مصر وروسيا توقعان بروتوكولًا مكملًا للاتفاقية الحكومية بالتعاون فى بناء وتشغيل محطات الطاقة النووية    ارتفاع معدل التضخم في المجر إلى 4.6% في المجر خلال يونيو الماضي    مجلس النواب يوافق على قرض بقيمة 90 مليون يورو من بنك الاستثمار الأوروبي    غلق موقع أكروبوليس بأثينا لحماية السياح والعاملين من أشعة الشمس الحارقة    فرنسا تشدد الخناق على الإخوان.. ماكرون يطلق حزمة إجراءات صارمة لمواجهة التطرف    ريبيرو يتمسك بالرباعي الخبرة.. ورفض رحيل عبد القادر للسعودية    حريق سنترال رمسيس.. القابضة للمياه: 10 سيارات وفرق طوارئ تشارك في عمليات الإطفاء    ضبط 4500 شريط تحليل فيروسات منتهية الصلاحية في حملات تفتيشية ب الشرقية    حالة الطقس في الإمارات اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    "الداخلية" تكشف ملابسات فيديو حادث سير بالطريق الدائري وواقعة السير عكس الاتجاه    لليوم الثاني.. فرق الإنقاذ تواصل جهودها لانتشال جثتين سقطت بهما سيار نقل من «معديه» بنهر النيل في قنا    رامي جمال: عمرو دياب أسطورة حية.. وأنا مش من جيله علشان أتقارن بيه    مشاركة فعالة ل دار الشروق في معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب    حسام أشرف ينضم لتدريبات سموحة غدًا بعد اتمام إعارته من الزمالك    الخميس.. غلق باب تلقى أوراق الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ    الطيران المدني: عودة حركة التشغيل إلى طبيعتها بمطار القاهرة    خارجية قطر: التصعيد الميداني في غزة يصعب مهمة الوسطاء    الفلبين تستدعي السفير الصيني بعد فرض بكين عقوبات على سناتور سابق انتقد الصين    فيضانات تكساس الكارثية تودي بحياة أكثر من 100 شخصًا    محافظ الجيزة: منظومة ذكية لإحكام السيطرة على نقل مخلفات البناء والهدم    أرنولد: تنتظرنا مواجهة صعبة أمام سان جيرمان.. وكل شيئ وارد في مرحلة خروج المغلوب    استمرار عمليات التبريد فى مبنى سنترال رمسيس لليوم الثانى وسط حالة استنفار    افتتاح قبة «سيدي جوهر المدني» في شارع الركبية بحي الخليفة    بتكلفة 2 مليون جنيه.. بدء التشغيل التجريبي لوحدة «عناية القلب» بمستشفى الحسينية المركزي    فيلم ريستارت يقفز بإيراداته إلى رقم ضخم.. كم حقق في دور العرض الإثنين؟    «هتضحك معاهم من قلبك».. 4 أبراج يُعرف أصحابها بخفة الدم    الجبهة الوطنية: نؤكد أهمية خروج الانتخابات بصورة تليق بالدولة المصرية    رسميًا.. صفقة الأهلي "الحملاوي" ينضم إلى كرايوفا الروماني    بالصور.. رئيس جامعة دمياط يفتتح معرض مشروعات تخرج طلاب كلية الفنون التطبيقية    المصرية للاتصالات تنعي شهداء الواجب في حادث حريق سنترال رمسيس    ضبط أدوية مغشوشة داخل منشآت صحية بالمنوفية    وزير البترول: تنفيذ مشروعات مسح جوي وسيزمي لتحديد الإمكانات التعدينية فى مصر    تراجع أسعار النفط مع تقييم المستثمرين تطورات الرسوم الأمريكية    وزير الإسكان يتفقد المنطقة الاستثمارية ومشروع الأرينا بحدائق "تلال الفسطاط"    اغتاله الموساد.. تعرف على أعمال غسان كنفانى أحد رموز الصمود الفلسطينى    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    سؤال