قبل نحو 20 عاما وتحديدا فى الأول من يوليو عام 1997 عندما عاد إقليم هونج كونج إلى أحضان الصين بعد اكثر من 156 عاما من «التغريب « فى ظل الاحتلال الانجليزى ، كان السؤال الرئيسى للصحافة الغربية أنذاك –وخاصة الانجليزية – هل بامكان الصين « «الشيوعية» ان تحافظ على مسيرة نجاح هونج كونج وازدهارها الذى أبهر العالم ضمن مجموعة «النمور الآسيوية» فى النصف الثانى من القرن ال 20 ؟ .. وكيف سيكون مستقبل هذا الإقليم فى ظل الإدارة الصينية ؟ وقد جاءت الإجابة عن كل التساؤلات المشككة فى احتمال مواصلة هونج كونج لمسيرة نجاحها وازدهارها على لسان الرئيس الصينى شى جين بينج نفسه خلال زيارته الأولى –كرئيس للصين – إلى المدينة ، الجزيرة التى تبلغ مساحتها 1.098 كيلو مترا مربعا وبعدد سكان يزيد على 7 ملايين نسمة، احتفالا بالذكرى ال 20 لعودتها ، حيث قال شى جين بينج إنه لايسعه الا أن يهنئ أبناء الإقليم الصينى على الازدهار والتقدم الذى تحقق خلال ال 20 عاما الماضية، وقال نصا «إن الأعوام ال 20 الماضية برهنت على أن مبدأ دولة واحدة ونظامين لايمثل فقط أفضل الحلول لقضية ما ، وإنما أثبت أنه كان أنجح إجراء مؤسسى من أجل رخاء هونج كونج وإستقرارها على المدى الطويل» لم يذكر الرئيس الصينى خلال زيارته التاريخية لإقليم صغيرجدا – مقارنة بمساحة الصين الشاسعة البالغة أكثر من 9 ملايين و600 الف كيلو مترا مربعا – ارقاما محددة كبرهان على إستمرار إزدهار هونج كونج ، ولكن الأعلام الغربى هو الذى كشف عن تلك الأرقام وتحديدا ال سى ان ان الامريكية وال بى بى سى الإنجليزية ، فقد ذكرتا فى تقريرين منفصلين عن مرور 20 عاما على عودة هونج كونج أن الناتج الإجمالى للجزيرة فى عام 1997 كان نحو تريليون و356 مليار دولار هونج كونجى –الدولار الامريكى =8 دولارات هونج كونجى)، أصبح فى عام 2017 2 تريليون و491 دولارا، وهو ما وصفته ال سى ان ان وصحيفة الجارديان بانه مؤشر على ان اقتصاد هونج كونج ينمو من قوة إلى قوة، وتشهد قطاعات السياحة والمال والعقارات إزدهارا قويا حتى أن المدينة أصبحت من أغنى وأغلى بلاد العالم، وعلى سبيل المثال فقط ، فان عدد السائحين فى عام 1997 كان 10 ملايين و400 سائح فقط ، قفز فى عام 2016 إلى اكثر من 56 مليونا و600 الف سائح سنويا !! طبعا يرجع الفضل فى ذلك إلى ارتفاع مستويات المعيشة والدخل فى الصين –الوطن الأم – مما أدى إلى زيادة القدرة المالية للصينيين على السفر للسياحة فى الخارج ، وأصبح لدى هونج كونج إحتياطى من النقد الاجنبى يقدر بنحو 343 مليار دولار وأكثر من 90% من السكان لديهم انترنت وتصل أعداد التليفون المحمول لأكثر من 17 مليونا فى عام 2016 أى أن الأسرة المكونة من 3 افراد لديهم 8 تليفونات محمولة!! وتطرح صحيفة «الشعب» الصينية اليومية بهذة المناسبة تساؤلا مهما فى تعليق لها على الذكرى ال 20 لعودة هونج كونج ، فى دلالة مدهشة على نوعية الصحافة «الجديدة» التى تقدمها الصين، حيث تساءلت «الشعب» كيف يمكن أن نقيم هذه العودة للوطن منذ تطبيق مبدأ دولة واحدة ونظامين؟ وتجيب الصحيفة الأولى فى الصين أنه لايمكن لاى مراقب محايد ، ولكل من يحترم حقائق التاريخ إلا أن يعترف بأن هونج كونج مازالت وستظل «لؤلؤة الشرق» ليس فقط لأن يد الحكومة المركزية فى بكين ممدودة لها بالمساعدة ولكن لأنها تحرص على استقرارها وازدهارها الإقتصادى والمالى. وكان الرئيس شى جين بينج قد أكد المعنى ذاته عندما قال إن النجاحات التى حققها الإقليم الإدارى الخاص على مدى ال 20 عاما الماضية قد اخرست ألسنة كل من تشككوا فى البداية فى نجاح مبدأ «دولة واحدة ونظامين»، فقد برهنت الممارسة خلال تلك السنوات على أن هذا المبدأ يعد شرطا اساسيا لإزدهار وإستقرار هونج كونج طويل المدى وأنه الاكثر ملاءمة لمصلحة الوطن الأم والمنطقة الإدارية الخاصة فى هونج كونج. وعلى المستوى السياسى والإدارى، فان استقرار تلك المنطقة يتحسن إلى الأفضل بإستثناء ما حدث من مظاهرات وأعمال شغب فى عام 2014 أو ما أطلق عليه إحتجاجات المظلات أو الشماسى المطالبة بالديمقراطية، وقد نجحت السلطات فى إحتوائها ببراعة، ومن المؤكد أن الحكومة المركزية فى بكين تدرك أن الصينى الذى يعيش فى هونج كونج تختلف عقليته وتفكيره عن شقيقه فى الداخل. ولذلك فقد تركت لسكان الجزيرة هامشا أكثر من حرية التعبير والصحافة والتجمع والعبادة تكاد تصل إلى مستوى البلدان «الديمقراطية الغربية» باعتراف الإعلام الغربى نفسه كما يقول جان فرانسوا هوشات خبير الشئون الآسيوية فى حوار مع صحيفة «لواكسبراس» الفرنسية، ومع ذلك فانه من الصعب لاقليم صينى ان يتمتع بوضع سياسى واقتصادى مختلف تماما عما هو عليه الوضع فى الوطن الأم، ويتعين أن يكون هناك نوع من التنسيق والتفاهم و«المشتركات» حتى يحدث التناغم ولايشعر الصينى فى هونج كونج أو فى الداخل بأنهما مختلفان، وهذا – فى إعتقادى– ما تحاول الحكومة المركزية فى بكين تفاديه!