القرار العسكري الاسرائيلي الذي يقضي بترحيل آلاف الفلسطينيين ممن وصفهم ب المقيمين غير الشرعيين في الصفة الغربيةالمحتلة دخل حيز التنفيذ أمس الأول. وهذا القرار الذي يحمل الرقم1650 تمت المصادقة عليه من قبل قيادة جيش الاحتلال العليا يوم13 أكتوبر عام2009 دون أن ينتبه إليه أحد, أو ربما لم يأخذه الفلسطينيون مأخذ الجد في غمرة خلافاتهم, وصراعاتهم علي سلطة وهمية لن يجنوا منها شيئا. أما وقد وقع الخطر وبدأ التنفيذ فماذا كان موقفنا؟ مصر بادرت علي لسان السفير حسام زكي المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية وأعلنت رفضها القرار الاسرائيلي, وأعربت عن قلقها البالغ إزاء ما يمكن أن يترتب عليه القرار الذي اتخذته سلطات الاحتلال من توسيع لدائرة من تطبق عليهم قرارات الإبعاد من الضفة. ومصر حملت إسرائيل المسئولية الكاملة, وما يترتب علي القرار من تداعيات. ونقل احمد أبوالغيط هذا الموقف المصري بوضوح إلي الجانب الأمريكي خلال لقائه مع كل من هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية وجورج ميتشيل المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط. كما ناقش الوزير الموقف مع عدد من وزراء الخارجية المشاركين في قمة الأمن النووي في واشنطن. وقد بدت في تلك اللقاءات ردود الفعل السلبية للقرار. ومصر شددت أيضا علي أنها ستتصدي مع بقية المجتمع الدولي لمثل هذا التوجه الإسرائيلي غير القانوني الذي يهدف إلي المزيد من الضغط علي الفلسطينيين لإبعادهم عن وطنهم. وفي اجتماع طاريء لمجلس الجامعة العربية علي مستوي المندوبين الدائمين تم بحث القرار, وكيفية التعامل العربي معه, دون أن يتم اتخاذ أي قرار بشأنه وحذر السفير الفلسطيني بالقاهرة من مغبة السياسات العنصرية الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته, مطالبا باتخاذ موقف عربي يكشف للمجتمع الدولي خطورة ما تقوم به اسرائيل في الأراضي المحتلة, والبدء في اتصالات سريعة مع المجتمع الدولي لمنع اسرائيل من تطبيق قرارها العنصري الذي يقضي بتهجير آلاف المواطنين الفلسطينيين من أراضيهم. فلا يعقل أن تجلب اسرائيل اليهود من شتي بقاع الأرض للإقامة علي أرض فلسطين التي اغتصبوها بالقوة وبعد تنفيذ مجازر ضد الشعب الفلسطيني, وأن تقوم سلطات الاحتلال بطرد المواطنين الأصليين, فهذا أمر يجب عدم السكوت عليه لأنه يتنافي مع كل القوانين الدولية, ويتناقض تماما مع الاتفاقيات الموقعة, ويمثل بالفعل نكبة جديدة. ولا نستبعد أن تجيء هذه الخطوة العنصرية نتيجة الضغط الأمريكي علي إسرائيل كمساومة مقابل شيء آخر, فالاستراتيجية الاسرائيلية قائمة علي أن الفلسطينيين بقطاع غزة يمكن أن يقيموا دولة في غزة فقط, بينما تدار الضفة من قبل ثلاثة أطراف هي: اسرائيل, والأردن, والفلسطينيون بدون سيادة لأحد عليها! وقد رفض الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات هذا العرض الاسرائيلي جملة وتفصيلا. وللأسف الشديد, فإن ذلك يحدث وسط انقسام فلسطيني يغري اسرائيل بتنفيذ مخططاتها التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية برمتها. كما أن عدم وجود حكومة فاعلة للفلسطينيين يعوق بشدة قطع أي خطوات لاستعادة الحقوق والحفاظ علي المكتسبات الموجودة علي الأرض, أو التي تحققت بالكفاح الوطني والعمل السياسي والمفاوضات. ولن يوقف اسرائيل عن تنفيذ مخططاتها التوسعية إلا استعادة وحدة الشعب الفلسطيني, وتوحيد فصائل المقاومة, وتوجيه جميع أسلحتها إلي ميدان المعركة الحقيقية مع المحتل الغاصب حتي تنال مساندة الدول العربية, وترغم المجتمع الدولي علي احترام شعب مناضل من أجل حريته.