تتميز العلاقات المصرية مع مختلف دول العالم بالتوازن، خاصة فيما يتعلق بالقضايا السياسية والأمنية الطارئة، كما أن لمصر سياسة خارجية محددة تبنى فى إطار المصالح المتبادلة، تتحرك فيها اعتمادا على ما لديها من قدرات ذاتية بهدف حماية مصالح مصر الحيوية فى حدها الأدنى ومواجهة التحديات والتهديدات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواء الحالية أو المنتظرة حتى عام 2030، وذلك باستغلال الموارد والامكانيات والميزة النسبية والتنافسية لمصر. ومن هنا تأتى النظرة الأوروبية فى كيفية التعاون مع مصر والتى عكستها تصريحات السفير الفرنسى الجديد لدى القاهرة ستيفان روماتييه، حيث استعرض السفير أوجه التعاون بين (باريسوالقاهرة ) على جميع المستويات، بالإضافة لشرحه مواقف بلاده المختلفة لعديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك ومنها بطبيعة الحال الأزمة الليبية والقطرية وسبل دفع عملية السلام للأمام، فضلا عن إبرازه لدور القاهرة الداعى لاستقرار المنطقة، فعلى الصعيد المحلى اعتبر السفير الفرنسى أن علاقة بلاده بمصر استثنائية وليس لها مثيل مع شركاء بلاده الآخرين فى جميع المجالات لاسيما الأمنية. وهو ما ترجمه الرئيس الفرنسى ماكرون بعد وصوله لسدة الحكم، حيث أجرى أول اتصال هاتفى له مع الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى كان من القادة القلائل الذى أراد الرئيس الفرنسى الاتصال بهم. موضحا فى الوقت نفسه، أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من الزيارات الرسمية بين البلدين، وأن الرئيس الفرنسى دعا نظيره المصرى لزيارة باريس، ومن المتوقع ان تتم الزيارة فى الخريف المقبل، فيما دعا الرئيس السيسى نظيره الفرنسى لزيارة القاهرة. أما فيما يتعلق بالأزمة الليبية والتى كانت فرنسا قد دعت فيها لاجتماع شارك فيه القائد العام للجيش الليبى المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسى الليبى فايز السراج، من أجل إيجاد حلول عملية للتوصل إلى تسوية للأزمة السياسية والأمنية فى ليبيا، فأوضح السفير ستيفان روماتييه أن باريس لديها ثلاث ملاحظات تشاركها فيها الرؤية المصرية أولاها تتعلق بالأوضاع الأمنية هناك والخطر الجسيم جراء وجود فراغ أمنى كبير يهدد أوروبا ومصر على حد سواء، ويمكن ايضا أن يهدد دول الجوار لاسيما تونس.. أما الجانب الثاني، فيتعلق بالنواحى الإنسانية العاجلة وهناك العديد من عشرات الآلاف من المهاجرين الذين يسعون إلى الوصول لأوروبا عبر السواحل الليبية فضلاً عن عمليات الاتجار بالبشر والتهريب، حيث تواجه أوروبا مخاطر جسيمة ولاسيما إيطاليا التى لم تعد بمقدورها استقبال عدد إضافى من المهاجرين، فضلا عن الموجات الإرهابية التى تحدث نتيجة لهذه المسائل. أما الجانب الثالث، فهو متعلق بالنواحى السياسية، فهناك حاجة ملحة لتشكيل حكومة ليبية فى طرابلس تمثل مجموعة الأطراف السياسية الممثلة لكل مكونات الشعب الليبى فى الغرب كما الشرق، فضلا عن الدور المؤثر الذى يلعبه المشير حفتر فى الساحة السياسية والعسكرية فى البلاد. وعن أزمة قطر مع جيرانها العرب بفعل تمويلها للإرهاب، قال روماتييه إن الأزمة الناشبة أزمة جديدة تحل على العالم العربى الذى يعانى العديد من الانقسامات والتمزقات، مشيرة إلى أن الأزمة جميع أطرافها من الدول السنية. وأكد ضرورة أن تتم تسويتها عربيا، وأوضح فى الوقت ذاته أنه يمكن لفرنسا أن تقدم مقترحات، وأن تساعد على تسوية الأمور لكن الأمر يقع فى المقام الأول على الدول الخمس. مؤكدا وجهة نظر فرنسا فى أن مكافحة الإرهاب تمثل نفس القدر من الضرورة لجميع الدول سواء تعلق الأمر بتمويل الإرهاب أو فيما يتعلق بالخطاب الذى يؤدى إلى الإرهاب وكل ما يمثله الإرهاب من خطر جسيم على مجتمعاتنا كلها، فهو خطر يهدد اوروبا وكذلك المنطقة العربية. مشيرا إلى أنه فى مواجهة هذا التهديد يتعين على الجميع أن يقوموا بواجباتهم بنفس القدر من التصميم والإصرار، كاشفا عن أن فرنسا مستعدة للغاية أن تسهل كل الأمور اللازمة لمساعدة كل الدول العربية الخمس على حل الأزمة الناشبة.