سيُعقد منتدى «الحزام والطريق» للتعاون الدولى فى بكين خلال يومى 14 و15 مايو الجاري، وهو المؤتمر الدولى الأعلى المستوى الذى تعقده الصين منذ أن طرح الرئيس الصينى شى جينبينغ هذه المبادرة فى عام 2013، الأمر الذى لقى الدعم الواسع النطاق من المجتمع الدولى حيث يجتمع فى بكين أكثر من 1200 ضيف من 110 دول فى العالم من ضمنها مصر، للتباحث معا فى سبل بناء »الحزام والطريق« ورسم الخطة المستقبلية للتعاون المشترك فى هذا الإطار. طرح الرئيس شى جينبينغ بشكل رسمى فى عام 2013 المبادرة المهمة حول التشارك فى بناء «الحزام والطريق»، يقصد به «الحزام الاقتصادى لطريق الحرير» الذى يغطى قارتى آسيا وأوروبا و«طريق الحرير البحرى فى القرن الحادى والعشرين» الذى يعبر المحيط الهندى وصولا إلى شرقى إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط. وتعتبر هذه المبادرة أكبر إنجاز عام قدمته الصين للمجتمع الدولى حتى الآن، وهى مبادرة للتعاون الدولى تحظى بترحيب واسع فى العالم أيضا، وتهدف إلى تعزيز التعاون الدولى وتحقيق التبادلات وتكامل المزايا بين مختلف الدول وتقليص فجوة التنمية بين مختلف المناطق عن طريق تناسق السياسات وترابط البنية التحتية وتواصل الأعمال وتداول الأموال وتفاهم الشعوب، سعيا إلى تسريع وتيرة عملية التكامل الإقليمى بين الدول الواقعة على طول «الحزام والطريق» والدفع بتحقيق التنمية والازدهار المشترك لهذه الدول وحتى لمناطق أخرى وخدمة للسلام والاستقرار الإقليميين. منذ أكثر من 3 سنوات، أبدت أكثر من 100 دولة أو منظمة دولية دعمها وتجاوبها الإيجابيين لهذه المبادرة، ومن ضمنها أكثر من 40 دولة أو منظمة دولية وقعت على اتفاقيات التعاون مع الصين. وبلغ حجم استثمارات الشركات الصينية فى الدول الواقعة على طول الخط أكثر من 50 مليار دولار أمريكي، وتمت ترجمة عدد كبير من المشاريع المهمة على أرض الواقع، الأمر الذى ساهم فى تحريك التنمية الاقتصادية فى مختلف الدول وخلق عدد هائل من فرص العمل. وكما قال الرئيس شى جينبينغ إن «فكرة مبادرة الحزام والطريق نبعت من الصين، ولكن فوائدها تعم العالم كله»، فتحت هذه المبادرة آفاقا جديدة للتعاون بين الصين ومصر أيضا. ومن جهته، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى بوضوح أثناء زيارته للصين فى أواخر عام 2014 أن مصر تأمل فى أن تكون جزءا من «الحزام والطريق». نعتقد أن مصر بموقعها الجغرافى المتميز ومكانتها المحورية فى المنطقة تمثل شريك التعاون المهم فى الدفع بمبادرة «الحزام والطريق». لذلك، فإن التعاون الصينى المصرى فى هذا الإطار يقوم على أسس متينة ويستشرف آفاقا واعدة. ورأينا بكل ارتياح أن التعاون الصينى المصرى فى إطار «الحزام والطريق» قد أحرز نتائج مثمرة سارة فى العديد من المجالات بفضل الجهود المشتركة التى بذلها الجانبان فى السنوات الأخيرة. أولا: الارتباط بين الاستراتيجيات التنموية للبلدين. وحاليا يعمل الجانب المصرى على تنفيذ «مشروع تنمية محور قناة السويس» الذى يتفق مع فكرة «الحزام والطريق». ووقعت الصين ومصر على «مذكرة تفاهم حول التنفيذ المشترك لمبادرة الحزام والطريق» أثناء زيارة الرئيس شى جينبينغ لمصر عام 2016. ثانيا: يبذل الجانب المصرى جهودا جبارة فى سبيل تطوير البنية التحتية