توقفت فجأة وأنا أقرأ سورة النساء أمام آية48:«إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما».. صدق الله العظيم. بمنتهى الثقة أرحت رأسى على المقعد الوثير وفى بطنى «بطيخة صيفي» وحمدت الله.. فأنا لست مشركة!! بالطبع.. فأنا أداوم على الشهادة لا أعبد إلا الله ولا أشرك به شيئا ولا أحدا.. وليس لدى أصنام ولا تماثيل إلا شوية مساخيط «بوذا» تذكار من الشرق الآسيوى أضعهم على الأرض ولا يرتقوا حتى لمرتبة الموائد.. ومعظم الصور بمنزلى تجريدية أو مناظر طبيعية وليس هناك بورتريهات إلا صورة كبيرة رسمها لى فنان فرنساوى من رسامى حى الكارتييه لاتان بعشرة فرنكات أيام الفرنكات وصعلكة أرصفة فرنسا فى الرحلات المدرسية. ظلت البطيخة الصيفى والاطمئنان التام بأننى لست مشركة وأننى موحدة بالله ومداومة على الشهادة وخلاص. ووقعت الواقعة: رأيت صديقتى العاشقة لشكلها الخارجى لدرجة التقديس والعبادة والعياذ بالله الرافضة لدخولها سن الستين وهى تقطع من لحمها ومن مدخراتها لتعيد ترميم ما أفسده الدهر!! متشبهة فى ذلك بالكثير من الذين يفعلونها لأنها لقمة عيشهم من أهل السيما حتى ولو كانت «أونطة». تساءلت بعد أن بدأت البطيخة الصيفى تهتز بداخلي! فالمثل الذى رويته رأيته بعينى ولم يحدثنى عنه أحد وقلت: أليست عبادة النفس والشكل والذات شرك بالله؟ أليست عبادتك لنفسك ونرجسيتك وتقديسها وعدم رؤية غيرها شركا! الله أعلم. أليس من العبث الظن بأن الشركا هو مجرد عبادة صنم من حجر أو طين أو حتى بلح زغلول على غرار صنم عمر بن الخطاب فى الجاهلية! والله أعلم. وبدأت البطيخة الصيفى تحمض فى بطنى وتفسد وتتقلب! ومعها ثقتى بنفسي.. وبمن حولي.. وشياطين الإنس والجن تتصارع بداخلى وكثرت التساؤلات عن فكرة النجاة من الشرك. طالما الإنسان بعيدا عن عبادة «الأصنام»! فأنت فى أمان! ولم لا؟ بل إن فكرة عبادتها أصبحت فكرة فكاهية قادمة من الغباء الجاهلي، أما الآن وبعد التقدم العلمى المذهل فكيف يمكن الاقتناع بحيازة صنم إله مثل الأفلام العربى الأبيض والأسود نعبده ونبجله شيء مسخرة بالطبع. وكأننى اطمئن نفسى حتى عاد الوسواس.. يطارحنى السؤال: ألا يمكن أن تتحول فكرة «العشق» لشيء لدرجة العبادة إلى شرك؟ لا ترى غيره ولا تتفاعلى إلا معه وله «سواء كان إنسانا أو عملا» أو فعلا كعبادة المال وكنزه وتقديسه والسعى له ومن أجله فقط تصل بهم لدرجة العبادة! والسعى إلى السلطة أو حب امرأة أو رجل أو حتى فكرة أو نظرية أو أبناء أو أزواج.. أو.. أو.. أو وظلت «الأوأوة» تجتاح كيانى كله.. مثل الأمواج مقتحمة حالة الاطمئنان بأننى فى السليم أسير على الدرب وعلى الصراط!! إن حادثة تلك الصديقة ومعاناتها من أجل العودة لشبابها قلبت حياتى ووضعتنى فى حالة طواريء لمراجعة الطريق على مائدة فى الركن البعيد الهاديء من المقهى جلست مع بعضهن. واكتشفنا أن لكل إنسان صنمه بالفعل الذى يصنعه فى حياته دون أن يدري! صنمه الذى يقدسه ويرفعه لدرجة الشرك فى العبادة والعياذ بالله! صنمه الذى يأخذ منه وقته كله مستيقظا وأحلامه نائما وتأملاته إذا كان لديه وقت! مضحيا بأوقات صلاواته وعباداته والتأمل فى الذات الإلهية.. فذاته ومن يحب أكبر! وصلت للاعتراف: عشق الآخر صنم.. عشق الفكرة.. الفعل.. العمل وإدمانه.. المال.. الولد.. وإلخ إلخ. لكل منا صنمه وأوثانه! فهل نحن موحدون؟ ما علينا.. فلكل نبى رسالة وطريق.. هيا بنا نعود لطريق إبراهيم عليه السلام ونمسك الفأس ونحطم أصنامنا.. وعدم تجاهلها أو إنكار عبادتنا لها.. فالاعتراف بداية الطريق.. اعترف.. وحطم «وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون» يوسف آيه 106. الله: «وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون» يوسف آيه 106.