الإبداع كلمة السر فى مقاومة آثار مرض سرطان الأطفال، ليست مقولة ولكنه واقع، تمكنت مستشفى 57357 من تنفيذه، حيث وجدوا أن فن الرسم له مردود قوى وسريع على العالم النفسى للأطفال المصابين بالمرض اللعين. فأطلقوا «ورشة العلاج بالفن»، لاستقبال الأطفال، وتأهيلهم على استخدام الخيال فى إخراج كل ما بداخلهم.. ونقدم خلال هذه السطور عددا من المواهب الذين تدربوا من خلال ورشة مستشفى 57357. الرسم والطاقة الايجابية منار احمد على احمد، نموذج لفتاة شجاعة، فى السادسة عشرة من عمرها، بالصف الثانى الثانوى، من القاهرة, بدأت رحلتها مع الرسم، منذ أربع سنوات فى مستشفى 57357، داخل «ورشة العلاج بالفن». تحول الرسم إلى سلاح تتحدى به المرض وتهزمه. ومن خلال التدريب والتأهيل نجحت منار أن تحول الطاقة السلبية التى سببها المرض إلى طاقة ايجابية اكتسبتها من خلال الرسم الذى ساعدها على مواجهة المرض وتكملة العلاج. تقول منار: بالرغم من تجنبى الحديث عن فترة المرض، إلا أننى فكرت بأنه ربما يكون دافعا لفتح باب الأمل لمن يمرون بمثل ظروفى. كان يوم التحاقى «بورشة العلاج بالفن» يوما فارقا فى حياتى، منحنى الرسم طاقة ايجابية كبيرة جعلتنى أكمل رحلة العلاج بشجاعة. فى لحظات فارقة بحياتي، كدت استسلم للمرض، ولكن جاءت الورشة بمثابة قارب إنقاذ، التقيت بكثير من الشخصيات خاصة الدكتورة امانى إبراهيم المسئولة عن الورشة، وقفت بجانبى وساعدتنى بكل الطرق على تخطى مراحل العلاج، كما كانت الألوان والبهجة التى تشع فى جوانب الورشة من أهم الأشياء التى منحتنى الأمل فى الشفاء. وتضيف منار حاليا وبعد الانتهاء من رحلة العلاج بدأت فى اخذ كورسات فى الرسم وأتمنى أن أصل إلى مستوى جيد يؤهلنى لدراسة الفنون فى المستقبل. مواجهة المرض بالفن عبدالفتاح محمد مرشد العشاري، من اليمن فى السادسة عشر من عمره، بالصف الثالث الاعدادى، جاء من اليمن للعلاج فى 57357 بعد أن عاد المرض إليه. تقول سمر صبرى، من مؤسسى ورشة العلاج بالفن، عن عبدالفتاح: حين جاء من اليمن كانت حالته النفسية سيئة جدا، لعودة المرض إليه اولا، ولبعده عن بلده ثانيا، وكانت بدايته مع الرسم عن طريق الصدفة، فى اول عام 2016 دخل الورشة لمجرد قضاء يوم داخلها وهناك وجدناه يستمتع بالرسم ويندمج مع الفرش والألوان، ومع الوقت تحسنت حالته النفسية كثيرا، فكانت الأجواء داخل الورشة تساعده على تحويل الطاقة السلبية إلى طاقة ايجابية، مما ساعد على تقوية مناعته فالرسم أعطاه طاقة مناعية ودفاعية هائلة لمقاومة المرض. يقول عبدالفتاح: كان للقائمين على الورشة دور كبير فى منحى الطاقة اللازمة لمجابهة المرض، كما منحنى الرسم قوة الصبر وطاقة هائلة من الأمل تدفعنى الى الإصرار على المواصلة فى طريق الفن والإبداع، وقد شاركت فى معرضين اقامتهما ورشة العلاج بالفن، كما شاركت فى الملتقى العربى الرابع للطلائع بلوحة زيتية والذى شاركت فيه عشر دول