برلماني حول حريق مبنى سنترال رمسيس    رئيس الرعاية الصحية: تطوير المنشآت الطبية بأسوان وربط إلكتروني فوري للطوارئ    وكيل وزارة الصحة يتابع انتظام العمل بوحدات إدارة إسنا الصحية.. صور    استمرار تلقي طلبات الترشيح في انتخابات مجلس الشيوخ بشمال سيناء    الكشف عن سبب غياب "شريف والمهدي سليمان" عن تدريب الزمالك الأول    النائب إيهاب منصور يتقدم ببيان عاجل بشأن مأساة اندلاع حريق سنترال: تسبب فى توقف تام لكل المرافق    طريقة عمل الكشري المصري بمذاق لا يقاوم    وزيرة التنمية المحلية تتابع عمليات إخماد حريق سنترال رمسيس    التقديم الإلكتروني للصف الأول الثانوي 2025.. رابط مباشر وخطوات التسجيل والمستندات المطلوبة    حريق سنترال رمسيس.. وزير التموين: انتظام صرف الخبز المدعم في المحافظات بصورة طبيعية وبكفاءة تامة    معلق مباراة تشيلسي وفلومينينسي في نصف نهائي كأس العالم للأندية    البرازيل ونيجيريا تبحثان التعاون الاقتصادي وتفعيل آلية الحوار الاستراتيجي    رغم غيابه عن الجنازة، وعد كريستيانو رونالدو لزوجة ديوجو جوتا    هشام يكن: جون إدوارد و عبد الناصر محمد مش هينجحوا مع الزمالك    رسميا بعد الزيادة الجديدة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    المجلس الوطني الفلسطيني: هدم الاحتلال للمنازل في طولكرم جريمة تطهير عرقي    على خلفية حريق سنترال رمسيس.. غرفة عمليات ب «صحة قنا» لمتابعة تداعيات انقطاع شبكات الاتصالات    أهم طرق علاج دوالي الساقين في المنزل    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربع سنوات على ثورة الثلاثين من يونيو .... الاستقرار والتوازن فى سياسة مصر الخارجية
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 06 - 2017

نحتفل اليوم بذكري عزيزة وغالية علي قلب كل مصري، حين قال الشعب كلمته القاطعة يوم الثلاثين من يونيو عام 2013، معلنا انحيازه التام لمؤسسات الدولة الوطنية بما تمثله من هوية راسخة تضرب بجذورها في عمق التاريخ، رافضا محاولات طمس هذه الهوية وتشويهها، وفرض رؤية أيديولوجية لجماعة خارجة عن الإطار الوطني العام، فما كان إلا أن لفظها الشعب المصري بثبات وجسارة.
وبعد مرور أربع سنوات علي هذا الحدث التاريخي الهام، حريّ بنا وقد تجاوزنا تفاصيل اللحظة وتعقيدات المشهد آنذاك، أن نتناول بشيء من التحليل المعمق بعضا مما تحقق علي صعيد سياسة مصر الخارجية، حيث كانت الدبلوماسية المصرية في طليعة المؤسسات الوطنية التي استجابت لنداء الوطن، بتكثيف التواصل مع الدوائر الرسمية والشعبية والإعلامية في مختلف أنحاء العالم علي نحو غير مسبوق، تصديا لكل من حاول وصم هذه الثورة بصفات لا تمت للواقع بصلة، ولشرح مسوغات التحرك الشعبي الذي أنقذ البلاد من مغبة السقوط في براثن الاقتتال الأهلي، وجنّب المنطقة ويلات موجة جديدة من العنف والفوضى. ومما لا شك فيه أن الأحداث التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط منذ مطلع عام 2011 كانت إيذانا بتحولات حادة، وتقلبات عاصفة، هدمت ثوابت ترسخت عبر عقود وأجيال، وفرضت علي أرض الواقع قواعد جديدة ومعطيات غير مسبوقة أصابت الحكومات والجماهير بكثير من التخبط والاهتزاز.
