم نتربى على حروف هؤلاء العظماء أمثال عبدالقدوس والسباعى وإدريس وجاهين وفرانسيس وعوض وغيرهم من القامات التى يروقنى أن أطلق عليها «ملوك الحرف والأدب» . كل هؤلاء كان لهم وضعهم الأدبى والمجتمعى وكانت كل رموز المجتمع وقتئذ يتزلفون إليهم ويحترمون رأيهم ، بينما الآن فقد تحول البعض ممن ينتمون الى مهنة الصحافة الى «مناديب» للمصادر وتناسوا أنها مهنة المهام الصعبة والبحث عن المتاعب ، كما عزف البعض عن قراءة الصحف متوجهين الى ما يسمى ب «السوشيال ميديا» على غرار الفيسبوك وتويتر وانستجرام ، وكل واحد يدلو بدلوه بلا رقيب أو حسيب وهذا هو الفرق فمازلنا هنا وكما تعلمنا من أساتذتنا الكبار فى جريدتنا العريقة الأهرام نهتم بالقاريء فى المقام الأول وهو ما دعانى لكتابة هذه السطور فلم نختلف بشأن معلومات بعينها قدر حدوث بعض التشويش فى الرسالة الأساسية وربما تعددت المعلومات والهدف واحد :) .......................................... [email protected]