تُوجت المسيرة الديمقراطية فى جمهورية كوريا بانتخاب رئيس جديد للبلاد أمس. لقد حبس العالم أنفاسه بسبب التوترات المتواصلة على شبه الجزيرة الكورية منذ أكتوبر الماضى وتابع باهتمام بالغ التحديات الجسيمة التى تواجهها كوريا الجنوبية بشأن الديمقراطية والأزمة النووية لكوريا الشمالية وكيف ستتغلب عليها ولا سيما وأن لديها رصيدا هائلا من الخبرات المتراكمة فى مواجهة الأزمات، وتحويلها إلى قصص ناجحة ومُلهمة فى مسيرة التقدم الديمقراطى والنمو الاقتصادى وذلك منذ استقلالها عام 1945. وشهدت كوريا الجنوبية سلسلة من مسيرات «الشموع» الاحتجاجية، خرجت فيها جموع الشعب الكورى احتجاجاً على تدخل صديقة الرئيسة فى إدارة شئون الدولة والتعسف فى استعمال السلطة، وأخيراً شهد العالم فى مارس الماضى إقالة أول رئيسة منتخبة ديمقراطياً فى تاريخ البلاد. على صعيد التوترات فى شبه الجزيرة الكورية قامت كوريا الشمالية خلال العام الماضى وحده بتجربتين نوويتين وتنفيذ سلسلة من تجارب الصواريخ الباليستية بلغت 24 تجربة، بينما تتواصل تهديداتها النووية لكوريا الجنوبية. لكن الكوريين الجنوبيين يتميزون بقدرة فائقة على مواجهة الأزمات،فقد تغلب الشعب الكورى على الأزمة الديمقراطية وخرج من نفق الغموض السياسى الذى طال أمده نحو 6 أشهر. لقد تواصلت الوقفات الاحتجاجية المطالبة بإقالة الرئيسة نحو 20 مرة، ورغم الأعداد الهائلة من المشاركين والتى فاقت فى حالة الذروة مليونى شخص، اتسمت جميع الوقفات بالسلمية، بحيث أخذت فى بعض الأحيان طابع المهرجان الاحتفالى وليس الاحتجاجي. وأظهرت الإجراءات الديمقراطية نحو تنفيذ إدارة الشعب بإقالة الرئيسة وانتخاب رئيس جديد للبلاد درجة أكبر من النضوج الديمقراطى المؤسس لكوريا الجنوبية، وحظى الوعى الناضج للمواطنين الكوريين بإشادات دولية. كما ظهرت البنية القوية التى يتمتع بها الاقتصاد الكوري، وقدرته الفائقة على التعافى والانتعاش رغم الفوضى السياسية التى عصفت بالبلاد. لقد قام الشعب الكورى باختيار قبطان جديد لقيادة «سفينة جمهورية كوريا» عن طريق الانتخاب الديمقراطي، وحتماً سيقودنا القبطان للتغلب على الأزمات والتحديات الهائلة التى تحيط بالبلاد. وصلت الأزمة النووية لكوريا الشمالية ذروتها ويتعين مواجهتها بشكل قاطع. ولاسيما أن هذه الأزمة لم تعد مقصورة فقط على شبه الجزيرة الكورية بل أضحت قضية دولية تهدد الأمن والسلام العالمى بشكل مباشر. لقد عقد مجلس الأمن الدولى اجتماعا على مستوى الوزراء فى 28 أبريل لمناقشة سبل نزع الأسلحة النووية لكوريا الشمالية. ولأول مرة فى تاريخ الأممالمتحدة يتم تخصيص اجتماع لمناقشة قضية واحدة فقط. من المؤكد أن الرئيس الكورى الجديد سيضع فى قمة أولوياته قضية الأسلحة النووية والصواريخ البالستية لكوريا الشمالية. ويحدونى الأمل فى أن تتمكن القيادة الجديدة فى البلاد من معالجة الملف النووى لكوريا الشمالية، وأن تنجح فى خفض التهديدات والتوترات الأمنية المتواصلة على شبه الجزيرة الكورية منذ أكثر من 50 سنة، وأخيراً العمل على نزع الأسلحة النووية وإحلال السلام والازدهار المشترك فى شبه الجزيرة الكورية. هناك قيادة جديدة سوف تتولى مقاليد السلطة فى كوريا الجنوبية. أتمنى أن تسعى الحكومة الكورية الجديدة إلى توطيد العلاقات الثنائية مع مصر فى المرحلة المقبلة، ليس فقط لكونها دولة محورية فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا والعالم الإسلامي، وإنما أيضاً لإيمانى بإمكانية إيجاد مصالح مشتركة بين كوريا الجنوبية ومصر من خلال تقوية التعاون الثنائي. وسيكون اتفاق الشراكة الشاملة والتعاون بين البلدين والذى تم توقيعه خلال الزيارة الرسمية للرئيس السيسى فى مارس من العام الماضى هو الركيزة الأساسية للتعاون بين البلدين. وأنا على يقين من أن قيادتى البلدين ستعملان على تعزيز الشراكة بين البلدين والعمل من أجل مستقبل ينعم فيه البلدان بالاستقرار والازدهار المشترك. لمزيد من مقالات سونجو يون