تمر قطر حاليا بمرحلة من الهذيان والتخبط والمكابرة بعد مقاطعة مصر ودول الخليج الثلاث - الامارات والسعودية والبحرين - لها بسبب دعمها المالى والاعلامي لمنظمات إرهابية وإحتضانها لأشخاص تسوق للعالم أفكارا متطرفة، فتعلن بوضوح رفضها للتفاوض مع أشقائها العرب وتتجه بسفينتها الى الشواطئ الإيرانية بدلا من أن ترسوا على ضفاف الخليج. وتختار الدوحة بهذا الفعل طريق «الانتحار السياسى» بترويجها شائعات وأكاذيب «الحصار» على حد تعبيرها، واستقوائها بأطراف إقليمية ودولية لدعم موقفها، واستعانتها بقوات أجنبية على أراضيها. ويبدو أن قطر لم تستفق بعد من هول الصدمة التى تعيشها حاليا بعد المقاطعة التى دخلت أسبوعها الرابع وتعلن بكل تعنت وكبر على لسان وزير خارجيتها أنها لن تتفاوض مع الدول العربية حتى تنتهى الأخيرة من قطيعتها لها ولن تسمح أن يثار الحديث فيما يخص «قناة الجزيرة» أو سياستها الخارجية. وهكذا تؤكد قطر أنها لن تكف عن دعمها وتمويلها للارهاب وأنها تقطع على نفسها فرص العودة والانضمام الى الصف العربى مرة أخرى. ويقول محمد الحمادى كاتب، إماراتى، إن قطر سلمت زمام أمورها لإيران وتركيا معتقدة بذلك أنهما سيحميان أمنها وأرضها، كما أنها قررت أن تفوضهما للحديث عن أزمتها نيابة عن نفسها. ويرى بعض المحللين أن الدوحة أصبحت بالفعل تصر على إنتهاجها الفكر المتطرف فى سياستها الخارجية وأن تاريخها الارهابى الأسود على مدى أكثر من عقدين خير دليل على ذلك، كما أن سمومها التى تبثها فى مصر وليبيا ولبنان والعراق واليمن وفلسطين تقف شاهدة على جرائمها البشعة، فضلا عن التنظيمات الإرهابية التى دعمتها ماليا فى سوريا أمثال داعش وجبهة النصرة. وعندما أبدت دول المقاطعة نيتها بقبول الوساطة بينها وبين قطر لحل الأزمة الراهنة، اعترضت الدوحة على فكرة الوساطة والمصالحة وهو ما يشير الى أنها تريد صلحا من دون مقابل مما دفع دولة الامارات لتحديد بعض «المطالب» شريطة رجوع قطر الى الصف العربي. ومن ضمن تلك «المطالب» التى حددتها أبوظبى على لسان وزيرها للشئون الخارجية أنور قرقاش، وقف دعم قطر للإرهابيين والتخلي عن شخصيات مطلوبة دوليا وإقليميا. وقال قرقاش إن « مطالب» دول المقاطعة تتعلق بعدد من الأمور، منها توقف قطرعن تمويل التطرف وحركات إرهابية في سوريا وليبيا، على سبيل المثال. وأيضاً عدم احتضانها شخصيات عليها حظر دولي، وهم 59 اسما متواجدون في الدوحة التي أصبحت ملاذاً للفكر المتطرف، مؤكدا أنه إذا أرادت الدوحة العودة إلى محيطها الخليجى فإن عليها الالتزام بقرارات مجلس التعاون. وأضاف الوزير الاماراتى أن «المطالب» تتعلق أيضاً بعدم زج الخليج فى سياسات راديكالية مع حماس أو دعم الإخوان المسلمين، مشيرا الى أن العمود الفقرى من «المطالب» هو توقف الدوحة عن دعمها للمنظمات الإرهابية. وأوضح قرقاش أن دولة مثل البحرين، عانت لسنوات من جهود قطرية مستمرة لتقويض الأمن فيها، كما أن مصر ما زالت تعانى من محاولات إعلامية وسياسية تمولها الدوحة لتقويض الحكم، حيث يرى المسئول الاماراتى أن قناة «الجزيرة» ما هى إلا نشرة للإخوان المسلمين وتعكس حال التطرف كما أنها أبرزت شخصيات أصبحت رموزاً للإرهاب. الحقيقة أن المطالب التى حددتها أبوظبى للدوحة تعتبر أساسية لانضمامها إلى الركب العربى خاصة بعدما تبين أن الدوحة ليست متهمة بدعم الإرهاب والتطرف فقط، بل هى متهمة أيضا بالتآمر على بعض الدول وعلى القادة العرب. وفى هذا الصدد يقول الكاتب الاماراتى محمد الحمادى «لقد تبين تورط قطر في محاولة اغتيال ملك السعودية الراحل عبدالله بن عبدالعزيز بالتعاون مع معمر القذافي عام 2003. وانتشر مقطع فيديو الأسبوع الماضى عبر وسائل التواصل الاجتماعي مصور على قناة ال «بى بى سى» الانجليزية لضابط المخابرات الليبي السابق موسى كوسا وهو يتناول الطعام في أحد فنادق قطر. كما كشفت وثيقة أمريكية عن تورط قطر في محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995». فى الواقع إن سياسات قطر الداعمة للتطرف والارهاب تعتبر مفضوحة أمام العالم أجمع وليست مجهولة كما تعتقد. فلابد أن تدرك قطر أنه عندما يثبت بالأدلة والمستندات تورطها في إحتضان جماعات إرهابية وتصر على عدم التعاون مع أشقائها والمجتمع الدولي فإن مصيرها سيكون فرض مزيد من العقوبات أو «الحصار» كما تدعى، ليس فقط من دول الخليج الثلاث ومصر بل سيكون من جميع دول العالم. ويرى السياسيون أن هذه العقوبات ستكون أكثر شدة على المستويين السياسى والاقتصادى، متمثلة على سبيل المثال وليس الحصر في منعها من التصويت بالمؤسسات والمنظمات الدولية، وكذلك فى منظمة الأوبك التي تمتلك قرارات بفرض عقوبات اقتصادية. ومن جانبها تقول منى بوسمرة، كاتبة إماراتية، عندما تبعث قطر وفداً إلى واشنطن، فى إشارة إلى زيارة حمد بن جاسم وزير خارجية قطر السابق إلى الولاياتالمتحدة، فى محاولة منها لحل الأزمة الراهنة، فهذا يعتبر اعترافا بأن الموقف أكبر مما تظنه الدوحة، وأن محاولات استرضاء الإدارات الأمريكية المختلفة هى محاولة يائسة، لأن ملف الإرهاب وداعميه أصبح موقفاً عالمياً بعد أن أصيب الجميع بآفة الارهاب. إن محاولات قطر للتحالف مع أطراف خارجية لن تؤدى إلى فك عزلتها الحالية أو تجاوز أزمتها، بل إنها سوف تزيد الأمور تعقيدا وتفضى إلى مزيد من المقاطعة. ومع ذلك، يجمع كثير من المحللين فى الامارات أن هدف المقاطعة ليس فى الأساس إبعاد قطر عن محيطها الخليجى، بل هى ضغوط سياسية واقتصادية لإعادتها إلى مكانها الطبيعي وسط أشقائها، فقرار المقاطعة جاء ليعيد الدوحة بشكل أقوى إلى البيت العربي الكبير، ولكن فى نفس الوقت لا يوجد أدنى فرصة أو مكان لقطر للعودة مرة أخرى إلى هذا البيت إلا بالرجوع عن سياساتها الداعمة للارهاب.