عربية وحصلت على الميدالية الذهبية، كما قمت بالاشتراك فى عدد من الدورات التدريبية فى المركز الثقافى اليمنى لتعلم الرسم ودراسة التصميم باستخدام برنامج الفوتوشوب. نسيان الألم منة عاطف، فى السابعة عشرة من عمرها فى الصف الثالث الثانوى، من مدينة السويس، أحبت الرسم منذ طفولتها، وعندما أصابها المرض أصبح الرسم بمثابة الصديق الوفى الذى يساندها ويشد من أزرها لمواجهة مرض السرطان. تقول منة: ساعدنى الرسم كثيرا على إخراج الطاقة السلبية وتحويلها إلى لوحة جميلة تحمل كل معانى الأمل، فقد كان الرسم يساعدنى على نسيان الألم والمعاناة، وقد شاركت فى معرضى الورشة كما شاركت فى معرض بمدينة السويس، بالإضافة إلى عدد من المسابقات فى محافظاتالبحر الأحمر والإسماعيلية والسويس وبورسعيد وعدد من المسابقات التابعة لهيئة قصور الثقافة. البطلة الصغيرة سلوان نصر الدين، بطلة صغيرة فى الخامسة عشر من عمرها، فنانة من نوع خاص فهى فاقدة البصر، جاءت من مدينة الأقصر للعلاج فى 57357، وبالرغم من أنها كفيفة إلا أنها ترسم اللوحة فى خيالها قبل أن ترسمها على الورق فهى تحدد شكل اللوحة وتحدد لونها وتتخيلها ثم تبدأ فى الرسم، فهى تحمل بداخلها موهبة صادقة وطاقة من الأمل قادرة على صنع المستحيل والوصول إلى حلمها. تتحدث عنها الأستاذة سمر صبرى وتقول: تشعر سلوان بالراحة أثناء وجودى بجانبها لمساعدتها فى تنفيذ إحدى لوحاتها، حيث أقوم بتحديد الشكل الذى تتخيله بمسدس الشمع للتيسير عليها ثم تبدأ هى فى اختيار الألوان وتلوين اللوحة بأصابعها، فهى تستطيع ان ترى الناس والأشياء التى حولها بقلبها، وهى شخصية تبعث على البهجة والتفاؤل، وتحلم بان تصبح مذيعة حيث تملك صوتا مميزا وقد تم استضافتها لفترة فى برنامج 9090 بإذاعة الاف ام، كما تتمنى ان تصبح معالجة روحانية، وجميع لوحاتها التى تنفذها تكون لصالح المستشفى مثلها كمثل باقى الأطفال. صانعو البهجة أما الجنود المجهولون القائمون على الورشة، والذى يصل عددهم إلى 17 متطوعا، فهم نموذج مشرف للعمل القائم على الحب، فهم صانعو البهجة فى نفوس الأطفال، يجدون غايتهم فى نظرة رضا فى عين طفل او فى ابتسامة تفاؤل وأمل على وجه مريض. تقول امانى إبراهيم رئيسة ومؤسسة ورشة العلاج بالفن فى مستشفى سرطان الأطفال: بدأت الورشة منذ أربع سنوات وأصبح لها مكان ثابت منذ عام ونصف تقريبا، ونحن جميعا نعمل فى الورشة على زرع الأمل فى نفوس الأطفال ومساعدتهم على تخطى فترة العلاج عن طريق اكتشاف موهبتهم، فالموهبة بالنسبة لهم تعويض من القدر، وفى ورشة 57 نقوم بعلاج غير مباشر للأطفال من خلال الأعمال الفنية فاستجابة الأطفال للألوان واللعب بالصلصال والمكعبات تكون أسرع من العلاج النفسى المباشر، كما أننا من خلال الورشة نقوم بتقويم سلوك الأطفال الذين غالبا يكونون مدللين من الأهل نظرا لظروفهم المرضية، وتضيف: مرض السرطان هو رحلة بدايتها الم ونهايتها أمل.