الحفاظ على مؤسسات الدولة واجب وطني.. مهما تعددت مشروعات ومجالات القطاع الخاص يظل رسوخ وثبات الدولة المصرية فى مؤسساتها التى هى ملك الشعب. النهوض بمستشفيات القطاع العام تحديدا ملف لابد أن يكون بمثابة مشروع قومى محدد البداية والنهاية. مستشفيات الدولة تمتلك أمهر وأكفأ الأطباء فى مختلف التخصصات، لكنها تحتاج إلى وقفة حاسمة لاعادة النظر فى الهيكلة وتوظيف هذه الكوادر وإدارة الوقت وتوفير الامكانات وتطبيق ضوابط العمل للحفاظ على ما تبقى من هذه المؤسسات من ناحية، والسعى لاعادة الروح فى معظمها مرة أخري. العلاج هو الخدمة الأهم فى حياة المواطن «الغلبان» غير القادر وتوفيره له بمثابة حق لابد أن يحصل عليه وأيضا هو خدمة من شأنها مد جسور من الثقة والمصداقية بينه وبين الدولة، فربما يختلف المواطن حول بعض الخدمات لكن العلاج مطلب ملح ورئيسى وعاجل، وبالتالى فإن ملف تطوير مستشفيات القطاع العام يطرح علامات استفهام جديدة، فى مقدمتها: ما هى حقيقة الأوضاع داخل مستشفيات الدولة؟! ولماذا يهرب الأطباء إلى مستشفيات القطاع الخاص؟! وهل ننتظر نقلة جوهرية ورئيسية فى خدمات هذه المستشفيات؟! ومتى تصبح مستشفيات القطاع العام هى الملاذ الآمن للمرضى غير القادرين؟! وهل يتدخل رجال الأعمال الوطنيون لدعم هذه المستشفيات وتوفير الموارد اللازمة لها؟
د .علا رجب
المطلوب منه أكبر من إمكاناته .. قصر العينى ..دوا ء الغلابة
مى الخولى هو وجهتك إذا ما ضاقت بك السبل ، المرجعية الأولى للطب فى مصر ، لا ينضم إلى فريق العمل به إلا الأساتذة والمميزون، أبوابه مفتوحة ليل نهار لكافة المرضى دون تمييز ، يقدم خدماته العلاجية بالمجان ، لكنه وأمام الأعداد الكبيرة التى يغطيها من المرضى ، يحتاج إلى دعم الناس ، صحيح أن الحكومة تدعمه ، لكن هذا الدعم غير كاف ليوفى قصر العينى بالتزاماته تجاه المرضي. د.علا رجب مدير إدارة الموارد بقصر العينى ، تقول: قصر العينى يضم 16 مستشفى، بطاقة 5624 سريرا ،منها 1700 سرير حوادث وطواريء، تخدم حالات شديدة الخطورة فى مختلف الأعمار، بدءا من مصابى الحوادث وحتى حالات السكتة الدماغية والأزمات القلبية والربوية، وانفجارات الرحم أو العين والرئة ، وتستطرد رجب قائلة ، ويتبعه مستشفى 185 للحوادث والحروق ، وهو المستشفى الوحيدة بمصر الذى به علاجات لكافة حالات الطواريء، حيث يستقبل المريض من الصفر إلى أن يخرج على قدميه، ويقدم خدمات التشخيص والاستقبال والعمليات فى جميع التخصصات التى تشمل القلب والصدر والمخ والأعصاب والحروق ، ويضم 9 غرف عمليات، و120 رعاية متوسطة. وتضيف رجب: نقدم الخدمة العلاجية لحالات الحوادث ،فاقدة الوعى بالمجان ، دون أن نعرف هوية المريض ، ونوفر جميع المستلزمات المطلوبة للحالة ، مضيفة تلقينا تبرعات من أحد المواطنين ب 11 مليون جنيه، وهو التبرع الذى مكننا من تجديد وحدة السكتة الدماغية، وتجهيزها بأحدث الأجهزة ، ثم تلقينا تبرعات لتجهيز الوحدة بالأسرة والتى وصلت تكلفتها إلى 4 ملايين جنيه، لكننا بحاجه إلى توفير مستلزمات وأدوية. وتقول مدير إدارة الموارد بقصر العيني: يتردد على الطواريء فقط 600 ألف مريض سنويا، تكلفة فتح