ربيت فى بيتى حصانًا صغيرًا جدًّا. يتقافز فى غرفتي. إنه تسليتى ودهشتي. فى البدء كانت لديَّ تخوفاتي. كنت أتساءل ما إذا كان ينمو. لكن صبرى كوفئ. طوله الآن أكثر من ثلاثة وخمسين سنتيمترًا، ويأكل ويهضم طعام اليافعين. تجيء الصعوبة الحقيقية من جانب هيلين. النساء لسنَ بسيطات. قطعة روث لا تكاد ترى تزعجهن. هذا يفقدهن التوازن. فإذا بهن كأنهن لسن هن. «من مؤخرة جِدّ صغيرة كهذه، أقول لها، يمكن لروث جِدّ قليل أن يخرج» لكنها... أخيرًا لا بأس، لم يعد ذلك مُثارًا الآن. الذى يقلقنى هو شيء آخر. ففى بعض الأيام، وبدون سابق إنذار، تحدث لحصانى الصغير تقلبات غريبة. فى أقل من ساعة ينتفخ رأسه، ينتفخ، يتقوس ظهره، يتموج، ينتحل وبره ويطقطق فى الريح الداخلة من النافذة. أوه أوه! أتساءل ما إذا كان يستغفلنى ويتبدَّى أمامى على هيئة حصان، فالحصان مهما صغر لا ينفرد كعلم، لا يخفق فى الريح ولو لبضع لحظات. لم أكن أريد أن أكون المخدوع، بعد الليالى العديدة التى قضيتها ساهرًا عليه، حاميًا إياه من الفئران، ومن الأخطار المحدقة به، ومن الحمى التى تتربص بالناشئة، انزعج بعض الوقت من رؤيته لنفسه كقزم. يرتعب. أو يستبد به الشبق فيؤدى قفزاتٍ هائلةً فوق الكراسى ويبدأ فى الصهيل، يصهل يائسًا. وفى الجوار يترهف انتباهُ إناث الحيوانات، كلبات أو دجاجات، أفراس أو فأرات. لكن الأمر يتوقف عند إرهاف الانتباه. لا، إنهن يقررن، كل واحدة بينها وبين نفسها ورهينة غريزتها، لا، لست أنا التى تتجاوب. وحتى الآن لم تردّ عليه أية أنثي. حصانى الصغير ينظر إلى بضيق وأسي. والغضب ملءُ عينيه الاثنتين. ولكن من المخطئ؟ أأنا؟ هنرى ميشو: من أصل بلجيكى لكنه حصل على الجنسية الفرنسية. شاعر متفرد بكتاباته البسيطة العميقة التى يصعب تقليدها. سافر إلى العديد من دول العالم واكتسب خبرات كثيرة كان لها أثرها فى كتاباته وأعماله الفنية. لم تكن نيته الفرار من العالم وإنما تعزيز العالم بمستويات إضافية من الإدراك. توفى فى باريس عام 1984 عن عمر يناهز 85 عاما.