خمسة أشهر تفصل بين الصورتين...الأولى تسجل أول ظهور علنى للمرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون بعد أسبوع من إعلان فوز دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية فى نوفمبر الماضى والثانية التقطت قبل أيام خلال أول حديث صحفى تدلى به منذ هزيمتها. وشتان بين ال «هيلاريتين» إن جاز التعبير. ففى الصورة الأولى تبدو هيلارى وقد انهكتها المعركة الانتخابية الأشرس فى التاريخ الأمريكى وكست الهزيمة، ليس فقط ملامح وجهها، بل جزءا كبيرا من روحها لدرجة أنها اعترفت بأنها أحست بميل للعزلة والتقوقع على نفسها وعدم مغادرة المنزل. أما فى الصورة الثانية فتبدو هيلارى وقد استعادت جزءا كبيرا من حماسها وغلب على ملامح وجهها الشعور بالراحة والاطمئنان حتى أن نيكولاس كريستوف، الصحفى بالنيويورك تايمز الذى أجرى الحديث معها ، وصفها بأنها خرجت من قوقعتها وكأن الهزيمة قد حررتها . خلال اللقاء الصحفى كانت هيلارى أكثر استعدادا للحديث بصراحة دون الالتزام بمراقبة كل كلمة تخرج من فمها كما كانت تفعل خلال الحملة الانتخابية حتى لا يتلقفها خصومها، وبالتالى كانت تتسم بمصداقية أكبر وحدة أعلى فى توجيه الانتقادات. اتهمت كلينتون «المزاج العام» والهيمنة الذكورية بلعب دور فى هزيمتها مؤكدة أنه كلما زاد نجاح المرأة كلما زاد عدد خصومها (حتى بين النساء). وأوضحت أن الناس لا يعارضون المرأة ذات النفوذ بعقلهم الواعى ولكنه انحياز غير واع. ودعت هيلارى الشابات اللاتى تعتزمن خوض الحياة السياسية أن « يجعلن جلودهن سميكة» لحماية أنفسهن من حملات الكراهية والتشويه «المقرفة»على حد تعبيرها. كما اعترفت هيلارى بأن حزبها الديمقراطى بحاجة للتطوير وتحسين موقفه والاقتراب من الطبقة العاملة. وحول ما أثيرعن التلاعب الروسى فى الانتخابات الامريكية قالت أنها لا تعرف ما اذا كان هناك تواطؤ بين فريق ترامب والكرملين وسواء كان هناك تواطؤ أم لا فالمؤكد أنه كانت هناك جهود روسية مكثفة لتزوير الانتخابات. ودعت كلينتون إلى تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق فى الأمر. ووصفت هيلارى القرصنة الروسية للبريد الإلكترونى للحملة الانتخابية بأنها أكبر من فضيحة وترجيت! ووجهت هيلارى انتقادات لاذعة لإدارة ترامب ومواقفها من التأشيرات والتأمين الصحى والسياسة الخارجية.ورغم أنها قالت أنه ليس لديها أى خطط للمستقبل سوى مساعدة عدد أكبر من النساء على خوض المعترك السياسى ومساعدة الحزب الديمقراطى على السيطرة على الكونجرس مرة أخرى وأنها تشك فى أنها ستسعى للحصول على أى منصب رسمى، إلا أن حديثها الصحفى فتح الباب مرة أخرى لتجديد السؤال :ماذا ستكون خطوة هيلارى القادمة؟ وتبرع الكثيرون لتقديم الإجابات فهناك من ألمح إلى أنها قد تترشح للفوز بمنصب عمدة نيويورك التى كانت نائبة عنها فى مجلس الشيوخ أو أن تتولى منصبا استشاريا بالحزب الديمقراطى وتساهم فى وضع خططه المستقبلية. وهناك من اقترح أن تترشح لليونيسف وتمارس شغفها بالدفاع عن قضايا النساء والاطفال أو أن تركز جهودها فى مؤسسة كلينتون التى أنشأتها مع زوجها قبل 12 عاما. المقربون من كلينتون اكتفوا بالإشارة إلى أن وزيرة الخارجية السابقة على تواصل دائم مع الأصدقاء والمتبرعين والمستشارين للإبقاء على خطوط الاتصال مفتوحة ولم تحدد بعد ماذا ستفعل فى المرحلة القادمة بجانب الكتاب التى هى بصدد الانتهاء منه ويضم مجموعة من المقالات التى تتناول مواقفها وما اختبرته خلال السباق الرئاسى أمام ترامب. ربما يكون حلم كلينتون فى أن تصبح أول سيدة تتولى رئاسة الولاياتالمتحدة قد ضاع للأبد فبحلول الانتخابات القادمة فى2020 تكون قد بلغت الرابعة والسبعين. ولكن الواضح أنها لا تريد الابتعاد عن الأضواء بعد وربما أضافت فقرة جديدة فى التاريخ الذى سجل لها طموحها وإصرارها على «تحطيم السقف الزجاجى»ولكن سجل لها أيضا الكثير من الأخطاء والاخفاقات فى التعامل مع ملفات الشرق الأوسط.