لا أظن أن أحدا كان يتوقع هذا التحول الحاد فى موقف الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب من الأزمة السورية والذى كان قد حدده بوضوح فى أن العدو الرئيسى فى الساحة السورية هو تنظيم داعش الإرهابى ثم جاءت ضربة صواريخ توماهوك من البوارج الأمريكية فى عرض البحر المتوسط لتغير كل الحسابات والمعادلات وتطرح العديد من علامات الاستفهام. ومن حقنا بل من واجبنا أن ننظر إلى صواريخ ترامب بأكثر من كونها ضربة تأديب وتحذير عسكرية للنظام السورى فالمسألة أعقد وأشمل من الانزلاق إلى إبداء الفهم للحماقة الأمريكية أو التناطح بالرأس مع أمريكا ومجاراة عدوانها الذى يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي... ينبغى علينا أن نرى الصورة بشكل أكثر شمولية فى ضوء اعتبارات الوضع المعقد داخل أمريكا بسبب تزايد قوى المعارضة لسياسات ترامب داخل الكونجرس وأيضا لا يمكن لنا أن نغفل احتمالية أن تكون الضربة بمثابة رسالة بشأن صفقة القرن التى ينتوى ترامب إنجازها بوضع نهاية للنزاع العربى الإسرائيلي. فى اعتقادى أن ضربة الصواريخ قد تبدو فى ظاهرها ردا على اتهامات غير مؤكدة بشأن استخدام النظام السورى للأسلحة الكيماوية أو ورقة ضغط مؤثرة لتليين موقف دمشق من مفاوضات تسوية الأزمة السورية برعاية دولية وليس مستبعدا أن تكون بهدف إرضاء بعض الحلفاء الإقليميين لواشنطن الذين لم يخفوا غضبهم من تراجع واشنطن من التزام أوباما السابق بإزاحة بشار الأسد واستبعاده من الوجود فى الحكم ضمن إطار أى تسوية.. ولكن الضربة بتوقيتها وحجمها وتسريب معطياتها لروسيا وبالتالى لسوريا قبل حدوثها ربما يشير إلى رغبة من جانب ترامب فى التلويح بصفقة محتملة فى الملف السورى مقابل إخراج إيران وحزب الله من المعادلة السورية فى إطار التمهيد للمواجهة التى ترتجيها واشنطن بعد إنشاء تحالف سنى يستهدف وقف الزحف الشيعى فى المنطقة. وعلينا أن ننتظر لنرى فالقادم مليء بالمفاجآت مع رئيس يفكر خارج الصندوق وخارج قواعد اللعبة المعتادة!. خير الكلام: ثلاث تذهب ضياعا.. دين بلا عقل.. وقدرة بلا فعل.. ومال بلا بذل! . [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله;