برك ومستنقعات وكثبان رملية وتلال من القمامة تتناثر فيما بين تجمعات السكان المترامية تفصلها طرق ترابية غير ممهدة.. كان هذا هو حال مدينة القاهرة في بداية القرن التاسع عشر، حتى بدأ محمد علي تغيير وجه المدينة بتحويل مساحات شاسعة منها الى حدائق، وردم بعض البرك، ورصف الطرق وترقيم المنازل. لكن بعد أن تولى نجله الأكبر حكم مصر، بدأ مشوار النهضة العمرانية الحقيقية، بكل مظاهرها، من بنايات حديثة تحاكي نظيرتها الأوروبية في ذلك الوقت، فقام باستكمال ردم البرك وأشهرها بركة الأزبكية، وأنشأ الكباري على النيل لأول مرة، أولها كوبري قصر النيل تلاه أبو العلا . أضف الى ذلك إنشاء هيئة للبريد والمطافي وشبكة للصرف الصحي و المياه، بعد أن كان الاهالي يعتمدون على السقا في الحصول على مياه الشرب، تلاها إنشاء خطوط الترام لربط أحياء العتبة والعباسية وشبرا. بدأت القاهرة تتخذ شكلا حداثيا مخططا بشكل مدروس، شوارعها مرصوفة بالبلاط، تفصلها حدائق جلبت أشجارها من مختلف أنحاء العالم، فنالت عن جدارة لقب «باريس الشرق» الذي منحه لها الزوار الأوروبيون .. 150 عاما مرت على حلم الخديو بتحويل القاهرة الى قطعة من أوروبا، تبدأ من ميدان التحرير أو الاسماعيلية «سابقا» وتمتد على شكل مثلث قاعدته تنتهي عند ميداني الاوبرا ورمسيس، تخترقها شوارع حملت أسماء الساسة ورواد النهضة الحديثة، تضم على جانبيها نحو 400 بناية ذات طرز معمارية فائقة الروعة ، يعود عمرها للنصف الثاني من القرن ال19، وأوائل القرن ال20، فاستحقت بجمالها وتميزها أن تختارها اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي منذ أكثر من 35 عاما.