غرفة العمليات للحالة الواحدة تتراوح بين 3 و 5 آلاف جنيه، وهى تكلفة خيوط وشاش وتعقيم وأوكسجين وبنج تخدير وغير ذلك ، بدون حساب أجر الأطباء والتمريض وبدون حساب تكلفة المسامير أو الشريحة إذا كان المريض بحاجة إليها ، كل ذلك يتم توفيره بالمجان فى مستشفيات قصر العينى ، وصحيح أن الحكومة تدعم مستشفيات قصر العينى ، لكن هذا غير كافى لأننا فى المقابل نقوم بتوسعات. وتؤكد علا رجب، قدمنا مشروعا لتطوير 3600 سرير بقرض ميسر على 20 عاما ،يتم الانتهاء منه فى 2020، القرض سيوفر لنا الأسرة، لكننا بحاجة إلى مزيد من الدعم لتغطية نفقات المستلزمات، مضيفة أن المستشفى بصدد تطوير كوادرها وهذا أمر له تكلفة، فيما تبرعت والدة الأمير بندر بن سلطان للمستشفى ب 15 حضانة، لقسم الأطفال المبتسرين الذى تم إنشاؤه حديثا، لكن القسم لازال بحاجة إلى ممرضات مدربات جيدا وتعقيم ومستلزمات رعاية، نعتمد على أموال التبرعات فى توفيرها، والمستشفى بحاجة ملحة إلى أجهزة تنفس اصطناعى وتجهيزات لأقسام الرعاية والطواريء بالإضافة إلى تبرعات المستلزمات .
د. ايمن أبو العلا
التأمين الصحى الشامل هو الحل
رانيا رفاعى بين أحاديث شبه يومية عن تطوير الصحة ومقترحات المجتمع المدنى وخطط المسئولين ،كان علينا أن نستطلع آراء الخبراء لاستبيان أفضل آليات تطوير منظومة الصحة. فى البداية يقول الدكتور أيمن أبو العلا وكيل لجنة الصحة بالبرلمان إنه يجب إتاحة ووجود مستشفيات ذات كفاءة حديثة ومتاحة وموزعة جيدا على جميع أنحاء الجمهورية لضمان وصول الخدمات العلاجية لأهالينا فى القرى و النجوع و القضاء على مركزية العاصمة و المدن الكبري. وان تكون هناك متابعة مع المريض لضمان رضاه عن الخدمة المقدمة له وتتم تطوير امكانيات المستشفيات من أجهزة و مستلزمات طبية و التأكد من كفاءة الأطباء و كامل فريق العمل بالمستشفيات الحكومية . ومن جانبه ، يعتبر الدكتور محمود فؤاد رئيس جمعية الحق فى الدواء أن الحل الوحيد و الأمثل هو تطبيق التأمين الصحى الشامل ، و حتى يتم تطبيق هذا النظام يجب تنمية الموارد الداعمة له. و أوضح أن نظام التأمين الحالى يكلف الدولة 8 مليارات و نصف مليار جنيه سنويا بينما تصل ميزانية المشروع الجديد إلى 150 مليارا سنويا. و اذا دعمت الدولة ميزانية هذا النظام بنسبة 30% ، فإن هذا الفارق الضخم يمكن توفيره من خلال تنمية موارد التأمين الصحى . و لذلك هناك عدة سبل منها فرض الاشتراك فى التأمين الصحى على كل من يحمل بطاقة رقم قومى و هو ما يعرف بنظام التكافل الاجتماعى وهو ما يمكن بمفرده من توفير 90 مليارا من الموارد المطلوبة لدعم نظام التأمين الصحى الشامل. و أضاف أيضا ان الاشتراكات فى هذا النظام الجديد يجب أن تحسب على أساس اجمالى الراتب و ليس الراتب الأساسى و اتفق الدكتور محمد نصر عضو لجنة قانون التأمين الصحى مع الدكتور محمود فؤاد فى أن قانون التأمين الصحى سيسهم فى حل أكثر من 80 % من المشكلات الصحية فى مصر، مشيرا إلى أن هذا يتطلب من الدولة توفير مالايقل عن 120 مليار جنيه. و أوضح أنه مع هذا النظام سيحل مشكلات شديدة الخطورة مثل نقص المستلزمات الطبية و الأدوية و تسعيرها جبريا.
