غصة فى قلوبنا ذلك الشعور الذى يتملكنا أحياناً عندما نقع فريسة أمام نقاط الضعف التى تجعلنا ننحدر بقوة ولا إراديا إلى الوراء، وقتها يُحاول كل منا بشتى الطرق أن يتحاشى عقدة حياته، أن يخفيها ويداريها على اعتبار أنها الوسيلة التى تُمكن أعداءه من تَملكه والسيطرة عليه. وبالتالى تكون لدينا جميعا الرغبة الجارفة لقهر أحد أهم أمراض العصر غير العضوية عقدة أو نقطة الضعف التى تحول حياتنا إلى جحيم لا يطاق ويكون التساؤل العفوي. هنا: أليس من الوارد أن تكون عقدة الضعف هذه هى السبيل الأقرب إلى النجاح والتميز وتحقيق الذات من أوسع الأبواب بدلاً من الشعور المزمن بالخجل والخوف والابتعاد عن الناس بمسميات مختلفة وحجج واهية وتكون النتيجة المتوقعة دائما الفشل المزمن فى اتخاذ القرارات والتبعية اللا إرادية لمن هم أقوى وأفضل منه؟. هنا تكمن النصيحة الذهبية للمتخصصين بضرورة القراءة فى هذا المجال خاصة عن أصحاب الشخصية القوية أولئك الذين يتمتعون بالتأثير الإيجابى تجاه المحيطين بهم، الأمر الذى بدوره سيزيد الحماس بداخلنا، إذ ربما فى يوم ما نرفع القبعة شكراً وعرفاناً بالجميل لتلك الغصة التى عانينا منها طويلاً بالمثابرة وقوة الإرادة بإزالة العوالق والشوائب عن مخزون المهارات التى بداخلنا دون كلل أو ملل، هنا نأتى للمقولة الشهيرة للعالم الأيرلندى جوزيف ميرڤى «افعل ما تخافه» بمعنى أن تعرف نقطة ضعفك فتدوس عليها (تضغط عليها) أى تفعلها وهذا ما يفعله بعض الأطباء النفسيين مع مرضى «فوبيا» الأدوار المرتفعة والأماكن المغلقة والحيوانات وغيرها.. يحضرنى فى هذا السياق إبراهيم حمدتو اللاعب المصرى العالمى الذى يلعب بفمه كرة الطاولة وتعرض وهو فى العاشرة من العمر لحادث قطار أدى لبتر ذراعيه وبعد ثلاثة أعوام من العزلة والانهيار لملم أشلاء عزيمته ولجأ إلى تلك اللعبة التى تعتمد على اليدين أساسا، حاول وضع مقبض المضرب تحت جذع ذراعه اليمنى ولم يفلح، وبدأ يمسك مقبض المضرب بفمه، واستعان بأصابع قدمه اليمنى ليرفع الكرة قبل ضربة الإرسال، بالمضرب الموجود بين أسنانه مستعينا بعضلات عنقه، نجح بعد ثلاث سنوات، وتغيرت حياته بعدما تغلب على نقطة ضعفه، التى كان من المفترض أن تقهره. لقد أذهل حمدتو كل من تابعوه حتى منافسيه أنفسهم أبدوا إعجابهم ببطولته وعزيمته. وقال ديٍڤيد ويثيريل المصنف الرابع على العالم فى تلك اللعبة «إنه الأسطورة الذى لا يعرف المستحيل» وانه شخصياً استمد منه الأمل. إنه الواقع فى أبهى صوره أن يستثمر ذلك الرياضى المصرى كل ما فيه, بما فى ذلك نقطة ضعفه لينجح فى تحويل كل آلامه وعذاباته إلى لحظات سعادة لكل المصريين. من هنا نستنتج أن نقطة ضعف الإنسان أحيانا تكون مصدر قوته وسعادته هى نقطة الانطلاق للأفضل، إذا درسها جيداً وأحسن استغلالها بدلا من التعامل معها كمشكلة مستعصية، يتجنبها ويتحاشاها, وكأنها مرض عضال أو وباء نخشى أن ينتشر فى بقية أنحاء جسدنا, ولنبدأ من الآن من هذا المكان بمنتهى القوة بكثير من الثقة والصبر والرغبة فى تحقيق أحلام وأهداف كنا نظنها المحال. لمزيد من مقالات هالة برعى