يختلف شعور الفوز بجوائز الدولة من مبدع كبير يحظى بالشهرة، ومبدع شاب تعتبر الجائزة بالنسبة له نقطة تحول تنقله إلى مصاف المبدعين أصحاب الجوائز الكبرى، وقد شهدت الجوائز التشجيعية فى مجال الآداب هذا العام فوز ثلاثة من المبدعين الذين اعتبروا هذا الفوز بمثابة التحول الحقيقى والدفعة الكبرى فى حياتهم الإبداعية.. د. شعبان عبد الحكيم الفائز بجائزة الدولة التشجيعية عن كتابه «اتجاهات الرواية العربية من 1960 إلى 2010»: أؤمن بأن التوفيق من الله، وأنه سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملًا، لذلك فقد كان عندى شعور داخلى بالتوفيق، وترقبت الخبر، وفوجئت باتصال د. جمال التلاوى يخبرنى بالفوز، وقد سعدت جدا، وأهدى هذه الجائزة إلى روح أبى وأمى وأختى وجدى. وهذه الجائزة ليست الأولى بالنسبة لى، فهى ثالث جائزة بعد جائزتى اتحاد كتاب مصر وجائزة ربيع مفتاح، وطموحى القادم إن شاء الله هو الفوز بالجوائز العربية وبجائزة الدولة التقديرية، وهى جائزة لا تحدد موضوعًا وإنما تُمنح على مجمل الأعمال، وبفضل الله عندى مجموعة كتب قيمة، حيث أصدرت ما يقرب من مائة كتاب ما بين مؤلفات نقدية وأبحاث فى مؤتمرات وندوات علمية بالإضافة إلى عشرين عمل إبداعى «روايات ومجموعات قصصية ودواوين شعرية». أما كتابى الفائز بالجائزة، فقد كان المطلوب دراسة عن «اتجاهات الرواية بعد نجيب محفوظ» ورأيت أن العنوان يوحى باتجاهات الرواية فى النصف الثانى من القرن العشرين، أى بعد الاتجاه الواقعى الذى يعد نجيب محفوظ على قمة برجه الفنى، بدأت أعمل جادا، مستعينا بزادى الثقافى وكتاباتى السابقة عن كتاب الرواية فى هذه الفترة، فأنجزت الدراسة فى شهر ونصف وهى دراسة أعتز بها لأنها تناولت كافة الاتجاهات الفنية للرواية هذه الفترة، وجاءت فى عشرة فصول، وخاتمة لخصت فيها نتائج الدراسة. سلمى فايد الفائزة بالجائزة عن ديوان «ذاكرة نبيّ لم يُرسل»: «ذاكرة نبيّ لم يُرسل» هى مجموعة شعرية مكونة من 23 قصيدة، ترصد رحلة إنسان ما للبحث عن ذاته وتبلور رؤيته للعالم وقضايا الوجود خلال مسيرة حياته، وتقدمت لجائزة الدولة التشجيعية فى أول أيام فتح باب الترشح، وهى الجائزة الوحيدة التى تقدمت لنيلها والتى أحببت الحصول عليها. وكان خبر الفوز مفرحا بكل تأكيد، فجائزة الدولة التشجيعية هى جائزة ذات حيثية رفيعة وأهمية أدبية بالغة، وأنا سعيدة لنيلها خصوصا عن ديوان «ذاكرة نبى لم يرسل» فهذا الديوان الذى سيظل قريبا إلى قلبى كعلامة مهمة فى سياق تجربتى الخاصة. وبعد حصول الشاعر على جائزة لها قيمتها الأدبية وحيثيتها المعروفة كما هو الحال بالنسبة لجائزة الدولة التشجيعية من المنطق أن يكون همه الأكبر هو أن يحسب خطواته بشكل أكثر دقة، وأن يعمل على توسيع رؤيته بشكل مستمر. هذا ينطبق بالتأكيد علي؛ ولكن ربما أضيف إلى هذا احتدام معركة إثبات الوجود، فكل ما يواجهه الشاعر الذكر فى أوساط مجتمعاتنا يضاف إليه تحديات جديدة أكثر قسوة ومرارة عندما يتعلق الأمر بشاعرة أنثى. كذلك فإن لى مجموعة جديدة أوشكت على الظهور، وهى مكونة من 12 قصيدة تحركها أزمة الإنسان العارف، وأتمنى أن تكون علامة مهمة فى سياق التجربة ككل أتجاوز بها منجزى الحالي، وأن تتحقق فيها عوامل التجديد والتأسيس لوجهة نظر مغايرة. أيمن رجب طاهر الفائزة بالجائزة عن رواية «القحط»: لا أستطيع أن أصف مدى سعادتى بخبر فوزى بالجائزة الذى رفع من روحى بشكل كبير، على الرغم من أنها ليست أول جائزة لى، فقد حصلت على أكثر من عشر جوائز من قبل، أبرزها: جائزة أحمد بهاء الدين فى الرواية عام 2010، وجائزة القصير للإبداع الأدبى فى القصة القصيرة 2011، وجائزة صالون نجيب الثقافى فى القصة القصيرة 2016م، وغيرها من الجوائز، لكن الفوز بجائزة الدولة له أهمية خاصة، فقد جعلنى، أولا، أثق فى رسالتى كروائى وقاص على انتشار ما أكتبه وأن كلمتى ستصل للقارئ, كما أعطانى دفعة لتقديم أعمال أخرى أكثر جودة إن شاء الله, كذلك فإن نيل الجائزة فتح لى مجالا للتعرف على العديد من الأدباء الذين أثروا الحياة الثقافية بأعمالهم الجادة, والأهم، والذى تيقنت منه هو نزاهة لجنة التحكيم إيا كان أعضاؤها. وروايتى «القحط» رواية تاريخية تنطبق عليها كل شروط الجائزة، فأحداثها تنطلق من إحدى حوارى القاهرة القديمة أيام حكم الخليفة الفاطمى المستنصر بالله وتحكى عن الشدة العظمى التى قاست مصر ويلاتها، والمعروفة بالشدة المستنصرية، حيث جف النيل وانقطع الفيضان لمدة سبع سنوات حتى شحت الأقوات ثم انعدمت تماما بمرور الأيام حتى أكل الناس لحوم القطط والكلاب، بل أكل الناس جثث بعضهم البعض.