أحسنت إدارة مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة باختيارها تكريم المخرج الكبير هاشم النحاس، صاحب الإنجازات التاريخية المؤثرة فهو صاحب تاريخ سينمائي كبير وصاحب بصمات تاريخية في مجال السينما التسجيلية والتي اعتبرها كثير من المعنيين بشئون الفن ان اعماله تعد ضميرا سينمائيا موثقا للإنسان المصري في أكثر من بيئة وزمن مختلف، وليست مجرد أفلام وثائقية تستعرض نمط حياة كما اختيرت أفلامه لتمثل مصر في المهرجانات الدولية الهامة للأفلام التسجيلية وبمناسبة تكريمه أجرينا معه هذا الحوار: كيف جاءتك فكرة مهرجان الإسماعيلية الدولي باعتبارك مؤسسه؟ أقولك ولا تزعلش، السبب الحقيقى هو غيرتى مما شاهدته فى تونس فقد سبق أن كرمت فى أحد مهرجاناتها الدولية للافلام التسجيليه والقصيرة فثار فى ذهنى لماذا لايكون لدينا فى مصر مهرجان دولى مماثل وعندنا من الامكانات الثقافية لاقامة مثل هذا المهرجان الدولى أكثر بكثير مما لدى تونس. كيف حققت ذلك ؟ فى البداية كان تنظيم واقامة مهرجان قومى لمدة 3 دورات وعندما أصبحت رئيسا للمركز القومى للسينما كان اول ما فكرت فى انجازة ان احول المهرجان القومى الى مهرجان دولى وترأست المهرجان لمدة 3 دورات، وبعدها تناوب على رئاستة عدد من كبار النقاد السينمائيين مثل سمير فريد وعلى ابو شادى، وظل مهرجان الإسماعيلية من أفضل وأحسن مهرجانات مصر. لماذا اخترت مدينة الإسماعيلية؟ كنت أفكر مبدئيا أن يكون مثل هذا النشاط خارج القاهرة التى تستأثر بكل الأنشطة الثقافية ،فكرت فى أسوان وذهبت وقابلت مسئولين فى المحافظة ولكن لم أجد منهم ما يرضينى من حماس للفكرة كما تنبهت ايضا الى مشكلة السفر الى أسوان ، ومن ثم فكرت فى الإسماعيلية مدينة جميلة خارج القاهرة لكنها فى الوقت نفسة ليست ببعيدة مثل اسوان . وكيف توافرت لك الميزانية الكافيةلإقامة المهرجان؟ كان الدعم الكبيرمن وزراة الثقافة لدرجة أن الوزير فاروق حسنى أصدر لى قرار سلطة وزير للشئون المالية لتوفير حرية الحركة والتصرف دون الرجوع إليه فى التفاصيل. السينما التسجيلية حقها ضايع هل تتفق فى الرأي؟ إلى حد ما، ولكن أعتقد أن المستقبل سيكون للسينما التسجيلية، فالاحتياج لها يتضاعف لانها هى وسيلة للتعارف والفهم والتقارب فالإنسان يريد أن يعرف ويتفاعل مع من حوله. وهل انعكس هذا المفهوم على افلامك ؟ قدمت عن الإنسان المصرى 10 أفلام مثل «النيل أرزاق» و«الناس والبحيرة» وتوشكى «يوم فى حياة قرية نوبية» و«شوا واحمد يوم فى حياة اسرة ريفية» و«البئر» عن البدو فى الساحل الشمالى وسيوة «الإنسان والأرض والتاريخ» وهى آفلام صنعت مكانتى فى السينما التسجيلية وإليها ترجع شهرتى فى الداخل والخارج ما أبزر الأزمات التى تواجه السينما التسجيلية؟ المشكلة فى السينما التسجلية كما الروائية البحث عن الممول المناسب واذا كانت الروائية تجد من أصحاب رأس المال ما يعتبرونها مجالا للاستثمار والربح فلا يوجد مثل هؤلاء الممولين فى السينما التسجيلية وظلت تعتمد فى إنتاجها على الدولة فى مصر كما هو فى الخارج ولكن بعد أن رفعت الدولة يدها عن الانتاج كان على التسجيليين ان يبحثوا عن مصادر اخرى للتمويل والآن بعد أن استطاع مايكل مور أن يصل بالفيلم التسجيلى الى مستوى جماهيرى كبير وهائل يحقق ربحا فتح امام التسجيليين الباب لاعمال مماثلة وبذلك يستطيع التسجيلى تمويل نفسه بنفسه ويكون ذلك بارتفاع مستوى العمل التسجيلى الى مستوى الفن وليس مجرد صنعه لاداء وظيفة الاعلان عن سلعة أوالاعلام عن منجزات شخصية او احداث مهمة تمر بها البلاد. هل تتذكر اول جائزة حصلت عليها؟ نعم منذ ما يقرب من نصف قرن عن فيلم النيل ارزاق انتاج 1972، فحصلت على الجائزة الفضية لمهرجان «ليتبزج» فى ألمانيا وشهادة مهرجان لندن مهرجان المهرجانات باعتبارالفيلم احد اهم افلام العام فى العالم وقتها، وبالمناسبة عند اول ظهور للفيلم اتهمت بالاساءة الى مصر لأنهم فوجئوا باهتمامى بالانسان المصرى البسيط دون تزييف . ، لكن بعد أن حصلت على اول جائزة فى الخارج بدأ الموقف يتغير حتى ينتهى الان بتكريمى .بعد تبين حقيقة افلامى باعتبارها بحثا عن هوية الإنسان المصري عندما بدأت قبل 40 عاما هل كنت تتوقع أن تصل الى هذه المكانة الرفيعة ؟ لم أكن أضع فى ذهنى الوصول الى مكانة معينة انما كنت حريص ان أتقن عملى بأقصى ما أملك من قدرة حتى يستريح ضميرى . وهل ترى أملا فى أجيال المستقبل؟ بالتأكيد وهناك مواهب مبشرة من مخرجى الأفلام التسجيلية، وخصوصا المخرجات من الشباب. فى رأيك كيف تصل الافلام التسجيلية للجمهور؟ لابد من تغيير وجهة النظر فى الافلام التسجيلية لتنتقل من مستواها كاعلان أو اعلام عن المنجزات او الشخصيات أو حتى الاحداث المهمة الى اعمال انسانية عامة يمكن للجمهور ان يتقبلها ويقبل عليها كما يفعل بالنسبة للفيلم الروائى وكما هو الحال بالنسبة للقصة والرواية والشعر وبقية الفنون عبر مشوارك ما الذى كنت تحرص عليه اثناء التصوير؟ أهم ما احرص عليه فى اثناء التصوير هو الالتزام دائما بالفكرة الأساسية المحفورة فى ذهنى فلا أصور إلا ما يرتبط بهذه الفكرة ويكملها وأنا لا أميل أن اصور الناس الا فى لحظات عملهم وانتاجهم وبالشكل الذى يرضيهم فأنا لأ أبحث عن عيوب، إنما أبحث عن جوهر الإنسان المصرى الذى يتبدى فى عمله فى إبداع الحياة من حوله. ما الحدث الذى تمنيت توثيقه؟ رغم أنى أحمل اسم تسجيلى ووثائقى إلا أننى لا أهتم بتوثيق لاى حدث بقدر ما اهتم بالمعنى الذى وراءه فإذا حصلت على المعنى يكون هو موضوع الفيلم وليس الحدث. كرمت كثيرا من مهرجانات، ولكن هذه المرة من مهرجان كنت أنت موسسه هل هناك اختلاف فى شعورك بالتكريم هذه المرة عن المرات الأخرى ؟ طبعا.. لأن هذا التكريم عن عملى فى الأفلام التسجيلية من مؤسسة تسجيلية وطنية شاركت فى تأسيسها .