كثيراً ما تجدين زميلة فى العمل مثلاً تتلصص عليك وتراقبك وتتطفل لتعرف المزيد من المعلومات عنك لتوزع أخبارك، وتتلذذ بتدمير سمعتك بما عرفته وبما نسجته من خيالها بالتفاصيل الصغيرة التى أضافتها (لتحبش الحكاية).. وتصنع منها قصصا وروايات، وربما تنسج من خيالها لتكمل الباقى من أفكارها وحسب نواياها !.. ترى ماهى أسرار شخصية تلك المتطفلة؟ وهل التطفل عادة قد يتصف بها شعب دون آخر، أو تعتبر من مفردات ثقافته؟ وهل المرأة أكثر تطفلاً أم الرجل؟ أسئلة نحاول أن نبحث لها عن إجابة فى هذا الموضوع. لتكن البداية مع د. هدى زكريا أستاذة علم الاجتماع السياسى بجامعة قناة السويس.. تقول: لاشك أن هذه الصفة تعتبر من ثقافة شعب دون آخر، فهناك شعوب لايهمها ولا يعنيها على الإطلاق متابعة الآخرين. وأعتقد أن النساء أكثر التصاقا بهذه الصفة ليس لأنهن نساء، ولكن لأن كثيراً منهن لا ينشغل بقضية مهمة، ولكن لو كانت المرأة مشبعة معنوياً ونفسياً ومهنياً فلن تجد لديها وقتا للتلصص ومتابعة الآخرين. إذن.. لماذا يتصف شعب دون الآخر بمثل هذه الصفات؟ تجيب أستاذة علم الاجتماع السياسى: فى الحقيقة أننا فقدنا حماسنا فى التركيز على هدف قومى أو قضية مهمة، وحتى القيم الدينية قلبت إلى الاهتمام بالشكل دون المضمون، ونحن فى احتياج لقضية تجمعنا وتنمى الإحساس لدينا بالانتماء وتلغى التركيز على الفردية والتلصص على الآخرين، لأننى ببساطة قد أشعر بفراغ وبضياع نفسى نتيجة لغياب هدف وقيمة لى فى داخل المجتمع. والحل سيكون تأثيره على المدى الطويل من خلال عوامل مجتمعية واجتماعية يدخل فيها أن المواطن يجب أن يشعر بكرامته وأن له مكاناً داخل هذا المجتمع، وأنه محترم، لأنه إنسان له صوت حر وقدرة على إشباع احتياجاته وبالتالى ينعكس هذا على شخصيته وتصبح لديه القدرة على البناء والانتماء، ويصبح مليئاً بالاحترام لذاته وللآخرين، لأننى ببساطة شخص محترم ولى قضية أومن بها. وبالتالى لست حاقداً على الآخرين وليس لدى وقت فراغ أضيعه فى التطفل عليهم. وأيضاً أريد أن أنبه إلى قضية مهمة، وهى قضية الخواء الدينى.. فيجب أن يتحول الدين من كلمات جوفاء ليس لها صدى فى الأخلاق ولا فى القلب ولا الضمير.. إلى معاملة وتغير فعلى محمود فى شخصياتنا. وعن أسلوب التربية ودورها فى نشأة عادة التطفل يقول د. سيد صبحى أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس: المتطفل المزعج قد يكون نمت لديه هذه العادة من خلال تربيته الخاطئة، فالأم قد ترسل ابنها لجيرانها مثلاً لمعرفة أخبارهم وتفاصيل حياتهم، وهذا التطفل صفة شخصية أكثر منه مرضا نفسيا. أما إذا اقترن بالتشهير بالآخرين فبالقطع يعتبر هذا خللاً فى التكوين النفسى. ويضيف: وبطبيعة الحال فإن أى شخص رجلاً كان أو امرأة إذا كان محبطاً ويعانى ظروفا اقتصادية سيئة وغير مشغول بهدف معين أو قيمة، أو لايشغل وقت فراغه فيما ينفعه ويطوره فكرياً وثقافياً.. طبعاً من الممكن أن يتحول إلى شخصية متطفلة. وحتى فى العمل قد يتطفل شخص على زميله لمعرفة أى معلومات عنه سواء ليفعل مثله أو ليتتبع أخباره، وفى الغالب سيكون زميله أو زميلتها شخصية ناجحة ومتطورة وتستطيع استثمار أوقاتها للإضافة لنفسها. ورغم هذا كان هناك فى الماضى تداخل جميل بين العائلات والجيران والزملاء، وكانت هناك علاقات دافئة حميمة بعيدة كل البعد عن العادات السيئة، وأبداً لم يكن بها أى نوع من التطفل أو الإساءة ولكن كان الجميع تجمعهم علاقات مودة ودفء وحب وتداخل سوى مغلف بقدر من الخصوصية. وللدين كلمة أخيرة أما عن حكم الشرع فى موضوع التطفل فيوضحه د. أحمد كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهربقوله: القاعدة واضحة.. فقد أوضح لنا المولى عز وجل ألا ندخل بيوت أحد دون استئذان، لأن هذا البيت له عورات فأى شخص لايتحرك ولا يدخل إلا بإذن صاحبه، فمن باب أولى ألا أتطفل ولا اتجسس على الآخرين لأعرف عنهم ما يحبونه وما يكرهونه. ثم إن الإسلام أكد خصوصية حرمة الآخر فحتى الطفل لايدخل على أبويه فى أوقات معينة إلا بعد الاستتئذان. أما قضية أن أتلصص على الآخرين وأضيف على كلامهم وألوث سمعتهم فهذه مصيبة كبرى، فكونى أقول على الآخر مايكره وهو فيه هذا العيب فعلاً فهذه غيبة ولو كنت أقول وأسىء إليه بشىء غير حقيقى فهذا بهتان، وعقوبة من يفعل هذا فى الإسلام الجلد ونفى الشهادة.