الرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، وبستان العارفين. ومن لطائف اقتران الفرج بالكرب، واليسر بالعسر، أن الكرب إذا اشتد وعظم وتناهى، وحصل للعبد اليأس من كشفه من جهة المخلوقين، تعلق قلبه بالله وحده، وهذا هو حقيقة التوكل على الله، وهو من أكبر الأسباب التي تطلب بها الحوائج، فإن الله يكفي من توكل عليه، قال تعالى: «ومن يتوكل على الله فهو حسبه». وقال صلى الله عليه وسلم: «ما يصيب المسلم من نَصَب ولا وَصَب ولا همٍّ ولا حزن ولا أذًى ولا غمٍّ حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه». ومهما اختفت من حياتك أمورٌ ظننت أنها سبب لسعادتك فتأكد أن الله صرفها عنك قبل أن تكون سببًا في تعاستك، قال تعالى: «وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}» [البقرة: 216]. ويستدل عَلَى تقوى المرء بثلاث: حسن التوكل فيما لَمْ ينل، وحسن الرضا فيما قَدْ نال، وحسن الصبر عَلَى مَا قَدْ فات.