ومن نافلة القول إن ثورة الثلاثين من يونيو قد دشّنت لما يمكن تسميته بمرحلة «الدبلوماسية الهادئة» في سياسة مصر الخارجية، والتي تشير إلي اعتبارات المواءمة بين متطلبات الداخل من جانب، عبر استكمال الاستحقاقات الدستورية وتثبيت الاصطفاف الوطني في مواجهة منعطف الفوضي وعدم الاستقرار الذي خيّم علي البلاد خلال الفترة السابقة، وبين الحفاظ علي مصالح مصر الخارجية التي تفرضها محددات جيواستراتيجية مستقرة منذ القدم، بمد جسور التعاون مع مختلف الشركاء الدوليين والإقليميين، وتجنب الدخول في صدامات من شأنها التأثير علي وضعية مصر الإقليمية واستقرارها الداخلي. فقد قامت هذه المرحلة علي مرتكزات أساسية، أولها: ضرورة الحفاظ علي تماسك الدولة الوطنية باعتبارها إطارا جامعا للمواطنين في المنطقة، ينضوي الجميع تحت لوائها دون الانجرار إلي دعاوي الفتنة والتقسيم علي أساس خطوط التباين العرقي والديني والمذهبي. ولقد رأينا كيف انجرفت بعض الدول الشقيقة مع هذا التيار الخبيث، الذي هوي بها إلي دوامات العنف والعنف المضاد. ومازالت مصر تبذل جهودا مضنية لطي هذه الصفحة المظلمة في ليبيا وسوريا، وفق رؤية مدروسة ومنهج قويم لا يبتغي سوي إنقاذ الشعوب من مهالك الصراع الدموي الذي لا يُبقي ولا يذر.
وقد تأسس الموقف المصري تجاه هذه الأزمات علي رفض كل ما من شأنه تفتيت المؤسسات الوطنية القائمة، وذلك عبر الدخول في عملية سياسية تعتمد الحوار سبيلا لتقريب وجهات النظر، وتوسيع مساحات التلاقي وتضييق هوة الخلاف بين مختلف الأطراف. فقد استضافت القاهرة علي مدار الأعوام الثلاثة الماضية سلسلةً من اللقاءات المتواصلة مع مختلف ممثلي الأطراف المجتمعية والقبلية في ليبيا. وقد تمخض عن هذه اللقاءات الإعلان عن بيان القاهرة في ديسمبر 2016 والذي يعد بمثابة المرجعية الأساسية لحل الأزمة الليبية. كما تنخرط مصر بقوة في كل محاولات التوصل إلي تسوية للأزمة السورية في الاجتماعات التي انعقدت بجنيف ولوزان وغيرها، فضلا عن مشاورات مجلس الأمن، فاستضافت مصر لهذا الغرض اجتماعات مجموعة القاهرة للمعارضة السورية والتي تمثل طيفا معتدلا في الصراع الدائر، كذلك نجحت السفارة المصرية في دمشق في توصيل شحنات من المساعدات الإنسانية للشعب السوري الشقيق تضامنا معه في هذه الأوقات العصيبة.
فإذا انتقلنا إلي الركيزة الثانية لهذه المرحلة، ألا وهي إعادة تعريف المباديء الحاكمة لتحركات مصر الخارجية، نلمس كيف استطاعت مصر بعد ثورة الثلاثين من يونيو أن تستلهم دورها التاريخي الذي لم يسع يوما للهيمنة أو محاولات بسط النفوذ، وذلك عبر الموازنة الدقيقة بين مقتضيات الحفاظ على الأمن القومى المصرى، و التمسك فى الوقت ذاته بمباديء حسن الجوار في إدارة العلاقات الدولية، ورفض التدخل في الشئون الداخلية للدول، واحترام الخصوصية السياسية والثقافية للمجتمعات. ويعد التوصل لاتفاق إعلان المبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا في مارس 2015 انعكاسا لهذا التوازن الدقيق في المباديء في إدارة أحد أهم الملفات في سياسة مصر الخارجية، ألا وهو ملف الأمن المائي. فقد كانت زيارة السيد الرئيس لأديس أبابا وخطابه أمام البرلمان الإثيوبي مبادرة تاريخية غير مسبوقة للتأكيد علي مباديء بناء الثقة، والتعاون، وتحقيق المكاسب المشتركة في علاقات مصر مع جميع دول وشعوب حوض النيل، مع عدم التفريط للحظة واحدة في أمن مصر المائى باعتباره خطا أحمر لا يقبل المساومة، وهو ما أعادت القيادة المصرية التأكيد عليه خلال القمة الأولي لدول حوض النيل التي اختتمت أعمالها بأوغندا قبل أيام.
