متاهة دستورية و قانونية أدخلنا فيها الحكم بعدم دستورية قانون الانتخابات, فمن يتحمل المسئولية القانونية والسياسية حتي نحاسبه علي الجهود التي بذلت والأوقات التي ضاعت والمليارات التي أهدرت من أموال المصريين. فقد قدرت بعض المصادر تكلفة إجراءات انتخابات البرلمان بمجلسيه الشعب والشوري نحو مليار و200 مليون جنيه من أموال الشعب, ومن المؤكد أن نفقات أخري بالمليارات ستضاف إلي ميزانية الدولة عند انتخاب البرلمان الجديد, إلي جانب شغل أجهزة الدولة من قضاة وشرطة وجيش وموظفين وإجازات بأجر للناخبين, ذهبنا إلي أحد شهود العيان الذي حضر هذه القصة من بدايتها وهو الدكتور مصطفي النجار رئيس حزب العدل وعضو مجلس الشعب الذي أكد أن المجلس العسكري عقد اجتماعين, الاجتماع الأول حضره عدد من أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة والدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد والدكتور محمد مرسي رئيس حزب العدالة والحرية- آنذاك- والسيد السعيد كامل رئيس حزب الجبهة والسيد محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية والدكتور محمد أبوالغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي والدكتور نبيل دعبس رئيس حزب مصر الحديثة والسيد عماد عبدالغفور رئيس حزب النور والمهندس محمد سامي رئيس حزب الكرامة والدكتور محمد أبوالعلا رئيس الحزب العربي الديمقراطي الناصري والسيد مصطفي النجار رئيس حزب العدل والدكتور أحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار والمهندس علي فريج رئيس الحزب العربي للعدل والمساواة والسيد رامي لكح رئيس حزب مصرنا وضم الاجتماع ممثلا عن الداخلية ولجنة الانتخابات اللواء رفعت قمصان وحضر من خبراء القانون الدستوري بالمحكمة الدستورية المستشار حاتم بجاتو نائب رئيس المحكمة الدستورية والمستشار محمد النجار بصفتهما الشخصية وليست كممثلين للمحكمة الدستورية بشكل رسمي وكذلك الوزير عماد ابو غازي وزير الثقافة والوزير أسامة هيكل وزير الإعلام. وأشار النجار إلي أن الاجتماع الأول شهد عرضا من المجلس العسكري بإجراء الانتخابات بنظام النصف للقوائم والنصف للفردي إلا أن غالبية الأحزاب ذات المرجعيات الإسلامية والليبرالية رفضت ذلك مطالبة بإجراء الانتخابات كلها بنظام القوائم إلا أن المستشارين بجاتو والنجار أكدا أن الأقرب للدستورية هو النصف فردي والنصف قوائم, وانفض الاجتماع الأول, حيث أعد المجلس العسكري مسودة القانون بالثلث للمستقلين والثلثين للأحزاب إلا أن الأحزاب خصوصا حزبي الوفد والحرية والعدالة هددت بمقاطعة الانتخابات, بل وقدما اقتراحات بأن تكون الانتخابات كلها بنظام القوائم مع عمل قوائم للمستقلين إلا أنها رفضت. وأوضح النجار أن التفاوض استمر بين العسكري والأحزاب حيث عقد الاجتماع الثاني وانبثقت عنه ما سمي بوثيقة عنان مع الأحزاب بالاتفاق علي نظام الثلث والثلثين, واقترح الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد إصدار القانون في إعلان دستوري تحصينا له من الطعن بعدم الدستورية وهو ما تم بالفعل في الإعلان الدستوري المكمل في27 سبتمبر إلا أنه أغفل تنافس الحزبيين والمستقلين علي الثلث الفردي وترك الأمور دون تفصيل وهذا هو اللغز! وحول من يتحمل المسئولية عن كل ما حدث يؤكد النجار أن الجميع يتحمل المسئولية سواء الأحزاب التي ضغطت والمجلس العسكري الذي استجاب للضغوط. وعن كيفية تلافي مثل هذه المتاهات القانونية والدستورية مستقبلا يطالب النجار بإلغاء فكرة أن تكون رقابة المحكمة الدستورية لاحقة علي إعداد القوانين وإنما لابد أن يكون للمحكمة الدستورية ممثلون رسميون في لجان إعداد القوانين لتلافي الحكم بعدم دستوريتها لاحقا وإدخالنا في مثل هذه المتاهات والكوارث وما يترتب عليها من إهدار للأوقات والمليارات.