د .ايمن صالح
مدير عام مستشفيات جامعة عين شمس: نحتاج إلى موازنة وتمريضا وقوانين منظمة نيرمين قطب الدكتور أيمن صالح مدير عام مستشفيات جامعة عين شمس يقول:« من الجيد أن يهتم المتبرع بشراء الأجهزة الجديدة وتوفير الأدوية والمستلزمات ولكن التبرع لإحلال وتجديد المبانى أو لصيانة الأجهزة هو أمر فى غاية الأهمية وربما يسهم فى علاج عدد أكبر من المرضي، فلدينا على سبيل المثال 2500 جهاز بمستشفيات جامعة عين شمس بعضها يحتاج لصيانة سنوية بمبلغ يتعدى المليون ونصف المليون » وقد عملنا بالفعل على تغيير ثقافة المتبرعين وبدأ الأهتمام بجزء قد لا يعى الكثير من الناس اهمية التبرع لتطويره ألا وهو العاملين فى الحقل الطبى ويوضح قائلا :« لدينا تجربتان فى هذا المجال حيث استطعنا اقناع احد المتبرعين بتوفير منح دراسية للنواب الجدد تسهم فى سفرهم لمدة شهر إلى انجلترا ليتدربوا فى بداية حياتهم العملية على بعض المعايير الطبية والتنظيمية التى تساعدهم على تطوير ادائهم العملى والعلمى داخل المستشفيات وسوف تسافر الدفعه الأولى المكونة من 16 نائب فى سبتمبر المقبل فالتطوير يبدأ بتغيير ثقافة المتبرع والطبيب وايضا المريض الذى عليه على سبيل المثال أن يتفهم فكرة قوائم الانتظار الموجودة فى العالم كله وبخاصة فى الأمراض التى لا تتطلب تدخلا جراحيا عاجلا». أما التجربة الثانية فتتعلق بالتمريض، الذى تعانى كافة مستشفيات مصر من نقص شديد به، حيث يتجه إلى المستشفيات الخاصة للعمل والحصول على أجر افضل، وهو الأمر الذى يقلل من كفاءة الخدمة الطبية المقدمة، ويوضح قائلا :« المشكلة لا تتوقف عند الحصول على اجور عادلة ولكن الأمر يحتاج ايضا إلى تطوير فى بعض القوانين التى نحاول أن نتخطى مشاكلها من خلال اللوائح الداخلية. ويرى الدكتور ايمن صالح أن التعامل بين الطبيب والمريض أصبح علما لابد من دراسته ومهارة لابد من الحصول عليها لذلك اصبح واجبا على الطبيب الذى يسجل رسالة ماجستر أن يحصل على دورة مهارات التواصل كما اصبحت إلزاما على فريق التمريض وأفراد الأمن داخل المستشفيات ويضيف:« ربما قد لا تظهر نتائج هذه الحلول الآن أو خلال فترة وجيزة ولكننا نبحث عن حلول مبتكرة لتلك المشكلات« وإذا كان تطوير اداء الفريق الطبى قد وجد سبيلا للحل فمشكلة المستلزمات الطبية تعد واحدة من الأمراض المزمنة التى تعانى منها المستشفيات الحكومية. كما يوضح الدكتور ايمن صالح قائلا:« مازال الإحلال والتجديد مستمرا فعلينا الاعتراف بأن بعض العنابر لم تتطور بعد وبعضها اصبح فى حالة متوسطة والبعض الآخر يمكننا أن نجزم بأنه اصبح يضاهى المستشفيات الخاصة ونحن هنا نتحدث عن الأقسام المجانية وليست الاقتصادية التى تمثل نسبتها أقل من 5% فى مستشفيات جامعة عين شمس«