ولا تغفل مصر بحال من الأحوال أن رياح التغيير قد عرفت طريقها إلي دول المنطقة، حيث أصبح المواطن شريكا أساسيا في عملية صنع القرار بما في ذلك قرارات السياسة الخارجية، وهو ما يعد الركيزة الثالثة لسياسة مصر الخارجية لهذه المرحلة. وتحرص وزارة الخارجية علي ترجمة هذا المبدأ من خلال تواصلها المباشر مع المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، فضلا عن تعزيز أطر الحوار مع الجاليات المصرية بالخارج، وتسهيل سبل الرعاية القنصلية التي تقدمها بعثات مصر في الخارج للمواطنين. كما أحرص بشكل شخصي علي إجراء لقاءات دورية مع المثقفين والمفكرين وشباب الجامعات لاستطلاع آراء هذه القطاعات الهامة في المجتمع المصري، والتعرف عن قرب علي تقييمهم لسياسة مصر الخارجية ومقترحاتهم لكيفية تطويرها.
وإذ تواجه مصر معركةً داخليةً شرسة في مواجهة الإرهاب، تخوض بالمثل معركةً خارجيةً أمام العالم لمحاصرة قوي الظلام التي لا تكف عن العبث بأمن الشعوب واستقرارها. ولعل كلمة السيد الرئيس التي ألقاها أمام القمة الأمريكية العربية الإسلامية التي انعقدت بالرياض مؤخرا، كانت بمثابة مرجعية هامة في تناول ظاهرة الإرهاب بأبعادها السياسية والفكرية والتنظيمية. ولقد رأينا كيف تحولت رؤية السيد الرئيس بضرورة محاصرة الدول الراعية للإرهاب إلي خطوات ملموسة من خلال حزمة الإجراءات الأخيرة التي تم اتخاذها تجاه دولة قطر بالتنسيق بين مصر والسعودية والإمارات والبحرين. وارتباطا بهذا الأمر، أتاحت عضوية مصر في مجلس الأمن (2016-2017) فضلا عن توليها رئاسة لجنة مكافحة الإرهاب بالمجلس، مجالا واسعا لطرح الرؤية المصرية في محاربة الإرهاب من منظور شامل، حيث نجحت البعثة المصرية لدى الأمم المتحدة في نيويورك في استصدار قرار من مجلس الأمن يوم 25 مايو 2017 بإجماع آراء الدول أعضاء المجلس للترحيب بالإطار الدولي الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابي ووضعه موضع التنفيذ، وهو الإطار الذى سبق أن نجحت مصر في اعتماده بالإجماع كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن.
لا تتسع هذه السطور القليلة لرصد كل ما تم إنجازه خلال السنوات الأربع الماضية، ولكنني أردت أن أقدم تأصيلا لسياسة مصر الخارجية خلال تلك المرحلة المفصلية من تاريخنا المعاصر، والتي يمكن القول أنها انتقلت مؤخرا بالفعل من مرحلة « دبلوماسية الهدوء والتوازن» إلي دبلوماسية «تثبيت الاستقرار واستعادة الدور» في علاقات مصر الخارجية. فقد تم استكمال البنية المؤسسية الداخلية، وتبني برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي نتطلع إلي جني ثماره خلال السنوات القادمة، ليكتمل المشهد بسياسة خارجية فاعلة تستند إلي رؤية واضحة رسمت القيادة المصرية ملامحها بعناية فائقة لاستعادة دور مصر الخارجى المؤثر في كافة الملفات ذات الأهمية الاستراتيجية والمصلحة القومية لمصر.
إن الرؤية المصرية تنتهج الانفتاح علي العالم سبيلا للحوار والتواصل وتعزيز المصالح المشتركة مع مختلف القوي الدولية، دون تهاون أو تفريط في مصالح مصر، انعكاسا للميراث التاريخي الثري الذي فرض علينا مسئولية القيادة في هذه المنطقة من العالم، قيادة تتسم بالرشد والتروي وتغليب مصالح الشعوب علي طموح الأشخاص، ورفض السياسات التخريبية التي تسعي لإذكاء الفتن، مقابل التمسك بمباديء العيش المشترك التي تفتح أبواب المستقبل للجميع لتنمو الشعوب وتزدهر.
وسيكتب التاريخ كلمته الفاصلة في النهاية، مذكّرا الأجيال القادمة بأن ثورة الثلاثين من يونيو أعادت مصر مرة أخري إلي صدارة المشهد الإقليمي والدولي بعد فترة وجيزة من الاضطراب، ونجحت باقتدار في درء الفوضى، والحفاظ علي دعائم الدولة، وإعلاء مصالح الشعب المصري وحقه الأصيل في حياة آمنة مستقرة علي أرضه.
لمزيد من مقالات سامح شكرى;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.