ودفع عملية التصنيع، بينما يملك الجانب الصينى مزايا فريدة فى مجالات الكهرباء والمواصلات والموانئ والإنشاء والتعمير والطاقة الإنتاجية. ووقع الجانبان على سلسلة من الاتفاقيات بشأن مشاريع التعاون الضخمة خلال زيارة الرئيس شى جينبينغ لمصر فى العام الماضي، والتى تقدر قيمتها بأكثر من 10 مليارات دولار أمريكي. وبعد جهود استمرت لسنوات عديدة مضت، نجحت منطقة السويس للتعاون الاقتصادى والتجارى الصينى المصرى فى إتمام المرحلة الأولية وبدأت الآن بناء المرحلة التوسعية، الأمر الذى يجعلها نقطة ساطعة فى الحدائق الصناعية الصينية فى الخارج. ثالثا: تقدم التعاون المالى بخطوات ثابتة، الأمر الذى يوفر ضمانا ماليا للتعاون فى المشاريع الاقتصادية والتجارية. إذ توصلت الصين ومصر إلى الاتفاقية فى العام المنصرم حول تبادل العملات المحلية بقيمة 18 مليار يوان صينى لأجل 3 سنوات، الأمر الذى سجل تقدما غير مسبوق. رابعا: هناك التعاون الثقافى المثمر والمتنوع بين البلدين. فى العام الماضى حيث أطلقت الصين ومصر «عام الثقافة الصينى المصري»، وأقامتا فعاليات ثقافية مكثفة فى كثير من مدن البلدين، مما عزز التبادل الثقافى والتفاهم الشعبى بين الجانبين إلى حد كبير. البحث فى سبل بناء «الحزام والطريق» والتطلع إلى دور مصر المهم فى الوقت الراهن، يبقى أساس انتعاش الاقتصاد العالمى غير مؤكد، وحركات التجارة والاستثمار الدولية غير قوية، كما يفتقر النمو الاقتصادى العالمى إلى قوة محركة مستقرة. وهناك حاجة ملحة لتطوير البنية التحتية وترقية درجة الترابط والتواصل بين مختلف الدول والمناطق دون الإقليمية. فيرمى «الحزام والطريق»، باعتباره مبادرة للتعاون الاقتصادي، إلى حماية منظومة التجارة الحرة العالمية ومنظومة الاقتصاد القائم على الانفتاح، وتدعيم التعاون بين الدول الواقعة على طول الخط وتحقيق التنمية المشتركة لها. يُعقد هذا المنتدى تحت عنوان «تعزيز التعاون الدولي، والتشارك فى بناء الحزام والطريق، من أجل تحقيق التنمية القائمة على الكسب المشترك». وأهم كلمتين مفتاحيتين فى ذلك هما «التعاون» و«الكسب المشترك». يتمسك الجانب الصينى بمبادئ التشاور والتشارك والتنافع منذ بداية طرح مبادرة «الحزام والطريق»، وذلك بقصد تحقيق التنمية المشتركة والازدهار المشترك للدول الواقعة على طول الخط من خلال تعزيز الترابط والتعاون بينها. إنه من دواعى سرورنا أن يحضر المنتدى عن مصر- الشريك المهم فى بناء الحزام والطريق- عدد من وزراء وشخصيات بارزة، الأمر الذى يتيح فرصة سانحة للبلدين لتبادل الآراء والتنسيق بشأن تعميق التعاون فى كافة المجالات فى إطار «الحزام والطريق»، ويوفر مزيدا من الأفكار والفرص لتوسيع التعاون الصينى المصرى فى مجالات التجارة والاستثمار والمالية والطاقة الإنتاجية والبنية التحتية وغيرها. إننى على قناعة بأن تعزيز التعاون بين الصين ومصر كدولتين مهمتين فى إطار «الحزام والطريق» سيساهم فى إثراء مقومات علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما ويخدم تحقيق استراتيجياتهما التنموية ويساعد مصر على تسريع وتيرة إعادة الإعمار وعملية التحديث الصناعي، بما يمكن الجانبين الصينى والمصرى من تحقيق فوائد ملموسة من مبادرة «الحزام والطريق». لمزيد من مقالات سونج آيقوه